طبيب سوري يحرز تطوراً في جراحة الأوعية بأمريكا
لقد كان حديث الساعة في الآونة الأخيرة، فقد اهتم الراديو والتلفزيون وانشغلت الصحافة في ولاية ساكسونيا أنهالت الألمانية بالتطويرات الجديدة التي أدخلها الدكتور زهير هلول.
رئيس قسم جراحة الأوعية في مشفى جامعة مَجديبورج، وهي عاصمة الولاية، على المعالجة الجراحية لتوسع الشرايين وتكيّسها، وذلك بالقيام بتبطينها بأنبوبٍ بلاستيكي من دون أن يقوم بشق البطن مستخدماً التخدير الموضعي فقط ومنقذاً بذلك أرواح الكثيرين من المرضى المصابين بهذه الأمراض المميتة في أغلب حالاتها.
فقد تم في نهاية العام الماضي في مشفى الجامعة الجراحي إجراء عملية على أم الدم الأبهرية المنفجرة لإنقاذ حياة أحد المرضى تم فيها تبطين الأبهر المنفجر في البطن وذلك باستخدام تخديرٍ موضعي فقط. وهي طريقة تستخدم عند الضرورة وتجرى لأول مرة في ولاية سكسونيا بطريقة جراحية طورها الدكتور الجراح هلول وجعلها بسيطة لا تستدعي شق البطن ولاتترك أثراً يذكر على جسم المريض.
إن مرض تكيس الأبهر الذي تتفرع منه بقية شرايين الجسم والذي يمر في البطن هو مرض وعائي خطير وتؤدي الإصابة به إلى توسع الشريان في المنطقة المصابة حتى تأخذ شكل بالون منتفخ ويسميه الأطباء بالتكيّس. وسبب هذا التكيّس هو تكلّس وتكيّس واضح للشريان المريض.
والمشكلة الأكبر على الإطلاق والتي كانت ومازالت تواجه الجراح هي مسألة مراقبة النزيف وتزويد المريض بالدم اللازم بعد انفجار الشريان وحدوث النزيف. فبينما لم يكن في المستطاع حتى الآن إجراء هذه العملية إلا بالتخدير العام للمريض ثم إجراء شقّ كبير للبطن بعملية اضطرارية يجب أن تحصل بالسرعة الكلية، استطعنا اليوم إجراؤها ولأول مرة في تاريخ هذه الجراحة بتخدير موضعي فقط ودون شق البطن.
وهذا ما يوضحه لنا كبير الأطباء الدكتور زهير هلول، الذي أجرى العملية الاضطرارية لمريض كبير في السن: «إن توسع الأبهر مرض يستمر أعواماً طويلة قبل أن يشعر المريض بالألم، ويمكن الكشف عنه بالتصوير الشعاعي. المشكلة تتفاقم إذا لم يكتشف المرض مبكراً، إذ قد يؤدي التوسع مع الزمن إلى انفجار الشريان، هذا الانفجار يؤدي حال حدوثه إلى خسارة دم تضع حياة المريض في خطر شديد. بالرغم من التطور الكبير الذي حدث في السنوات الأخيرة في مجال جراحة الأوعية ورغم التطور في مجال العنايه المشددة التي تجري بعد العملية عادة فإن احتمال موت المريض مازال قائماً بنسبة ملحوظة. وكما نعلم فقد مات من جراء هذا المرض أحد أهم أعلام الإنسانية في مجال الفيزياء وهو ألبرت أينشتاين».
ويتابع الدكتور الخبير هلول ناصحاً «بإجراء عمليةٍ وقائية حين يصل التوسع الحاصل للشريان الى 5 سم، وذلك بتعويض المريض عن المنطقة المتوسعة من الشريان ببدلة وعائية اصطناعية، وهي عملية ناجحة على الأغلب حين يكتشف المرض مبكراً نسبياً، حيث يمكن تحديد موعد لعملية يخطط لها وتدرس مسبقاً بشكلٍ دقيق. مثل هذه العملية تجرى باستخدام أوعية اصطناعية مبطنة للشريان تعوض عن كامل المنطقة المصابة. حيث تدخل البدلة الأنبوبية الملفوفة والمجهزة من مصدرها على شكل سكّة عبر أنبوب يدخل في شريان الفخذ و يدفع باتجاه المنطقة الشريانية المتوسعة، وحين وصوله إلى هناك تنفتح هذه البدلة تلقائياً. هذه الطريقة البسيطة جراحياً تتطلب أن تكون منطقة ماتحت التفرع الشرياني الذاهب إلى الكليتين وحتى منطقة التوسع وبطول لايقل عن 5،1 سم غير مريضة وذلك لتعشيق البدلة الاصطناعية في الأبهر وتثبيتها. كما يجب أن لا يكون هناك أي مرض انسدادي شرياني في أوعية الحوض لتسهيل وصول الطعم الاصطناعي إلى المنطقة المتوسعة». ثم يتابع الدكتور الجراح قائلاً:
بعد تشخيص المرض يبدأ الطبيب الجراح بالبحث عن البدلة الاصطناعية المناسبة للتركيب في شريان المريض، بشكلٍ يجنبه فيها إجراء عملية كبيرة يتم فيها فتح المريض في المنطقة الأمامية بشقّ يمتد من أسفل الصدر وحتى أسفل البطن ولتقليل المضاعفات التي قد تنتج عن مثل هذه العملية إلى الحد الأدنى. ويضيف الدكتور هلّول بأنه ومنذ حوالي السنة والنصف لم تعد تجرى مثل هذه العملية في مشفاه الجامعي باستخدام التخدير الكّلي للمريض بل بوساطة التخدير الموضعي. وهذا ماجلب معه الكثير من الفوائد ولاسيما للمرضى الخطرين والذين قد لايتحملون مخاطر عمليات شق بطن كبيرة. ولإجراء مثل هذه العمليات بنجاح لابد من توفر فريق طبي له خبرة ودراية مسبقة بهذه الطريقة الجراحية ، إلى جانب هذا كله لابد من توفر إمكانات وأجهزة الفحص اللازمة لمثل هذه العمليات. بهذه الطريقة الجديدة فقد استطعنا أن نقلل والى حد كبير من المضاعفات الخطيرة التي كانت تنحم عن عمليات أم الدم الأبهرية».
لقد تم توضيع البدلة البلاستيكية وتثبيتها باستخدام التخدير الموضعي في جسم مريضٍ عمره 83 عاماً، والذي أدخل العناية المشددة بعد انفجار الشريان الرئيسي في البطن والذي تتوزع منه شرايين الساقين في منطقة ما تحت تفرع شرايين الكليتين، إذ بلغ قطر توسعه 5،8 سم .
بقي أن نقول: إن الأطباء من أصلٍ سوري العاملين في مستشفيات العاصمة الإقليمية مَجديبورج الخاصة منها والعامة هم نعمة لهذه المدينة وأهلها، فهم من خيرة أطبائها وأمهرهم ولهم سمعة كبيرة تجاوزت حدود الولاية، فالمرضى يأتون من أقصى الغرب وأطراف الشمال للتداوي على يدي الأطباء السوريين ليس فقط في الجراحة بل أيضاً في أمراض القلب ونقل الدم وغسل الكلى وفي أمراض التنفس وسرطانات الجهاز التنفسي. إنها سورية، أمّ أوروبا وصاحبة أولّ أبجديةٍ في تاريخ البشرية، ومن ضمنها أبجدية الطّب والتداوي طبعاً.
وحيد نادر
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد