عنف البنات.. مشكلة.. أم حل؟
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة لم تكن موجودة من قبل وهي عنف البنات فقد أصبحت الفتيات اليوم أكثر ميلا للعنف من الأمس حتى غدا العنف من عادات الفتيات وسلوكهن المعتاد وأصبح تصرفهن الذي تمارسنه في الحياة وفي الشارع وبالمنزل ومع صديقاتهن وأصدقائهن حتى مع آبائهن وأمهاتن.
أما في السابق فكانت الفتيات يتصفن بالهدوء واللطافة والوداعة وقد يصل بهن الأمر إلى الخنوع والاستسلام.
اليوم نجد البنات يعبرن عما بداخلهن من عصبية وتوتر واضطهاد بالاعتداء اللفظي على الآخرين وقد يصل بهم الأمر إلى الاعتداء بالضرب.
فما سبب هذه العصبية وما سبب هذا العنف؟ ما نتائجه وما أسبابه وكيف نتخلص منه..؟
ونعود لنتساءل هل أدت الحياة المدنية إلى اكتساب الفتيات العنف وخاصة بعد ارتفاع مستوى المعيشة وازدياد احتياجات الفتيات واتجاه معظم الفتيات إلى العمل واعتمادهن على ذواتهن في تأمين كافة احتياجاتهن بنفسهن دون اعتمادهن على أهلهن أوالآخرين.
أو أن مغريات الحياة التي تمارس عليهن أنهن لايستطعن أن يقاومنها كبيرة جداً حتى أنها لاتستطيع أن تقاومها إلا باستخدامها لبعض العنف سواء اللفظي أو الفعلي حتى تعبرن عن الضيق الذي بداخلهن أو عن حالتهن النفسية والعصبية التي تجعلهن متوترات ومن حالات الفتيات اللواتي تمارسن العنف:
راما الجندور تقول : أنا الفتاة الوحيدة بمنزلي, كافة إخوتي صبيان لذلك منذ الطفولة ونحن نلعب معاً ألعاباً تخص الصبيان مثل كرة القدم واستخدام ألعاب الحرب والضرب والمصارعة حتى إن والدي يعاملانني مثلهم أي كأنني صبي رابع في المنزل وبذلك أصبحت تصرفاتي كلها مثل تصرفات الصبيان تماماً دون أن يكون هناك أي فارق بيني وبينهم حتى في الملابس وتسريحات الشعركانت والدتي تقص لي شعري باستمرار قصيراً وتسرحه كتسريحة إخوتي ذلك كله يجعلني استخدم الضرب والعنف مع صديقاتي وزميلاتي في المدرسة باستمرار حتى طريقة مشيتي لاتشبه مشية صديقاتي بل تشبه طريقة مشي إخوتي الصبيان فلا أمشي أبداً بهدوء كما تقول لي صديقاتي إنما أقفز وأجري مثل إخوتي تماماً.
كان والديّ أميين يجهلان القراءة والكتابة حتى أنهما لم يكونا على أدنى مستوى من الوعي فكانت معاملتهما لنا هي الضرب والصراخ والشتيمة باستمرار حتى غدت حياتنا أنا وأختي كلها مليئة صراخ والضرب والشتيمة كذلك فلا نستطيع أن نتعامل مع بعضنا إلا بهذه الطريقة كون أسرتي تتعامل معنا كذلك فكيف نحن نتصرف بغير ما تعلمنا أن نكون غير والدنيا؟ من أين سنتعلم اللطف والهدوء إن كانت والدتي بمجرد حديثها معنا تبدأ بالصراخ والشتيمة وكذلك والدي وإخوتي.
ونحن تعودنا على هذا الوضع منذ السابق.
لينا الحسون والديّ لم ينجبا إلا البنات لذلك كانا باستمرار يخبراني إنهما يتمنيان أن أكون صبياً فقد سجل لي والدي كل أنواع الرياضة التي يسجلها الصبيان فأنا أمارس الجودو والكاراتيه حتى إن أهلي سجلوا لي دورة لتعلم القتال والدفاع عن النفس وأمي كانت باستمرار تقول لي ولإخوتي البنات لاتدعن أحداً يفوز عليكن لا باللفظ ولا بالضرب أتمنى أن تكن باستمرار على مستوى عال من تحمل مسؤولياتكن بأنفسكن وأن تدافعن باستمرار عن أنفسكن.
هيفاء دحور تقول: أنابدأت العمل منذ أن كان عمري خمسة عشر عاماً وكنت اذهب لوحدي للعمل ودوامي طويل أعود بالمساء لذلك كان من الضروري أن أكون قوية واعتمد على نفسي باستمرار سواء داخل العمل أو في الشارع أو في وسائط النقل لأنه ما من فتاة إلا وتتعرض لبعض المضايقات لذلك عليها أن تتعلم كيف تحمي وتدافع عن نفسها.
فريال الحافظ مرشدة نفسية بإحدى مدارس مدينة دمشق تقول: إن التنشئة الاجتماعية هي العامل الرئيسي تربية البنات لأن الأسرة هي المدرسة الأساسية لكل طفل ومايتعلمه فيها يبقى معه طوال حياته وعن طريقها يكتسب قيمه الاجتماعيه و تتوضح معايير سلوكه كذلك تتوضح علاقاته مع الآخرين ونرى أن سبب لجوء بعض الفتيات للعنف أن بعض الأسر تكون متصدعة أي إنها لاتساوي بين الذكر والأنثى وهذا له أثر كبير في اتساع الهوة بين الرجل والمرأة لذلك يجب على الآباء إعطاء البنات قدراً مناسباً من المعلومات, من أهم الاحتياجات النفسية لنموبناتهم وكذلك مساعدتهن على حل مشكلاتهن بطرق سليمة حتى يتحقق التوازن النفسي ويكن بعيدات كل البعد عن الانفعال والتوتر والضغط.
ميساء العجي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد