سد لتجميع مياه الصرف الصحي بدلاً من الأمطار
ما وصلنا من اهالي قرية حلا التابعة لمنطقة القطيفة في ريف دمشق يناقض ما تعلنه الجهات ذات الصلة بأن التحدي الاكبر الذي نواجهه وسنواجهه هو تأمين المياه الصالحة للشرب على مدار السنوات القادمة واذا كان هذا التأمين ينطلق من الاستثمار الامثل لمواردنا المائية والاستفادة من كل قطرة وانشاء السدود وتأمين الحماية المطلوبة لمياهنا الجوفية ونشر التوعية لدى المواطنين بالمشاركة الفاعلة في الحفاظ على هذه القيمة إلا ان ماحدث في هذه القرية يناقض تماماً كل ما ذكر وهذه التفاصيل وبالالوان.
الابيض
انشأ في هذه القرية سد لتجميع مياه الامطار ومن ثم تغذية المياه الجوفية (الابار) للقرية وللمنطقة حيث تبعد القرية عن السد بحدود 1كم.
واعتبر هذا السد مايبدو من السدود الـ 158 المستترة في القطر عموماً.
وكان بمثابة شاهد عيان للقرية وللمنطقة بأهلها وسكانها في ضرورة الحفاظ على كل نقطة مياه، وبالتالي خلق حالة من الوعي والاهتمام لديهم بهذه النعمة والمساهمة في الحفاظ عليها.
الأسود
لكن اهالي القرية ومنذ عامين فوجئوا بتغير لون الصورة حيث بدل تجميع مياه الامطار في ذلك السد، تحول لتجميع مياه الصرف الصحي والمجارير القادمة من القرى والبلدات المجاورة.
المفاجأة تلك شكلت لديهم صدمة اذ كيف يتم تخصيص اموال لبناء سد هدفه تجميع المياه وتغذية الابار ليصبح مكاناً لتجميع المياه الاسنة ثم بماذا ستتغذى المياه الجوفية؟ بدأ الاهالي بالاستغاثة ودون جدوى حتى الان..! وقد راجعوا كل الجهات المعنية التي بيدها القرار والحل والربط وكما يقولون: فقد تطوع احدهم وحلل عينة من مياه احد الابار و كانت النتيجة ان العينة مجرثمة.
وذات مرة توجه الاهالي مجتمعين الى السد وجاءت السلطات المحلية ومن بينهم ممثلين عن حوض بردى والاعوج واخبروا الاهالي ان لا مبرر للقلق لأن هناك طبقة كتيمة في السد تمنع تسرب المياه الاسنة .
احد الاهالي بعفوية سأل: ولكن اين تذهب 20 انش من المياه الاسنة هل تتبخر؟.
تحدثنا الى بلدية حلا حيث اشار رئيسها جهاد الخطيب ان الموضوع قد اثير سابقاً ولكن دون جدوى حتى الان.
واوضح ان السد قد انشىء لتجميع مياه الامطار وحماية الحوض المائي الذي يغذي المنطقة والان اصبح مكاناً لتجمع المياه الاسنة بعد اجراء عمليات وصل للشبكات اليه وكان من المفترض ألاتوافق الجهة ذات الصلة.
وعندما سألناه ان كانت مياه الحوض ستتعرض للتلوث اجاب بكل تأكيد: سيطالها التلوث.
ونوه هنا ان الحوض يمتاز بمياهه العذبة وبمساحته الكبيرة وهو يشكل ايضاً الحوض الاحتياطي لمياه عين الفيجة وبالتالي فإن الخطر سيطال حتى مياه عين الفيجة.
بلا لون
سنتان والمراسلات البريدية مستمرة والمشكلة ضمن اطار الورق دون التوصل الى حل، ووفق ماذكر فإن احد الحلول الذي طرح هو انشاء محطة معالجة او جر مياه الصرف الصحي الى مكان بعيد باتجاه الصحراء.
الاهالي وفق شكواهم وبسبب طول فترة المشكلة دون ايجاد حلول لها، وصلوا حتى الى رفض فكرة محطة المعالجة، وطالبوا بإعادة الوضع عما كان عليه بإبعاد مياه الصرف الصحي عن السد.
وعندما سألته عن تخوف الاهالي اوضح ان تخوفهم له مايبرره وخاصة فيما لو استمر الوضع على حاله حيث قد يطال التلوث مياه الشرب.
وبعد؟
آخر وعد حصلت عليه البلدية بعد مراسلات عن طريق المحافظة الى وزارة الاسكان والتعمير، انه تم وضع انشاء محطة المعالجة في خطة العام 2006.
لكن مايثير الاستغراب حقيقة كيف تم اتخاذ قرار بتغيير الصفة الوظيفية لذلك السد رغم ان خطراً قد يطال مياهاً عذبة فطالب الناس بالحفاظ عليها ليل نهار.
غسان الصالح
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد