حول نظرة الغرب للإسلام
تحظى الدراسات والأبحاث التي تتناول طبيعة العلاقة بين الإسلام والغرب باهتمام متزايد، نظراً لما بات يشكله الإسلام لدى الكثير من الباحثين والسياسيين الغربيين من خطر استراتيجي جديد، حل مكان الخطر الشيوعي، في ظل تنامي موجات العداء، وتواصل أعمال العنف والعنف المضاد بين الجانبين. ويقع الخطأ بين الإسلام بصفته ديناً ذا بعد عالمي، والغرب بصفته حيزاً جغرافياً محدد الأبعاد. إلا أن البعد الفكري والثقافي لطبيعة العلاقة التنافسية يجيز عقد مثل هذه المقارنات، على اعتبار تمثيلها لمنظومتين متباينتين. تضاف إلى ذلك مسألة وجود جاليات إسلامية وعربية في الغرب، نال معظم أفرادها حق المواطنة، وبات التعامل معهم يجري على أساس «مواطنين» لا «مهاجرين» كما كان الحال سابقاً.
إن الشغل الشاغل للإعلام الغربي لا يخرج عن تناول موضوعين، هما الأحداث الساخنة التي تجري في العالم العربي والإسلامي، والمصير الذي ينتظر الحضارة الغربية الآفلة، ومخاوف بعض قادة الغرب مما يسمونه انبثاق شمس الإسلام من مغرب حضارتهم.
وفي ذلك يقول برنارد لويس أحد أبرز المستشرقين المعادين للإسلام، إن للشرق الأوسط اليوم هوية رئيسية هي الهوية الدينية، لا الوطنية والقومية. وهذه الهوية توجه دول المنطقة وشعوبها إلى الحرب مع الآخر غير المسلم. أي ان الإسلام مرتبط بالحرب في كل الأحوال. ويعتبر لويس أن هذه الهوية خارجة عن الوطنية المعادية للآخر، على أساس المصالح والاستراتيجيات المتعارضة. ويحصرها بالاختلاف الديني البحت. ومنطق هذا التعبير واضح: الإسلام ضد الغرب، بما هو دين مختلف عن دين الغرب. وهو يعطي الحق للغرب بمحاربة الإسلام والمسلمين كخطر قائم ومستفحل.
يتصدر الإسلام اليوم العناوين الصحافية اليومية، ويعتقد غربيون كثر أن الإسلام هو السبب الكامن وراء مجموعة واسعة من الاضطرابات الدولية: هجمات انتحارية، سيارات مفخخة، احتلال عسكري، مقاومة وطنية، أعمال شغب، فتاوى، أعمال جهاد، حرب عصابات، أشرطة فيديو تهديدية. وبالنسبة لكثير من المفكرين الغربيين أصبحت «الفاشية الإسلامية» عدوّهم اللدود، في حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق.
ولكن هل الإسلام فقط هو المسؤول عن الفوضى العالمية القائمة حالياً؟ وهل هو المسؤول عن الحرب وعن العداء القوي تجاه الغرب؟ أم أن المشكلة تكمن في عوامل أقل وضوحاً وأعمق غوراً؟ ولو لم يكن الشرق الأوسط مسلماً، هل كان الغرب سيتجنب الكثير من التحديات التي يواجهها حالياً؟
من الخطأ حذف الدين كلياً من المعادلة السياسية في الشرق الأوسط. ويمكن التساؤل هنا: لو كانت شعوب الشرق الأوسط مسيحية، فهل كانت سترحب بالاستعمار الغربي؟ لقد انطلقت حركة القومية العربية، المعادية للاستعمار الغربي، كي تستعيد منه أرضها وسيادتها، والقدرة على التحكم بمصيرها، تماماً مثل الحركات المعادية للاستعمار، في الهند الهندوسية، والصين الكونفوشية، وفيتنام البوذية، وافريقيا المسيحية.
سمير التنير
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد