شركات الطيران الكبرى في الخليج... تسريح موظفين وخسائر بالملايين
دمّر فيروس «كورونا» الطلب على السفر في معظم أنحاء العالم، وبسببه منيت شركات طيران كبيرة بخسائر جمة، لن تتمكن من تعويضها إلا بعد فترة طويلة وبمساعدات حكومية طائلة. خسائر أولى نتائجها طرد عدد كبير من الموظفين.
ورغم الانتشار المتواصل للفيروس، والمخاوف من بدء موجة ثانية في معظم البلاد، باشر الكثير من الخطوط الجوية العالمية إعلان موعد عودته لبدء إطلاق طائراته، واستقبال الحجوزات.
في المنطقة العربية، كان لشركات الخليج النصيب الأكبر من الخسائر، تبعاً لحصتها في سوق النقل الجوي. وبحسب أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، أقوى وأكبر الخطوط الخليجية، فإن تعافي الطلب على السفر سيحتاج الى سنوات؛ وأكد الباكر أنه سيكون «مندهشاً للغاية» إذا تعافى الطلب على السفر قبل عام 2023 أو 2024.
الخطوط الجوية القطرية لا تزال حالها أفضل بكثير من الشركات الأخرى، فهي من الخطوط الجوية القليلة التي واصلت عملها، وأبقت على عدد قليل من وجهات نقل الركاب، بينما استمرت رحلات الشحن الجوي من دون انقطاع. فواصلت تسيير رحلاتها إلى أكثر من 30 وجهة، ما ساعد أكثر من مليون مسافر على العودة إلى بلدانهم خلال الشهرين الماضيين.
هذا لم ينفع الشركة بشكل كبير، إذ وصل الأمر بها، وهي أكبر الناقلات في منطقة الشرق الأوسط، الى تسريح ما يقرب من 20% من قوة العمل لديها.شركة الطيران المملوكة للدولة لا تملك بديلاً آخر، بحسب ما قال الباكر. يأتي هذا القرار رغم اقتراب بدء تشغيل الشركة رحلاتها تدريجياً إلى 52 وجهة بنهاية هذا الشهر، وإلى 80 وجهة بنهاية حزيران المقبل، من ضمنها 23 وجهة في أوروبا، و4 وجهات في الأميركيتين، و20 في الشرق الأوسط وأفريقيا، و33 في آسيا.
سيكون التشغيل بما يتماشى مع تزايد الطلب على السفر الجوي، لكن الشركة لن تعتمد على هذا الشأن فقط، إذ إن الخطوط الجوية القطرية ستحصل على قروض بقيمة مليارات الدولارات من البنوك للبدء بإعادة بناء شبكتها التي تضررت.
جاء ذلك بعد البدء باستنزاف السيولة النقدية لديها، ومثلها طيران الإمارات، منافسة القطرية الأولى في الخليج، التي تسعى بشكل حثيث للحصول على تمويل من مقرضين.
لم تكن الخطوط الجوية القطرية الوحيدة التي أخذت قراراً بتسريح الموظفين. فقد سبقتها «مجموعة العربية للطيران»، وهي شركة طيران خاصة إماراتية، تتخذ من مطار الشارقة الدولي مركزاً لعملياتها. كذلك، أكدت «العربية للطيران»ـ في بيان لها، أن هذا الإجراء «سابقة تعد الأولى من نوعها في مسيرتها التشغيلية في ظل تواصل جائحة كورونا».
بدورها، قامت شركة «طيران الإمارات» المملوكة لحكومة دبي بخفض الرواتب الأساسية «مؤقتاً»، بنسب تراوح بين 25% و50% لغالبية العاملين فيها لفترة ثلاثة أشهر، من دون إلغاء الوظائف.
اتحاد النقل الجوي الدولي «إياتا»، عرض المشاكل الجمة التي لحقت بالشركات أجمع. بدأ بشركات الطيران السعودية، وبيَّن أن إيراداتها الأساسية قد تتراجع بنحو 3.1 مليارات دولار، إضافة إلى أن 140 ألفاً و300 وظيفة ستكون معرضة للخطر.
أما شركات الطيران الإماراتية، فستتراجع إيراداتها إلى 2.8 مليار دولار، في حين ستكون 163 ألف وظيفة معرضة للخطر. في السياق نفسه، توقع «إياتا» أن تؤدي الاضطرابات الراهنة في السوق إلى تكبيد شركات الطيران في البحرين خسائر تصل إلى 204 ملايين دولار، كما ستضع 5100 وظيفة في خطر.
الكويت ليست أفضل حالاً من أي منها. إيراداتها ستتراجع قرابة 547 مليون دولار، كما سيكون أكثر من 19800 وظيفة في خطر. شركات الطيران في سلطنة عُمان لم تكن حالها مختلفة، إذ إن إيراداتها ستتراجع إلى 328 مليون دولار، وسيفقد قرابة 36700 موظف أعمالهم.
بناءً على هذه المعطيات، يرى الباكر أن العديد من شركات الطيران سيُفلس، وأن مستقبل قطاع الطيران سيعتمد على الشركات التي ستقوم باتخاذ «قرارات ذكية للغاية وحذرة للغاية».
وفوق كل هذا، لم يكن مستغرباً على الإطلاق أن يبحث مجلس التعاون الخليجي خطط تعافي قطاع الطيران المدني وانسيابية عودة التشغيل، في مسعى منه لعودة الحياة إلى هذا القطاع الذي تضرر بشدة بعدما أوقفت غالبية شركات الطيران الخليجية رحلاتها إلى العالم.
اجتماع جاءت نتائجه سريعة، إذ سارعت شركة الاتحاد للطيران، الناقل الجوي الرسمي لحكومة أبو ظبي، إلى الإعلان أنها ستستأنف رحلاتها ابتداءً من 16 أيار المقبل، بعد تأجيله مرة واحدة بسبب استمرار «كورونا». كما أكدت أنها ستقبل حجوزات جديدة للرحلات الجوية في جميع أنحاء شبكتها، ابتداءً من 16 حزيران المقبل.
ومثلها، أعلنت الناقلتان الإماراتيتان؛ «طيران الإمارات» و«فلاي دبي»، استئناف عملياتهما التشغيلية على نطاق محدود وبشكل منتظم إلى 32 وجهة في الإجمال، مع حصول موافقات حكومية على جميع الرحلات.
إضافة تعليق جديد