خسائر وفوات إنتاج في اسمنت عدرا تصل لأكثر من 5 ملايين ليرة يومياً
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لوضع ضوابط وآليات للحد من الفساد بكل أشكاله نجد أن مسلسل الفساد هذا لا يزال مستمراً بل يتصاعد في مؤسسات وشركات القطاع العام الصناعي وما يجري في المؤسسة العامة للاسمنت يستوجب الوقوف عنده وإعطاء تفسير حقيقي له ولاسيما أن ملايين الليرات تهدد يوميا دون حسيب أو رقيب.
القصة اتضحت عندما تعاقدت المؤسسة مع إحدى الشركات التركية لتركيب معدات جديدة لتطوير وزيادة الإنتاج في الخط الثالث بمعمل إسمنت عدرا بمعدل 300 طن كلنكر يومياً بتاريخ 15/12/2010 ونصت الاتفاقية على أن يكون التركيب خلال 45 يوماً أي بتاريخ 21/1/ 2011 إلا أنه وحتى تاريخه لا يزال الأمر بين صد ورد ولم يتم تشغيل الخط الثالث بحجة أن الشركات الأجنبية بدأت تنسحب وتتنصل من السوق السورية جراء الأوضاع الحالية علما أن الأزمة بدأت في 15-3 والشركة قررت الانسحاب في 15-4- أي هناك نحو أربعة أشهر هدر؟. السؤال الذي يستوجب الإجابة عليه من يتحمل مسؤولية تأخير تركيب المعدات وفوات الإنتاج والخسائر التي تصل إلى أكثر من 5 ملايين ليرة سورية يومياً؟
ومن يتحمل مسؤولية المبالغ التي تم صرفها على المشروع الموضوع في الأدراج بـ700 مليون ل.س؟ علماً أن زيادة الإنتاج للوصول إلى 8000 طن ليست مالية فقط بل بتطوير أساليب الإدارة والتشغيل والمراقبة والمتابعة الدقيقة ولذلك فإن أبسط تعبير لما يحدث هو هدر لكتلة الاعتمادات المالية التي كان بالأولى أن تشكل منفذاً أو طريقاً لتطوير عملي يأخذ أثره الفعلي على أرض الواقع فيما لو تم تنفيذ خطة التطوير دون فبركات..
وبالعودة إلى بداية القصة كما وردت إلى «الوطن» هناك معلومات تؤكد وجود آلات ومعدات قد تم تخزينها لوقت طويل، وقد تكون تعرضت للعوامل الجوية والصدأ وسوء التخزين، ضمن مستودعات وساحات وطرقات معمل إسمنت عدرا منذ عام 2004، وهذا يفتح باباً واسعاً أمام الشركة الموردة للتبرير في حال حدوث خطأ ما، وبالتأكيد سوف تتنصل من ضمان ما بعد التشغيل، وهذه الآلات هي موضوع عقد تطوير خط الإنتاج الثالث في المعمل، الذي تم إبرامه في بداية العام. وأكدت المصادر أنه وفي كل مرة كان يتم الإعلان عنها لتركيبها إلى أن هناك عرقلة تحدث في النهاية من قبل الجهات الوصائية تحول دون ذلك.؟
وقد أكدت مصادر على دراية بالأمر أن استيراد المعدات لتطوير خط الإنتاج خطا فادح لأنه ليس هناك أي جدوى اقتصادية منها حالياً ولو كان هنالك جدوى من تركيبها أثناء استيرادها لفقدتها اليوم. وللوقوف على حقيقة الأمر قمنا بزيارة المعمل والتقينا المدير العام للمعمل م. جهاد عبد الغني الذي أكد أن توقيف الخط الثالث حالياً مرهون بقدوم الشركات الأجنبية الموردة للتجهيزات والمعدات الموجودة في أرض الشركة وأيضاً مرهون بقدوم المكتب الاستشاري النمساوي الضامن لتطوير الخط من 800 -1100 طن أي بزيادة 300 طن يومياً.
وأكد عبد الغني أن إدارة المعمل اتخذت قراراً بالاستعانة بالخبرات المحلية على عاتقها لتشغيل الخط ولاسيما بعد تعرضها لخسارات متكررة في الأشهر الأخيرة لافتاً إلى أن الخيارات التي تقدمت إلى الشركة للتشغيل قد طلبت مبالغ طائلة.
إلا أن القصة عند مدير المعمل لم تنه فقد وجه كتاباً إلى المؤسسة قال فيه بما أن جميع العروض المقدمة لا تكفل ضمانات المعدات فالحل المجدي هو الاعتماد على الخبرات المحلية.. إلا أن قرار المؤسسة أكد ضرورة متابعة الموضوع واتخاذ الإجراءات التي تكفل تشغيل خطوط الإنتاج وفقاً للأنظمة والقوانين النافذة.
وأكد عبد الغني أن القيمة الفعلية لطن الإسمنت في معمل إسمنت عدراً حالياً 5816 ل. س وبما أن الكلفة الوسطية لإنتاج الطن الواحد نحو 2400 ل. س فهذا يعني خسارة ربح مقداره 3416 ل. س لكل طن واحد ولو تابعنا الحساب على هذه الصورة سنجد أن الخسارة الناجمة عن توقيف مراحل تطوير الخط الثالث لمعمل إسمنت عدرا تزيد على 1.72 مليار ليرة سورية.
جهات مطّلعة أخرى قالت: إن الشركة المصرية طلبت 300 ألف يورو لتركيب المعدات لكنها غير مسؤولة عنها فيما بعد على حين تقدمت مجموعة فرعون بعرض أقل لتشغيل الخط بلغ 100 ألف يورو الآن أن المؤسسة لم توافق على العرض الأخير.
وما يثير التساؤل أيضاً أن الشركة التركية ذاتها هي التي قامت بتركيب مبرد وفلتر وبعض أجهزة الخط الثاني في المعمل الذي توقف بعد شهر من تركيبها الأمر الذي كان على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة تجاه الشركة المذكورة تلافياً للوقوع في الأخطاء والمشكلات على عكس ما قامت به المؤسسة.
إذاً من يتحمل مسؤولية التأخير في تركيب المعدات واتخاذ القرار المناسب وضياع الإنتاج وهدر المال العام...؟؟
هناء غانم
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد