عمال لبنان يضربون غداً احتجاجاً على الزيادات الهزيلة للأجور

06-05-2008

عمال لبنان يضربون غداً احتجاجاً على الزيادات الهزيلة للأجور

لم تنجح الحكومة في امتصاص «الغضب» الذي ولّدته سياسة المماطلة واجتزاء الحقوق وهدرها، فقد قرر الاتحاد العمالي العام صباحاً المضيّ في تنفيذ الإضراب العام غداً الأربعاء بمعزل عن قرارات مجلس الوزراء في جلسته المسائية، أمس، التي وصفها بيان الاتحاد بأنها «مسخ»، في ضوء المعلومات المشاعة قبلها.
فقد عقد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي جلسة استباقية له، وقرر أن يجعل من يوم الإضراب يوماً «صاخباً»، إذ قرر الدعوة إلى اعتصامات في بيروت والمناطق وفي بعض المرافق والمؤسسات الحسّاسة، منها المطار، ولكنه أرجأ إعلان هذه الخطوات التصعيدية إلى اليوم، حيث سيعقد رئيس الاتحاد غسان غصن مؤتمراً صحافياً عند الواحدة من بعد الظهر في مقر الاتحاد، وقالت مصادر مطّلعة إن الإرجاء سببه إعطاء المزيد من الوقت لحسم القرار في شأن اقتراح تقدّم به بعض أعضاء القيادة العمالية ويرمي إلى تنظيم تظاهرة حاشدة باتجاه السرايا الحكومية في وسط بيروت.
وقال أعضاء في المجلس التنفيذي للاتحاد إن رؤساء الاتحادات طرحوا أفكاراً عدة لآليات تنفيذ الإضراب العام، وتوافقوا على تحديد أماكن تجمّع لتنفيذ الاعتصامات أمام المؤسسات العامة والخاصة وفي الساحات العامة، فيما ذهب آخرون إلى طرح تحرّك أشد إيلاماً يرمي إلى تنفيذ التظاهرات، ويكون هدفها الرئيسي السرايا الحكومية...

وكان غصن قد رأى في مؤتمر صحافي عقده على إثر الجلسة، أمس، أن «عدم تحقيق مطلب الاتحاد المعروف برفع الحد الأدنى للأجور إلى 960 ألف ليرة وبتصحيح الأجور على أساس غلاء معيشة بنسبة 63.30 في المئة يعني أن الإضراب سيكون واقعاً». ويعقد، اليوم، الاتحاد العمالي العام مؤتمراً صحافياً يسبقه اجتماع لهيئة مكتبه بهدف «إعلان خطة التحرك التي سيتم الاتفاق عليها، ومن أجل تأكيد تنفيذ الإضراب من دون أي إرباكات قد تنجم عن قرار مجلس الوزراء بإصدار مرسوم غلاء معيشة». وسيوجه الاتحاد رسالة مضمونها متعلق بمسؤولية القوى الأمنية في حفظ أمن الإضراب، محذّراً من «دخول طابور خامس يعكّر سلمية التحرّك».
وأوضح أحد قادة الاتحاد لـ«الأخبار» أن التحضيرات للإضراب العام مستمرة ومتواصلة لإنجاح التحرك، لافتاً إلى أن الاجتماع الطارئ الذي انعقد أمس لمناقشة الآليات التنفيذية للإضراب «يتخطى أي قرار صادر عن مجلس الوزراء بالنسبة لتصحيح الأجور»، ولذلك سيقوم الاتحاد «بكل ما يلزم لإنجاح خطة تحركه»، مشيراً إلى أن المجلس التنفيذي طلب أمس من الاتحادات النقابية تحديد الآلية المناسبة لها لتنفيذ الإضراب في أماكن وجوده. وعلى سبيل المثال سينفذ عمال المصالح المستقلة اعتصاماً أمام مباني المؤسسات التي يعملون فيها، وسيتوقفون عن القيام بأعمال الصيانة في المياه والكهرباء وسينسحب الأمر على موظّفي وعمال الأقسام في المطار، وفي كل اتحاد ونقابة «كيفما تسمح الآلية التنفيذية»...

وبالنسبة لبعض أعضاء «هيئة الإنقاذ» المحسوبة على قوى 14 آذار، فإن بعض قادتها ربطوا بين القرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء وبين مشاركتهم في الإضراب مثل رئيس التكتل النقابي المستقل جورج العلم الذي كان قد خفض السقف الذي يرضى به لتصحيح الأجور إلى 200 ألف ليرة على الشطور ضمن سقف للراتب حدده بمليوني ليرة. وأشار أعضاء آخرون في هيئة الإنقاذ إلى وجود خلافات على نسب الزيادة بين وزراء الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية من جهة، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وفريقه، مثل وزيري المال والاقتصاد جهاد أزعور وسامي حداد من جهة ثانية. إذ يدفع «الاشتراكي» و«القوات» باتجاه رفع قيمة الزيادة لتشكل مكسباً لفريقهم النقابي ولامتصاص النقمة الشعبية والتخفيف من إمكان نجاح الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام وقوى المعارضة من ورائه.

ورأى أحد أعضاء لجنة المتابعة في هيئة الإنقاذ أن أي زيادة هزيلة لتصحيح الأجور هي بمثابة مساهمة في تزخيم الإضراب، وعلى العكس، فإن الزيادة غير الهزيلة ستتمكن من إفشاله في مهده بشرط أن تكون كالآتي: رفع الحد الأدنى إلى 500 ألف ليرة وزيادة مقطوعة على الأجور تبلغ قيمتها 250 ألف ليرة ضمن سقف مليوني ليرة، ضمنها 50 ألف ليرة تحتسب كزيادة على بدل النقل، أو «ما يساوي أقل من هذه القيمة بقليل».
إلا أن السنيورة وفريقه لم يقبلوا في المناقشات بين أفرقاء قوى السلطة التي سبقت اجتماع مجلس الوزراء، بأن تنال الرواتب التي تفوق مليوناً و200 ألف ليرة أي زيادة.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن أحزاب المعارضة اتخذت قراراً في اجتماعها الأخير بدعم الإضراب وحشد المناصرين له، وقد استكمل هذا الأمر في اجتماع عقده لقاء الأحزاب في صيدا الذي دعا «إلى أوسع مشاركة شعبية... وإلى المشاركة الفاعلة في الإضراب الشامل المنوي تنفيذه في السابع من أيار».
ورأى بيان الاتحاد العمالي أن الحكومة وأصحاب العمل يصرّان على «إهانة العمال والأجراء وموظفي القطاع العام والاستهتار بحقهم من خلال الإصرار على رفع الحد الأدنى بنسب وأرقام سخيفة لا تتعدى 150 ألف ليرة و«بإصدار مرسوم مسخ من دون الالتفات إلى الانهيار الكامل للأجور». وأضاف البيان أن أي دعوة للامتناع عن تنفيذ الإضراب «من أي جهة أتت هي دعوة مريبة وخدمة مجانية أو مدفوعة لأصحاب الاحتكار والسياسات الظالمة».

- أعلن عدد من نقابات المهن الحرة والاتحادات العمالية والزراعية والسائقين العموميين مشاركتهم في الإضراب، تحت عنوان مواجهة الاحتكارات وغلاء الأسعار وعدم قبول الحكومة بدعم أسعار المشتقات النفطية وخفض أكلاف الهاتف الخلوي وغيرها...
وأيّد تجمّع هيئات العاملين في المهن الصحية والطبية المساعدة المشاركة في الإضراب، وصدر عن اللجنة الاجتماعية في «تجمّع الأطباء في لبنان» نداء للتوقف عن العمل في العيادات والمراكز الصحية والمستوصفات، لمدة ساعتين، ابتداءً من التاسعة صباحاً، ما عدا العاملين في أقسام طوارئ المستشفيات.
وأعلنت نقابة موظفي وعمال إدارة حصر التبغ والتنباك أنها ستلبّي دعوة الاتحاد العمالي، وستشارك بفعالية في الإضراب، لتجعل من 7 أيار يوماً مفصلياً. وأوضح بيان صادر عن المجلس التنفيذي لنقابة عمال بلدية بيروت أنه يؤيّد «بشكل كامل الإضراب». وطالبت النقابات العمالية في صيدا والجنوب بإطلاق شمولية التقديمات الاجتماعية لكل القطاعات العمالية. وأعلنت نقابة العمال الزراعيين في لبنان مشاركتها «احتجاجاً على سياسات الحكومة الإفقارية»، فيما دعا المجلس التنفيذي لنقابة مستخدمي وعمال الشركة اللبنانية للنقل الجوي «لات» مستخدمي الشركة إلى الالتزام بالإضراب. وطلبت المنسّقية العامة لهيئة التنسيق النقابية الطبية من الأطباء وأطباء الأسنان التوقف عن العمل يوم الأربعاء لمدة ساعتين. أما تجمّع الممرضات والممرضين والقابلات القانونيات فدعا «إلى المشاركة الكثيفة»، وأقر المجلس التنفيذي لنقابة عمال الطباعة في الشمال المشاركة في الاعتصام الذي دعا إليه اتحاد عمال الشمال في ساحة التل في طرابلس لمدة ساعة واحدة من يوم 7 أيار المقبل.

محمد وهبة

المصدر: الأخبار

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...