دولة الإحتلال «تتفق» مع شركات استخراج الغاز من البحر المتوسط

14-08-2015

دولة الإحتلال «تتفق» مع شركات استخراج الغاز من البحر المتوسط

دار الغاز في الحقول البحرية برؤوس الإسرائيليين، وأغرقهم في دوامة الخطط، التي ما إن تقر حتى تنقض، وما إن يتفق بشأنها حتى تفجرها الخلافات.
وبعد إعلان وزير الطاقة يوفال شتاينتس عن التوصل لاتفاق مع شركات استخراج الغاز، وتأكيد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الاتفاق يقلص تكاليف المعيشة في إسرائيل وسيقر بغالبية كبيرة، حتى ظهرت العراقيل. فوزير الاقتصاد أرييه درعي أعاد التأكيد أنه لن يوقع على الاتفاق وسيحيله إلى الكنيست. وأعلن رئيس حزب «يوجد مستقبل» يائير لبيد المعارض أن حزبه سيصوت في الكنيست ضد الاتفاق.شهدت باريس، أمس، يوم «تل أبيب على السين»، الذي تنظمه بلدية العاصمة الفرنسية، فيما خرجت تظاهرة، دعت إليها منظمات مؤيدة للفلسطينيين، تحت شعار «شاطئ غزة». وهتف المتظاهرون «تحيا فلسطين» و «فلسطين ستنتصر»، ورفعوا علماً فلسطينياً عملاقاً وأقاموا منصات للمعلومات أو لبيع منتجات من كوفيات وبهارات. وقد ارتدى بعضهم قمصانا كتب عليها «قاطعوا إسرائيل». كما رفعوا لافتات تدين الفاشية الإسرائيلية. وفي الصورة مناصرون لفلسطين يحملون لافتة كتب عليها «ابارتهايد على ضفاف السين». (ا ب ا)
وهكذا عادت الأمور، تقريباً، إلى النقطة التي كانت فيها قبل حوالي شهر، حينما حاول نتنياهو تمرير الصفقة في الحكومة ولم يفلح، بسبب إصرار وزير الاقتصاد على عدم تجاوز موقف المسؤول عن منع الاحتكارات برفض الصفقة. وحينها جرت محاولة لإقرار تعديل في الكنيست يقضي بتخويل الحكومة بمجموع أعضائها حق إقرار الصفقة، ولكن هذا التعديل كاد يفشل، فتراجع نتنياهو عنه في اللحظة الأخيرة.
واليوم بعد ألاعيب اختلاف مع شركات استخراج الغاز، وخصوصاً «نوبل إنرجي» الأميركية، تم الإعلان عن تعديلات قادت إلى التوصل إلى اتفاق. لكن كما سلف، الاتفاق يتطلب مصادقة الحكومة، وهي غير مضمونة، وإقرار الكنيست وهو ليس مؤكداً.
وفي كل حال، وفور إعلان الاتفاق توجهت أنظار الحلبة السياسية إلى وزير الاقتصاد أرييه درعي، الذي يملك حصرياً الصلاحية بإقرار الاتفاق خلافا لموقف المسؤول عن منع الاحتكار ديفيد غيلا. وبادر درعي للإعلان أنه لا يزال عند موقفه بشأن عدم إقرار الاتفاق إذا لم يقبل به غيلا، أو إذا لم تقره الكنيست. وكان نتنياهو قد أعلن أنه سيعرض الاتفاق على الحكومة يوم الأحد المقبل في جلستها الاعتيادية بقصد إقراره.
ومع ذلك ليس واضحاً بعد إلى أين تتجه الأمور في هذه المسألة الحساسة، التي تتصل في جوهرها بقطاع الطاقة من ناحية وبالعلاقة بين رجال المال ورجال السياسة من ناحية أخرى. وهناك اعتقاد بأن لدى نتنياهو غالبية في الحكومة لإقرار الاتفاق، لكن المشكلة تكمن في موقف وزير الاقتصاد الذي من دون موافقته لا يعني قرار الحكومة شيئاً. ويعتقد بعض المعلقين أن درعي يمكن أن يتراجع عن موقفه إذا نال بعضاً من مطالبه المهمة من الميزانية العامة. ومعلوم أنه في الجولة السابقة رفض وزراء حزب «كلنا»، برئاسة وزير المالية موشي كحلون، تأييد الصفقة، كما أن وزراء من «الليكود» تغيبوا عن التصويت لمنع الإحراج. وبديهي أنه إذا لم تقر الصفقة في الحكومة فإنها سوف تعرض على الكنيست لاحقاً، لأن الكنيست حالياً في إجازتها الصيفية، ولن تعود منها قبل نهاية الشهر الحالي.
وبعد إعلان التوصل لاتفاق بدا نتنياهو راضياً، فأعلن أن «اتفاق الغاز الجديد وضع في القلب مصالح دولة إسرائيل ومواطني إسرائيل». وأضاف أن «الاتفاق سيجلب للمواطنين مئات مليارات الشواقل في السنوات المقبلة، والتي ستخدم الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي، وأيضا لتخفيض غلاء المعيشة. وبعد كل فحص ممكن تم إقناع مواطني إسرائيل أن الاتفاق جيد، وأنه سيعرض على الحكومة يوم الأحد ويقر بغالبية كبيرة».
وقال شتاينتس أنه «بعد تأخير لا داعي له استمر سنوات، نحن نبدأ التحرك مع تطوير لفيتان، كريش وتنين، لخلق منافسة ولتفكيك الاحتكار». وأضاف «الزمن يشكل أحياناً عاملاً مهماً. وعندما يتعلق الأمر بمئات المليارات من الشواقل، كدخل مستقبلي للدولة - فإن التأخير لبضع سنوات أمر غير محتمل. وهذا ما قمنا بحله اليوم (امس)».
وقد حمل رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست إيتان كابل، من «المعسكر الصهيوني»، على الاتفاق، وأعلن أن تفجير المفاوضات قبل يومين مع شركات استخراج الغاز كان مفتعلاً. ومع ذلك أقر أن الصيغة الجديدة للاتفاق تنطوي على تحسن، لكنه لا يزال يشعر أن الاتفاق غير جيد وسيقود إلى ارتفاع في الأسعار. وأعلنت كتلة «المعسكر الصهيوني» أن «كل وزير يصوت يوم الأحد مع الاتفاق إنما يصوت ضد مواطني إسرائيل وتأييداً لاستعباد الجمهور بشكل لم يسبق له مثيل».
من ناحيتها حملت زعيمة حزب «العمل» السابقة شيلي يحيموفيتش على الاتفاق، وأعلنت أنها ستناضل ضده، لأن «هذا نضال ضد حكومة غلاء الأسعار وضد الحكومة التي تخلد احتكاراً خاصاً هائل النفوذ يستعبد مواطني إسرائيل». وإذا كان هذا موقف «المعسكر الصهيوني» فإن المعارضة ستكون كبيرة للاتفاق، خصوصاً وأن زعيم «يوجد مستقبل» يائير لبيد أعلن أنه ضد الاتفاق بصيغته الجديدة.
وبعيداً عن الجانب السياسي والحزبي فإن معظم الانتباه توجه للآلية الجديدة لتسعير الغاز، وأثر ذلك على أسعار الكهرباء للإسرائيليين. ومساء الأربعاء سرب مكتب وزير الطاقة يوفال شتاينتس أنه تم التوصل إلى اتفاق مع شركتي «نوبل إنرجي» و «ديلك». وجاء هذا الإعلان بعد يوم واحد من إعلان شتاينتس عن تفجير المفاوضات، وانسحاب وفد «نوبل إنرجي» بسبب عدم الاتفاق على بند «الاستقرار» الذي يمنع الدولة من إجراء تعديلات جوهرية على الاتفاق حتى العام 2025. ويدعي شتاينتس أنه تم تعديل هذا البند بما يسمح للكنيست إدخال تعديلات على الاتفاق.
وخلافا لادعاءات نتنياهو وشتاينتس كانت شركة الكهرباء الإسرائيلية أعلنت أن اتفاق الغاز يخلد الأسعار المرتفعة، بل ويفاقم وضعها. وقال تقرير للشركة إن «سيطرة احتكارية لمجموعة تملكها جهة واحدة على كل مكامن الغاز في العقود المقبلة قادت إلى تشديد الشروط في اتفاقات بيع الغاز وأسعاره في العقود المقبلة، بشكل يمس بمستهلكي الكهرباء وبالقدرة على تطوير منافسة في سوق الكهرباء الإسرائيلي».
وكانت صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية كشفت أن الحكومة اتفقت مع «نوبل إنرجي» على أن يكون سعر الغاز مستقبلاً مبنيا على أساس خمسة دولارات للوحدة الحرارية، ويمكن أن يهبط إلى 4.7 دولارات. وتتوقع شركة الكهرباء أن يرتفع هذا السعر لاحقا إلى ما هو أكثر من 6.4 دولارات للوحدة الحرارية.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...