حول احتكار الرز وارتفاع أسعاره
هي طبخة الاحتكار.. عندما يجوب التجار أسواق دمشق والمحافظات يلمون المواد والسلع بأسعار أكبر مما تباع به تحسباً وتهيؤاً أو قراءة لمعطيات السوق المحلي والعالمي كل هذا بدافع الجشع والسعي للربح السريع..
وأهم المواد التي يجري التركيز عليها ـ حسب روايات متعددة لأصحاب محلات في دمشق وريفها ـ هما مادتا الرز والحليب البودرة، حيث ظل الارتفاع الهائل للأسعار أصبحت ألعاب السوق أمتع للتجار وبالتالي الخاسرون فيها باتوا أكثر وأكثر في زمن البحث عن لقمة العيش وسط زحمة الأسعار المرتفعة لأسباب باتت معروفة ألا وهي المناخ وارتفاع تكاليف الانتاج..
مدير المؤسسة العامة الاستهلاكية محسن عبد الكريم أكد بأن الجهات المعنية المتمثلة بمؤسسة التجارة الخارجية تقوم باستكمال استيراد كامل كميات الرز المتفق عليها بين الحكومتين السورية والمصرية. وعند استكمال هذه الصفقة ستقوم المؤسسة العامة الاستهلاكية بتوزيع البطاقة التموينية كاملة.
وحول سعر الرز الحر قال عبد الكريم: بالنسبة لارتفاع أسعار مادة الرز فهذا غلاء عالمي وليس بيدنا فعل أكثر مما نفعله، فالمؤسسة غير مخولة باستيراد مادة الرز وهذا الأمر تقوم به مؤسسة التجارة الخارجية، أما بالنسبة للرز الحر فقد قمنا بشراء كميات جيدة ونقوم بالمتاجرة بها ونبيع كيلو الرز المصري الممتاز بسعر 40 ليرة في صالات المؤسسة..
مدير عام المؤسسة الاستهلاكية عبر تشرين دعا التجار لأن يطرحوا مادة الرز في الأسواق قائلاً: اتمنى ان يطرح التجار ما لديهم من مادة الرز في السوق وبربح بسيط، فعندما أقول: ان المؤسسة الاستهلاكية يجب ان تتدخل ايجابياً فالتاجر أيضاً يجب عليه ذلك، فهو يشاركنا بالهواء الذي نتنفسه وبالسماء التي تظللنا والشجر الذي يطعمنا والماء والأمان الذي نطمئن اليه في سورية فعلى التاجر ان ينتبه انه لاعب أساسي وألا يفكر في مصلحته فقط انما في مصلحة البلد ولا يفكر في ربحه انما في المواطن لأن المواطن هو أساس التجارة، واتمنى من جميع العاملين بالدولة بدءاً مني ان نكون على درجة كبيرة من الاحساس بالمسؤولية والاهتمام والتعاون وعدم القاء اللوم على الآخر وعدم ايجاد تبريرات بل نبحث كيف نطور ونعالج الخلل.
ومن المفترض على كل تاجر ان يكون لديه العقل الوطني ليقتنع بالربح المعقول وان يعمل أيضاً لخدمة المواطن وألا يحتكر، وإلا كان جشعاً ويريد تحقيق ربح سريع.
أحد أصحاب المحلات الذين التقيتهم طرح فكرة ان تقوم وزارة الاقتصاد بتسعير مادة الرز تحسباً للمستقبل من أجل ألا يقوم التجار بسحب هذه المادة من السوق، وبهذا تفوت الفرصة على احتكار هذه المادة لأن سعرها في السوق سيكون محدداً.. وأضاف صاحب المحل: سعر كيلو الرز العادي الآن وصل الى 55 ليرة بعد ما كان بـ 30 لكن ماذا لو قام التجار بشراء ما هو متوفر وبسعر أعلى من ذلك؟
أي كما فعلت الحكومة بمادة البيض العام الفائت.
سألت مدير عام الاستهلاكية: هل تستطيع المؤسسة الضغط على التاجر فقال: لا نستطيع ان نضغط على التاجر إلا اذا كنا مستوردين أقوياء بالسوق ولدينا القطع الأجنبي الكافي، ولدينا القوانين التي تحررنا كما هو محرر التاجر فإذا كنا أقوياء النفوس ونظيفي الضمائر والقوانين لدينا تتيح لنا ان نعمل بحرية التاجر عندها نستطيع ان نكون منافساً قوياً في السوق وحتى أكون صريحاً وشفافاً فنحن الآن لسنا الأقوياء الذين نمتلك المرونة الكافية التي يمتلكها التاجر فعندما يكون الموظف نظيفاً ويكون ضميره حياً واحساسه بالمسؤولية عالياً عندها يجب عليه ان يعمل بكل ما بوسعه للتطوير في العمل الموكل إليه، لكن للأسف الشديد يوجد كثير من ضعاف النفوس، والمشكلة ان الكثير منهم يتزينون بالمزايدة وبعبارات توحي بأنهم ذوو احساس عال بالمسؤولية..
وحول غلاء مادة الرز قال عبد الكريم: غلاء مادة الرز العالمي ليس سببه دولة بعينها فمصر ليست وحدها التي أوقفت تصدير الرز لمدة ستة أشهر بقرار من الحكومة المصرية، فلقد اوقفت التصدير كل من فييتنام والهند لكل الأنواع ما عدا النوع الذي يصل سعر الطن منه الى ألفي دولار، وفي الباكستان ارتفع سعر الرز فيها رغم انه نوع لا يوازي نوع الرزالهندي وكذلك تايلاند رفعت الأسعار كثيراً ولا نستطيع أيضاً الشراء منها، فقد كان سعر الطن يتراوح بين 400 ـ 600 دولار وأصبح الآن فوق الألف دولار، ففي استراليا الرز غال وفي ايطاليا كذلك..
وعالمياً سعر طن الرز في ايطاليا فوق الألف دولار وكذلك في الولايات المتحدة أيضاً الطن فوق الـ 950 من الأساس وكذلك اسبانيا..
وحول موضوع التدخل الحكومي في هذه المادة والى أي مدى تستطيع التدخل الآن قال عبد الكريم: الحكومة تستورد مادة الرز ونحن ذراع الحكومة في السوق ونحن استوردنا كميات من الرز لكن الحكومة لا يمكنها ان تعلم بقرار سياسي لدولة ما قبل اصداره.
أما بالنسبة لمؤسسة التجارة الخارجية فهي تستورد البطاقة التموينية وحسب معلوماتي ـ وهي معلومات ليست دقيقة ـ فإنها اعلنت عن عدة مناقصات وفشلت بسبب ارتفاع الأسعار المتزايد يومياً.
وبصريح العبارة وبشفافية: إذا وجد على رأس المؤسسات الحكومية نظيف خلوق ذو احساس بالمسؤولية وعلى قدر من الاخلاق فهو بحاجة الى صلاحيات تتيح له ان يعامل كما يعامل التاجر.
من جهة أخرى قال عبد الكريم: ان المشكلة ليست بالتشريعات انما بأشخاص وانا أقول بأنه يوجد لدى الحكومة نية جادة لتطوير العمل واهتمام كبير لتأمين احتياج المواطن ونتلقى دائماً التوجيهات ونحاول ان نسير ونعبر بمركبنا الى شاطئ آمن في خدمة المواطن.
سألت مدير المؤسسة العامة الاستهلاكية عن حاجة سورية سنوياً من مادة الرز: حاجة سورية من مادة الرز من أنواع الرز المختلفة ومن كل دول العالم بين 200 ألف و 300 ألف طن سنوياً تبعاً لعادات الاستهلاك المختلفة لشرائح المجتمع.. وقال: باعتقادي انه يدخل سنوياً الى سورية حوالي 300 ألف طن من الرز ويباع الآن سعر كيلو الرز الحر في صالات الاستهلاكية بـ 40 ليرة، أما حول صلاحية مادة الرز فقال عبد الكريم: صلاحية مادة الرز هي سنتان ولكن هناك معاناة من تخزين هذه المادة لأنها تحتاج أماكن فيها تهوية بعيدة عن الرطوبة والحرارة..
وان يكون معبأ بأكياس جوت وليست أكياس بولي بروبلين وهذا يتطلب سعراً أكبر.. وكذلك نعاني من التخزين في المنطقة الساحلية نظراً لصعوبته بسبب الرطوبة العالية وكذلك نعاني من الجفاف في الكيس.. ويتأثر هذا الجفاف بفترة التخزين والمكان والاهتمام فلدينا مجموعة كبيرة من الموظفين ليسوا بالسوية الواحدة أو المستوى الواحد..
وحول مسألة الاختناق الحاصل في مادة الرز وجذور المشكلة قال عبد الكريم: المشكلة تعود لأمور ثلاثة واضحة للعيان أهمها منع مصر مدة ستة أشهر، تصدير مادة الرز، كذلك التجار حيث انتبه الى مسألة منع مصر تصدير المادة فقاموا باحتكار ما لديهم، وهذا الأمر له تأثير مؤقت، وكذلك ارتفاع اسعار القمح عالمياً بسبب الموسم الزراعي لهذا العام.
وحول التنبؤات لمستقبل الأسعار خلال الأشهر المقبلة قال عبد الكريم: تلقي العلاقات السياسية بظلالها على العلاقات التجارية هذا أولاً، وثانياً فإن ارتفاع أسعار النفط أثر على أجور النقل للمواد ووسائل تصنيع وتغليف الرز، ومن جهة أخرى هناك ضعف في انتاج القمح عالمياً، ما أثر عالمياً في الطلب على مادة الرز التي هي المادة البديلة للقمح، فمصر على سبيل المثال أوقفت تصدير الرز حتى تخفض أسعاره في مصر لأن القمح غير متوفر وأتصور ان تبقى أسعار مادة الرز مرتفعة خلال الشهرين المقبلين واذا انخفضت الأسعار فسيكون الانخفاض طفيفاً لكن اعتقد ان مصر ستفتح موضوع التصدير لمادة الرز ولن تستمر بايقاف التصدير الذي بدأ منذ الشهر الرابع وكانت قد أصدرت قراراً بوضع رسوم عالية على تصدير مادة الرز بما يفوق 1500 ليرة سورية.
علي حمرة
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد