ريف دمشق: ثلاثة مسارات عسكرية
كل معركة في ريف دمشق تقاس بأهميتها في ما يتعلق بحماية العاصمة دمشق من جهة، ومدى تأثيرها باتجاه دوما من جهة ثانية، فالجيش السوري يسعى دائماً لحماية «عاصمة القرار السياسي» في البلاد، والسيطرة على أكبر عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة وخاصة «جيش الإسلام».
هذا في الشق الميداني. أما في الجانب السياسي، فيبدو ان فتح الجبهات العسكرية، سواء في الشمال السوري او في ريف دمشق، يستهدف ضبط اللقاءات السياسية الدولية على إيقاع المتغيرات في الميدان السوري.
وعلى هذا الأساس، فتح الجيش السوري جبهات عدّة في ريف دمشق، فمن جهة دوما كان تقدم الوحدات العسكرية باتجاه تل كردي وتل الصوان والأوتوستراد الدولي (دمشق ـ حمص)، وهي المناطق التي سيطر عليها «جيش الإسلام» في شهر أيلول الماضي ضمن معركة «ألله الغالب»، وعملت المجموعات المسلحة على الانطلاق منها لتوسيع سيطرتها من خلال استهداف ضاحية الأسد بهجوم أراد منها فتح ثغرة في المدخل الشمالي للعاصمة والسيطرة على الجزء الكبير من الأوتوستراد الدولي.
ونفذت وحدات الجيش السوري عمليات عسكرية عدّة، بدءاً بتأمين ضاحية الأسد لمنع دخول المسلحين إليها، والتقدم باتجاه دوما من خلال تأمين 300 متر في اتجاه الطريق الدولي، لتتمكن الوحدات العسكرية من السيطرة على تل كردي وتل الصوان في الجهة الشمالية لمدينة دوما، والقريبين من مخيم الوافدين ومدينة عدرا وسجن عدرا المركزي.
ومن جهة المرج في العمق الجنوبي للغوطة الشرقية، بين النشابية والبلالية وجسرين، تقدّم الجيش السوري باتجاه مطار مرج السلطان، وهو المطار الاحتياطي المخصص للحوامات الحربية.
وبذلك، يسعى الجيش السوري الى تقدم وحداته العسكرية من الجهة المقابلة للبادية السورية، والامتداد الجغرافي لمناطق مثل كفربطنا وجسرين.
أما في جوبر وعين ترما، فقد برز استهداف مدفعية الجيش السوري والطيران الحربي للمنطقة بغارات عدّة بالتوازي مع التقدم من جهة المرج ودوما.
ولعل التحدي الرئيسي أمام وحدات الجيش السوري ضمن معاركها في ريف دمشق، تكمن في تثبيت النقاط التي تسيطر عليها، وهو ما يحتاج إلى دعم لوجستي وبشري لمنع أي اختراق لها.
ومن شأن سيطرة الجيش السوري على كامل حي جوبر ان تدفع المجموعات المسلحة، بمختلف فصائلها، للقيام بهجوم واسع باتجاه الوحدات التي ستتواجد على كامل المحلق الجنوبي وهو الطريق الفاصل بين جوبر وزملكا.
ولتخفيف الضغط عن جبهة واحدة، يقوم الجيش السوري بفتح ثلاثة مسارات أساسية باتجاه الغوطة الشرقية وخاصة دوما:
ـ المسار الاول في جوبر، والهدف منه تأمين العاصمة حيث يعتمد على الطريق المفتوح أمامه لتأمين الدعم المستمر لوحداته.
ـ المسار الثاني في القسم الشمالي للغوطة الشرقية في معقل «جيش الاسلام» والطريق باتجاه حمص والبادية والقلمون، حيث يسعى الجيش السوري إلى قطع طرق الإمداد وتضييق الحصار على المسلحين في حرستا ودوما.
ـ أما المسار الثالث فهو عملية الالتفاف من الجهة الجنوبية حيث ستصبح الوحدات العسكرية في ظهير مسلحي جوبر وزملكا ليبدأ فرض الحصار عليهم، فلا يصبح أمامهم مخرج سوى الأنفاق بين بلدات الغوطة الشرقية.
ولا تعتبر العمليات والتقدم باتجاه الغوطة الشرقية سهلة، فالمجموعات المسلحة أصبحت تملك الخبرة في ميدانها الأساسي، وهو تفخيخ الأبنية وحفر الأنفاق وتخزين الأسلحة، في مقابل امتلاك الجيش السوري القدرة على بناء خبرة في حرب الشوارع البعيدة عن حربه الكلاسيكية، وبالتعاون مع مقاتلي «حزب الله».
وسام عبد الله
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد