غزة تستغيث والعالم يتفرج

22-01-2008

غزة تستغيث والعالم يتفرج

تأهب أشقاء الفتى الفلسطيني ماهر العسلي (12 عاما) بجوار سريره، على مدار الساعة في جباليا شمالي غزة، امس، للتحرك سريعا لإنقاذ حياته عن طريق ضخ الهواء عبر مضخة يدوية، من خلال ثقب في رقبته، عندما يتوشقيق للفتى الفلسطيني المصاب بالشلل ماهر العسلي يتأهب لإنقاذ حياته عبر مضخة هواء يدوية، في حال انقطع التيار الكهربائي في غزة أمسقف جهاز التنفس الصناعي عن العمل اثر الانقطاع المحتمل للتيار الكهربائي. وقال ماهر المصاب بالشلل بصوت يكاد لا يسمع «أنا خائف... يمكن أن أختنق وأنا نائم إذا انقطعت الكهرباء فجأة... أخشى أن أموت»، فيما قال شقيقه عدي (13 عاما) وهو يضغط على مضخة هواء مطاطية «اعطيه بعض الأوكسجين... لا أريده أن يموت».
إنها عينة مصغرة من المأساة الإنسانية الرهيبة التي عانى منها، أمس، أكثر من مليون ونصف المليون من سكان القطاع، بعدما حرمهم الحصار الإسرائيلي ومنع وصول الوقود الى غزة، من كل مقومات الحياة. ودفعت الانتقادات الدولية، وتهديد المنظمات الدولية بوقف مساعداتها الى فلسطينيي القطاع، الاحتلال مساء الى السماح بإدخال شحنة واحدة من الوقود والأدوية، مع التلويح بتعليق هذه الخطوة اذا استمرت المقاومة بإطلاق الصواريخ.
وبعد ساعات من مطالبة الجامعة العربية مجلس الامن الدولي بالتحرك، عقد المجلس جلسة مشاورات في نيويورك، امس، بحث خلالها الوضع الانساني في غزة، فيما قال المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة زلماي خليل زاد «نعتقد ان اطلاق الصواريخ على اسرائيل غير مقبول وان لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها... الا ان على اسرائيل ان تأخذ ايضا في الاعتبار، عندما تقوم بالدفاع عن نفسها، تأثير ذلك على اوضاع المدنيين».
يأتي ذلك في وقت كثفت ايران اتصالاتها مع الدول العربية، معلنة عن استعدادها لاستضافة اجتماع لـ«منظمة المؤتمر الإسلامي»، في وقت عمت التظاهرات بعض العواصم العربية مطالبة بإنقاذ سكان القطاع. (تفاصيل صفحة 13).
وخلت الشوارع في غزة تقريباً من السيارات، امس، وأغلقت المتاجر أبوابها، فيما اصطف السكان في طوابير طويلة امام قلة من المخابز فتحت ابوابها، لشراء الخبز. وادى انقطاع الكهرباء الى توقف مضخات المياه والصرف الصحي، ما تسبب بحرمان مئات الآلاف من السكان من المياه، فيما اقتصر عمل كثير من المنشآت الطبية على استقبال حالات الطوارئ وإجراء العمليات الجراحية العاجلة.
وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) و«منظمة الغذاء العالمي»، اللتان توفران المساعدات العينية لـكثر من 1.1 مليون شخص في القطاع، انهما مرغمتان، بسبب نقص الوقود واغلاق المعابر، على وقف نشاطهما بحلول يوم الخميس.
واعتبر وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، من جهته، أن سياسة اسرائيل في غزة تشكل «رد فعل لا يمكن تفهمه من جانب الرأي العام الدولي... لا يمكن لأحد ان يبرر اطلاق صواريخ من غزة على الاراضي الاسرائيلية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن تقبل العقاب الجماعي لشعب بأكمله عبر قطع الخدمات الرئيسية وتبني اجراءات تضر حتى بعمل المستشفيات».
ودفعت هذه الانتقادات وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك إلى الموافقة على إدخال شحنة واحدة من الوقود والادوية الى القطاع.
وقال باراك امام مؤتمر هرتسيليا «علينا ممارسة ضغط والمزيد من الضغط في غزة... إذا كان هذا الهدوء يحتاج إلى زلزلة الأرض في الجانب الآخر، فسنزلزلها»..
وبعد إعلان باراك قراره، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه ان الرئيس محمود عباس «نجح في إقناع الجانب الاسرائيلي باعادة تزويد قطاع غزة بالوقود» والادوية. اضاف ان عباس «يكرر استعداده لاستلام وفتح معابر غزة تسهيلاً لحركة المواطنين الفلسطينيين في القطاع».
وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم ان الحركة ستدرس الاقتراح، فيما اعتبر رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إن «اعادة الكهرباء والوقود بالتدريج او دفعة واحدة خطوة تصوب الوضع الخاطئ، لكنها ليس ما يتطلع اليه اخواننا في الضفة وغزة ولا اهلنا في الداخل والخارج. الرسالة التي اريد ان اوصلها ان العنوان الحقيقي هو رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني عن غزة»، مضيفاً «نرحب بجهود الجميع في الضفة (السلطة) والخارج ومن كل المواقع والفصائل».
في المقابل، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت «لن نسمح بحدوث أزمة انسانية في غزة... ولكننا لن نتركهم على أي حال ينعمون بحياة مريحة وسعيدة. في رأيي يمكن لكل سكان غزة السير على الأقدام والاستغناء عن وقود سياراتهم، لأن لديهم نظاما إرهابيا قاتلا لا يسمح للسكان في جنوب اسرائيل بالعيش في سلام».
وكانت الجامعة العربية قد قررت، إثر اجتماع عاجل للمندوبين الدائمين في مقرها في القاهرة، طلب عقد جلسة لمجلس الامن للبحث في الحصار على غزة التي اعتبرتها «منطقة منكوبة»، والطلب من بان كي مون «إجراء تحقيق دولي في الجرائم الاسرائيلية».
ودعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، عباس إلى التوقف عن استقبال اولمرت «بالقبلات كلما التقيا»، مشيراً الى انه تقرر إدراج الوضع في غزة كبند رئيسي في اجتماع وزراء الخارجية يوم 27 من الشهر الحالي.
اما إيران، فقد جددت الدعوة الى عقد اجتماع طارئ لـ«منظمة المؤتمر الاسلامي» لبحث الوضع في غزة مقترحة استضافته. وأجرى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد سلسلة من الاتصالات الهاتفية شملت الملك السعودي عبد الله والرؤساء السوري بشار الاسد والمصري حسني مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الدوري للمنظمة رئيس الوزراء الماليزي عبد الله أحمد بدوي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
من جهته، أجرى وزير الخارجية السوري وليد المعلم اتصالات هاتفية بنظرائه الايراني منوشهر متكي والقطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والماليزي سيد حامد البار والاسباني ميغيل انخل موراتينوس والتركي علي باباجان، لبحث «تطورات الوضع الخطر في غزة».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...