شبابنا والانتخابات: كلما كثرت الشعارات زادت أحوالنا سوءاً
الجمل ـ خلود حدق:الانتخابات باتت على الأبواب.. لافتات وصور وشعارات ووعود في كل مكان في الشوارع وعلى الباصات والجدران والسيارات.وعلى اثر هذه الحملات الانتخابية انقسم الناس إلى قسمين: الأول تشغله الانتخابات وتسيطر على حديثه أينما حلّ وارتحل، وأهم الأخبار التي يتقصاها هي جولات المرشحين وشعاراتهم ومجاملاتهم ودعواتهم المجانية.والثاني فقد الثقة وقرر أن يدير ظهره ويترك الجمل بما حمل لأصحاب الوعود التي يتمنى ألا تكون كسابقاتها.
أما شيوخ القبائل ومخاتير القرى والنواحي والحارات فهم في حركة مكوكية دائمة كل يسعى إلى شدّ اللحاف إلى طرفه كما يُقال.أما السادة المسؤولين فقد حطّت على حضرتهم نسمات من السكينة جعلتهم أصحاب قلوب واسعة وصدور مفتوحة تتسع للجميع، والأقفال السبعة الموجودة على أبوابهم لتوصد في وجه المواطن فهي في إجازة عن العمل ريثما تمر سحابة الانتخابات.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: أين الشباب في هذا الزحام؟! ما هو رأي الذين يشكلون 60% من عدد سكان القطر؟! أين بصمتهم في انتخاب عضو مجلس الشعب المنتظر؟!وهل يمكن لرؤساء العشائر أو المخاتير أو أي كان أن يؤثر على قراراتهم؟
الصحفي مضر الأسعد يؤكد على أنه لن يقاطع الانتخابات كما سيفعل البعض، لكنه في الوقت نفسه لن ينتخب أحداً، بل سيرمي في صندوق الاقتراع ورقة بيضاء لتكون رسالة عدم قناعته بأي من المرشحين، وذلك للعديد من الأسباب، فيقول:بصراحة لا يوجد مرشح يمكن أن يقنعني بشعارات تدل على أنه يريد أن يحقق شيء للمجتمع سوى المصالح الشخصية أو المكانة الاجتماعية أو التطلع السياسي.أما بالنسبة لمرشحي الجبهة الوطنية التقدمية فأغلبهم لا تعرفهم سوى عائلاتهم وبجرة قلم يصبحوا أعضاء في مجلس الشعب ومثلما دخلوا خرجوا من تحت قبة البرلمان دون أن يتركوا أي أثر أو تأثير، والقسم الأكبر منهم لا يصلح إلا لأن يكون......!!.
أما ندى- طالبة جامعية، فقد ردت على سؤالنا هذا ممازحة: (سأنتخب من هو أكثر وسامة)، وتضحك، ولكن الذي اتضح لنا أنها تمزح وتؤيد من سبقها بالرأي وتقول: لا تصدقوا فأنا أمازحكم، حتى أنني لم أدقق أبداً بصورة أو شعار أحد من المرشحين لأنني لا أقتنع بأي منهم وأحس بأنه كلما كثرت الشعارات زادت أحوالنا سوءاً، ولا نجد أنفسنا إلا وقد وقعنا في شباك الكلام المعسول، حتى أنني لا أملك بطاقة انتخابية، وليس لدي الوقت لكي أحصل على واحدة.
صمتت دقيقة لتفكّر بما طرحناه عليها ومن ثم انطلقت، ميادة- مدرسة لغة انكليزية، قائلة: لم أحدد بعد من سأنتخب، لكن لابد أن أنتخب، لعل وعسى أن يأتي صوتي في محله، ويظهر عضو في مجلس الشعب ويمثلنا قولاً وفعلاً، ومن يدري، ربّ رمية من غير رام، ومع ذلك فأنا أنتقد بعض المرشحين الذين يطلقون شعارات مبالغ بها ظناً منهم أنها تؤثر في الناس، وتحثهم على تصديقهم وانتخابهم، لكنني أرى أنها تظهر المرشحين وكأنهم في برنامج سوبر ستار، لم يبق إلا أن يظهروا على الشاشات ويقولوا للناس (مشان الله صوتوا لنا).
أذهلني رد علاء (موظف) الصريح والمباشر حين قال: (سأنتخب من يدفع أكثر؟) وعندما لاحظ علاء دهشتي أكد لي أنه لا يمزح وتابع كلامه: ربما يكون ردي غريب بعض الشيء لكنني ما كنت لأقول هذا الكلام لو لم يكن هناك بعض المرشحين يتبعون تلك الأساليب، وما كانوا ليفعلوا ذلك لو أنهم واثقين من أنفسهم ويجدون في أنفسهم الجدارة ليجلسوا على كرسي مجلس الشعب وهم باعتقادهم أنهم يدفعون للمواطن ثمن صوته قبل أن يصلوا إلى المجلس حتى لا يتجرأ أحدهم ويطلب منهم حقه بعد ذلك بأن ينصفه أو يحقق له مطالبه التي كان يرجوها منه:وعندما سألته إذا كان يعلم ما ثمن الصوت؟ أجاب بأنه لم يعلم بعد لكنه سيسأل ويخبرني حتماً.
(لابد لنا عندما نتكلم عن الديمقراطية والحرية أن نسعى لنطلقها من داخل منازلنا ونعطي لكل صاحب رأي حقه في التعبير عنه).هذا ما بدأت به سوسن (طالبة بكالوريا) لتوصلنا بهذه المقدمة إلى حقيقة قرارها في الانتخاب فتتابع:(أنا لم أكن منتبهة أبداً أنني دخلت في السن الذي يسمح لي بالانتخاب، لكن والدي هو الذي لفت نظري للأمر حيث أخذني ليستخرج لي بطاقة انتخابية لأنتخب صديقاً له، وعندما ناقشته بالأمر صرخ في وجهي وقال بأنه لا يريد أن يسمع مثاليات فارغة، وقد فعل ذلك لأنه يسعى للحصول على سند له في السلطة، وأضاف جملته المعتادة: (من ليس له ظهر يحميه يظل بين الأرجل).
الجمل
إضافة تعليق جديد