زوكربيرغ يعتذر: لقد أخطأنا
أقرَّ مؤسّس «فايسبوك» بارتكاب الشركة «أخطاء» في مجال حماية بيانات المستخدمين، عقب الكشف عن استغلال شركة استشارات سياسية لبيانات ملايين المستخدمين لأغراضٍ انتخابية أميركية، في فضيحة مدوّية تتفاعل منذ أيامٍ عدّة
خرج مؤسس موقع «فايسبوك»، مارك زوكربيرغ، من صمته الطويل ليعبّر عن «الأسف»، مقرّاً بحصول «أخطاء»، في وقتٍ يتّسع نطاق فضيحة الاستخدام غير المشروع للبيانات الشخصية لملايين المستخدمين من قبل شركة «كامبدريج أناليتكا» البريطانية للاستشارات السياسية، وتستمر تفاعلاتها دولياً.
وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، قال زوكربيرغ إن ذلك «شكّل استغلالاً كبيراً للثقة، وأنا آسف فعلاً لما حصل. نحن مسؤولون عن التأكّد من عدم تكرار ذلك». كما أكّد أنه «من دواعي سروري» أن يدلي بشهادته أمام الكونغرس الأميركي.وعلى الرغم من اتّساع رقعة الفضيحة، ظلّ زوكربيرغ على صمته حتى يوم أمس، عندما نشر عبر صفحته في موقع «فايسبوك»، بياناً يقرّ فيه بحصول «أخطاء»، مشيراً إلى أنّه يتحمّل «مسؤولية ما حصل»، لكن من دون أن يعتذر. بعد ذلك بقليل، أعربت المسؤولة الثانية في الموقع، شيريل ساندبرغ، عن «الأسف».
زوكربيرغ تعهّد بأن يحدّ من وصول تطبيقات الجهات الثالثة إلى البيانات الشخصية وإخضاعها لمراجعة دقيقة، مؤكداً أنّ الشركة ستجري تغييرات جذرية للحؤول دون تكرار هذه الأخطاء، وشدّد على أن «الموقع يتحمّل المسؤولية عن حماية المستخدمين، وفي حال فشله في القيام بذلك، فلا يستحق أن يقدم الخدمة لهم». كما تعهّد بإبلاغ جميع المستخدمين الذين يمكن أن يكون قد تم استخدام بياناتهم من دون موافقة منهم. أضاف أنّ «فايسبوك» ملتزمة بمنع التدخل في انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وفي انتخابات الهند والبرازيل.وفي بيانه عبر «فايسبوك»، حدّد زوكربيرغ خططاً للتدقيق في التطبيقات المشبوهة، والحدّ من وصول المطوّرين إلى البيانات، وتقديم أداة للمستخدمين لمعرفة التطبيقات التي يمكنها الوصول إلى بياناتهم وإلغاء الإذن بسهولة. وقال: «كانت هذه خيانة للثقة بين المحاضر في جامعة كامبريدج البريطانية ألكساندر كوغان وكامبريدج أناليتكا وفايسبوك. لكنّها كانت أيضاً خيانة للثقة بين فايسبوك والأشخاص الذين يشاركوننا بياناتهم ويتوقعون منّا حمايتها. نحن بحاجة إلى إصلاح ذلك».
«شبهات مقلقة»
هذه التطورات أتت بينما يتّسع نطاق فضيحة «كامبريدج أناليتكا - فايسبوك» وتستمر تفاعلاتها دولياً، إذ فتحت هيئات مستقلة وحكومية وبرلمانية تحقيقات في قضية استغلال بيانات ملايين المستخدمين في فيسبوك.
في غضون ذلك، أيّدت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إجراء تحقيق في القضية، وقالت رداً على سؤال في مجلس العموم، أمس، إنّ حكومتها لم توقّع أيّ عقدٍ «على حد علمها» مع «كامبريدج أناليتكا» أو شركة التسويق الأمّ التي تتبع لها «ستراتيجيك كوميونيكيشن لابوراتوريز». ووصفت الشبهات التي تحيط بها بأنها «مقلقة للغاية»، ودعتها إلى التعاون مع التحقيق الذي فتحه مكتب مفوض المعلومات، وهي هيئة مستقلة مكلفة حماية البيانات الشخصية.لكن صحيفة «تايمز» البريطانية كتبت، أمس، أنّ «كامبريدج أناليتكا» قريبة من حزب المحافظين البريطاني. ولدى الشركة مكاتب في واشنطن ونيويورك ولندن، ومن بين مؤسسيها اليميني المتطرّف ستيف بانون، المستشار السابق لدونالد ترامب.
ودعا النواب البريطانيون رئيس شركة «فايسبوك» لشرح الوضع، وأمهلوه حتى يوم الاثنين المقبل للرد. ودُعي كذلك للحديث أمام البرلمان الأوروبي الذي قال إنه سيحقق في ما وصفه بأنه «انتهاك غير مقبول للحق في سرية المعلومات»، أما في الولايات المتحدة، طلبت هيئة تنظيم التجارة الأميركية فتح تحقيق في نيويورك وماساتشوستس.
وفي تغريدة له عبر «تويتر»، قال كريستوفر وايلي الذي فجّر الفضيحة والذي كان يعمل سابقاً في شركة «كامبريدج أناليتكا»، إنه قبل دعوات للشهادة أمام مشرعين أميركيين وبريطانيين.
«فايسبوك كانت تعلم»
تواجه شركة «فايسبوك» أزمة منذ تبين أنّ شركة «كامبريدج أناليتكا» جمعت، «دون علم من الموقع»، بيانات 50 مليون مستخدم لتطوير برنامج يتيح توقّع تصويت الناخبين والتأثير عليه من أجل التدخل في الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب في 2016.وبحسب مسؤول سابق في «فايسبوك»، فإنّ «كامبدريج أناليتكا» استخدمت تطبيقاً ثالثاً يدعى This is your digital life طوّره الباحث الروسي، ألكسندر كوغان، لحصد هذه البيانات، مستغلّة ثغرة كان هذا الموقع على علم بوجودها.وأكّد المسؤول السابق في تطوير «فايسبوك»، ساندي باراكيلاس، أمام لجنة في البرلمان البريطاني، أنه «ما أن تخرج البيانات من خوادم فايسبوك، لا تعود هناك أي رقابة ولا يعرفون على الإطلاق ما سيحدث. إنهم يفضّلون أن لا يعرفوا». كذلك شدّد على أن «فايسبوك كانت على علم بما يحصل، ولم تبلغ أحداً». في المقابل، تقول شركة «فايسبوك» إنّها علمت في 2015 بأنّ كوغان سلّم هذه البيانات إلى «كامبدريج أناليتكا»، وإن الباحث نفسه أكّد أنه تم مسح هذه البيانات، وهو ما تبين أنه غير صحيح.في هذا السياق، أكد الناشط النمساوي لحماية البيانات، ماكس شريمس، أن ّ«فايسبوك» كانت على علم منذ عام 2011 بالمشاكل المتعلقة بتطبيقات الجهات الثلاث. وقال إنه عقد في 2012 اجتماعاً مع ممثلين للموقع الأميركي للتباحث في المخاوف التي يثيرها استخدام مثل هذه التطبيقات، إلا أنّ هؤلاء أكدوا له أنهم لا يرون أي مشكلة في الموضوع.
45 مليار دولار خسارة!
تبددت مكاسب أسهم فايسبوك، أمس، بعد بيان زوكربيرغ، إذ أغلقت على ارتفاع بنسبة 0.7 في المئة فقط. وفقدت الشركة أكثر من 45 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب مخاوف المستثمرين من أن يؤدي أي إخفاق من جانب شركات التكنولوجيا الكبرى في حماية البيانات الشخصية إلى صرف المعلنين والمستخدمين، وإلى وضع لوائح أكثر صرامة.
الأخبار
إضافة تعليق جديد