كوليت بهنا : سنقضي عليهم
الفقر، الغلاء، الفساد، البطالة، الأمية، الجهل، الرشوة، الانتهازية، الهجرة ،المنفعية، التعصب، الواسطة، الاحتكار، التسلط، الاستعمار ومن لف لفّه، ومئات العناوين الأخرى التي يعدنا مرشحو مجلس الشعب بالقضاء عليها حال فوزهم بالكرسي الموعود حيث أنهم واثقون أنهم بمجرد جلوسهم على هذا الكرسي السحري، حينها فقط ، سنرى كيف ستبتدئ معاركهم الكبرى والحاسمة للقضاء على كل أعدائنا الأوغاد مماتقدم .
وكي يفهم المواطن (الطلطميس) ماذا يقصدون ولايصاب بالاضطراب والارتباك من هول معاركهم القادمة يوضحون له الحالة الأخرى التي سيغدو عليها الوطن والمواطن في ظلهم ، ويحدثونه عن النعيم الذي سيعيش فيه بسببهم ابتداء من حالة الرخاء التي ستسود بفضلهم مرورا بالاقتصاد المتين الذي لن يشتد عوده إلا بعد تنظيفه "بصوابينهم" المدهشة وتحسين دخل الفرد الذي لن يتم إلا بتطبيق نظرياتهم، انتهاء بتجديد شباب الوطن الذي سينعنش ويستعيد أمجاده الغابرة بفضل "فياغراهم"، والذي قد يدفع مئات الآلاف من الأحباب بعد طول غياب للاحساس بكراهية البلدان التي اضطروا للهجرة إليها والتفكير جديا بالعودة إلى ربوع الوطن السعيد المتجدد وهم واثقون أن مرشحيهم بات لديهم قوة ومقدرة(غريندايزر) للقضاء على الأسباب التي دفعتهم للرحيل، وسينعمون مجددا بخيرات وطنهم الذي ليس لهم بديل عنه وهو حاميهم ومظلتهم و(أمهم وأبوهم) وليست المرأة هي أم الوطن كما يقول أحد المرشحين. وسينعم الجميع، عائدون أو مقيمون، بأصوات حرة واحدة ووحيدة هي أكثرية، وببيئة صحية ، وسيرون بأم أعينهم كيف سينزل المرشحون بأنفسهم بعد انتهاء الانتخابات وبسواعدهم القوية والفتية سيمسكون الليفة والصابون ويقومون بتنظيف البلد من بقايا أطنان الصمغ و الأوراق التي لم تترك جدارا أو سيارة أو عامودا أو شجرة إلا وسخرت لصورهم ، ونسامحهم هذه المرة فقط في هذا الأمر، لأن رجاء المحافظة المتكرر للمرشحين الالتزام بالأماكن المخصصة طار مع الريح، بعد أن اكتشف المرشحون أن اللوحات المخصصة لاتكفيهم ، وباتت تشبه اللوحات المخصصة للنعوات ، ماإن يلصق المرشح صورته السعيدة ويفرح فيها قليلا، يأتي بعد أقل من نصف ساعة فقط من يلصق فوقها عشرات الصور السعيدة لمرشحين ازدادت أعدادهم هذه المرة بشكل لم يسبق له مثيل، يدركون جميعا أنه في النهاية سيربح الرابحون، ويخسر الخاسرون، ويخسأ الخاسئون، ويندم الكثيرون، ويحظى ببعض الشهرة المجهولون والمنبوذون ، بعد أن تفتّح المواطن ولم يعد ساذجا ، وبات يفهم بعد أن امتلك أدوات فهمه الحداثوية والمحصورة فقط برأي أحد جهابذة المحللين بالستالايت والموبايل والأنترينت ، وربما أيضا بأقراص الـ( دي في دي) وشاشات البلازما الرقيقة رقّة إطلالة بعض المرشحين الكرابيج.
وهنا، ومن باب الانصاف والحق ، لابد من الاقرار والاشادة هذه المرة وربما أكثر مرة بوجود شفافية في حدها المقبول منحت الاعلام دوره المناط به كسلطة رابعة لتوجيه النقد المعلَن للسلبيات التي رافقت ولاتزال هذه الحالة الكرنفالية للانتخابات ، و للمرشحين أنفسهم بآلافهم المؤلفة. وانطلاقا من هذه الشفافية ، يحق للمواطن أن يشف ويحاول أن يستشف من بعض الأعضاء القدامى الذين جددوا ترشيحهم في هذه الدورة عن مصير وعودهم القديمة في الدورة الماضية والتي قام بعضهم بتجديدها حرفيا وتجديد طباعة صورهم ذاتها (بالبوزات) ذاتها. فعلى حد علمنا ازداد الفقر أضعافا في السنوات الأربع الماضية ، وهذا الكلام ليس (تبلّي ) أو من عندنا بل من أرقام واحصاءات رسمية. والغلاء استشرى بشكل هستيري، كذلك الأمر مع ارتفاع نسبة البطالة ، أما الفساد فحدث ولاحرج عنه . وبما أننا في معرض حدّث ولاحرج، لن نتحدث عن بعض الايجابيات التي حدثت ، لأن الايجابيات دوما قادرة أن تتحدث عن ذاتها ، نسأل المرشحين الجدد والقدامى ، وأيدينا على قلوبنا ذعرا، هل ستقضون فعلا على الجهل والرشوة والواسطة والانتهازية والمحسوبية والتعصب والبطالة والهجرة والفساد ؟ وإذا قضيتم على الاحتكار يعني أنكم ستقضون على الأثرياء، وإذا قضيتم على الفقر يعني أنكم ستقضون على الأثرياء ، كذلك الأمر إذا قضيتم على الغلاء ، فأنتم دون أن تنتبهوا ستقضون على الأثرياء، وبما أن الأثرياء إخواننا وبعضهم رشح نفسه ولانريد القضاء عليهم ، إذا ، لايمكن لنائب فقير لاحقا أن يقضي على نائب ثري زميله تحت قبة المجلس(مو حلوة بحقو). وعليه نعود مع هذه الدويخة إلى نقطة البداية وسؤال المرشحين عن وعودهم (بشرفكم.. عم تمزحوا معنا .. مو ؟ ) .
كوليت بهنا
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد