سوريون يدعمون غزة على الشبكة ويُطلعون العالم على ما يجري
الحرب في غزة لم تقتصر على الأرض وإنما امتدت ساحتها إلى الفضاء الالكتروني، وجزء من أبطال هذه الحرب يمكن أن تجدهم وراء أي حاسوب متصل بشبكة الانترنت حيث ينشط شباب لنصرة أبناء غزة، وهو الهدف الذي يجنّدون له وسائل لم تعد تقتصر على الاعتصام في الشوارع وساحات الجامعة والتظاهر أمام السفارات ومباني الأمم المتحدة. وبات من الواضح أن الشباب لم يتخل عن هذه الأساليب وإنما راحوا يجددونها باستخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة. ويصعب حصر عدد المواقع الالكترونية التي يجتهد القائمون عليها بمواكبة الأحداث المشتعلة في غزة. «أبناء الجليل» أحد هذه المواقع الالكترونية، تديره مجموعة من الشباب يتوزع فريق منهم في مخيم اليرموك في دمشق وفريق آخر في الأردن وفلسطين المحتلة. محمد هو المدير الفني لهذا الموقع وهو شاب فلسطيني يدرس في جامعة دمشق، يقول: «أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه ما يحدث في غزة، أقل ما يمكن أن نفعله كشباب هو استخدام الأدوات المتاحة لنا لنصرة شعبنا الذي يذبح على أيدي الإسرائيليين كل يوم، لهذا أنشأنا أصدقائي وأنا هذا الموقع الالكتروني ليكون منبراً نعبّر فيه عن آرائنا، ونرصد من خلاله أخبار الحرب الدائرة على أهلنا في غزة لننقلها بدورنا إلى العالم بأسره».
يقطع محمد حديثه ليرد على اتصال هاتفي من صديقه عمرو السعدي الذي انقطعت لديه الكهرباء بينما كان يحاول تزويد الموقع الالكتروني بالأخبار العاجلة. يطلب منه محمد أن ينصرف للتحضير للامتحان الفصلي، ويحيل المهمة إلى كفاح صديقهم الذي أنهى دراسة المقرر، ويعكف الآن على إنشاء أرشيف للمجازر ضد الفلسطينيين لنشرها على الموقع. ينتهي محمد من توزيع المهمات ويكمل حديثه مؤكداً أن لا شيء سيوقفهم عن متابعة نشاطهم ودعم القضية الفلسطينية.
محمد وعمرو وكفاح وأقرانهم من الشباب الذين ينشطون اليوم باستخدام الانترنت لدعم «صمود الشعب الفلسطيني» لا يوفرون وسيلة إلا ويحاولون الاستفادة منها، كإنشاء المواقع الالكترونية والمدونات والدخول إلى المنتديات لتسجيل المواقف والآراء وتبادل المعلومات عبر الصور والفيديو ونقلها من طريق البريد الالكتروني، إلا أن القتال أخذ بعداً أوسع من ذلك حين نجح قراصنة انترنت باختراق المواقع الإلكترونية لكبريات الصحف الإسرائيلية وأحد بنوك المعلومات، اذ اخترقوا مواقع صحيفتي «يديعوت أحرونوت» و »معاريف» وكذلك موقع «بنك ديسكونت» الإسرائيلي، وقاموا بوضع صور لضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
وتقول هدى منصور وهي شابة جامعية تدخل إلى شبكة الانترنت في شكل يومي: «المساندة لا تأخذ طابعاً معنوياً فقط»، معتبرة أن الأمر «لا يتوقف على تبادل الشعارات وإنما يرقى إلى أشكال الدعم الملموس منها». وتضيف: «يجب جمع التبرعات المادية لإغاثة المناطق المنكوبة في غزة، وإطلاق حملات التبرع بالدم ومحاولة نقلها إلى مستشفيات غزة، وتعريف الرأي العام العالمي بحقيقة الصراع في الأراضي العربية المحتلة». ويوافقها بهجت برنية وهو مهندس في الخامسة والعشرين من عمره. ويعتبر بهجت أن التظاهرات الحاشدة التي يشهدها العالم لنصرة غزة هي «من نتائج نشاط الشباب الناشطين في نقل الحقيقة إلى الرأي العام العالمي عبر استخدام الانترنت ووسائل الاتصال الأخرى كالهاتف النقال». وبرأيه، فإن «السجال الذي تشهده مواقع الدردشة العالمية يفيد بتعريف الآخر بحقيقة ما يحدث في الأراضي العربية المحتلة التي تشهد هجمات مستمرة من الجيش الإسرائيلي، وتمرير صور المجازر الإسرائيلية ضد الأبرياء عبر البريد الالكتروني، وترجمة الأخبار ونقلها عبر المواقع الالكترونية الأكثر مشاهدة في العالم فعل يدعم المعركة في الميدان وإن كان يجري بعيداً منها في عالم افتراضي».
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد