حقول تشرين: تلوث وتسريبات نفطية
قد يتساءل البعض: هل لدينا تلوث نفطي؟ وماهي الاضرار البيئية والصحية الناجمة عن ذلك؟ من المؤكد ان الممارسات السابقة، لم تكن تهتم أبداً بالمشاكل الناجمة عن عمليات حفر الآبار النفطية أوطريقة الاستثمار، وحتى كيفية القاء نواتج الحفر وماينجم عنها!!.
وماكان يتم حينها من قبل الجهات المعنية، أن شروط الصحة والسلامة وتطبيق القانون البيئي وسلامة المحيط آخر مايمكن ان تفكر فيه تلك الجهات!!
فهل من المعقول ان تترك مخلفات نواتج حفر الآبار النفطية مرمية وبشكل عشوائي لتلوث التربة والمياه والانسان، فكيف كانت تفكر الشركات العاملة في الحقول النفطية، وهل النفط فقط غايتها والانسان لايعنيها لامن قريب ولامن بعيد؟!
من هنا تأتي أهمية الدراسة التي أجرتها شركة «الاستشاريون للتنمية المستدامة» بناء على طلب من شركة دبلن، فماذا يقول السيد غونزالو رويز المدير العام لشركة دبلن في سورية عن هذه الدراسة البيئية والوضع القائم والاجراءات المقترحة لمعالجة التلوث.
تأتي أهمية الدراسة البيئية كنقطة بداية وانطلاق لشركة دبلن لدراسة الحقول النفطية، قبل القيام بأية فعالية، وهذا يساعد على تحديد النقاط بما يشبه عملية مسح للوضع القائم وبالتالي صياغة الخطط الكفيلة بالمعالجة.
فالدراسة أشبه بصورة فوتوغرافية لحقول تشرين، وخاصة أن الاعمال البترولية كانت سائدة لمدة ثلاثين عاماً ونجمت عنها أمور بيئية تثير القلق!! فقد أجرت شركة «الاستشاريون للتنمية المستدامة» بناءً على طلب من شركة دبلن تقويما بيئيا لحقول تشرين والشيخ منصور والشيخ سليمان النفطية التابعة لشركة دبلن بالقرب من مدينة الحسكة بهدف الالتزام بشروط العقد المبرم بين شركة دبلن العالمية والشركة السورية للنفط، والمتعلق بحماية البيئة بالاضافة الى تطبيق قانون البيئة رقم/50/ والصادر في العام 2002 وقد هدفت الدراسة الى توصيف حالة البيئة في هذه الحقول والاضرار البيئية الناجمة عن انتاج النفط أثناء استثمار الحقول من قبل الشركة السورية للنفط، وبعد استلام شركة دبلن لهذه الحقول وبدء استثمارها.
قام خبراء شركة«الاستشاريون للتنمية المستدامة» بزيارات حقلية عدة لمواقع شركة دبلن، واخذت عينات بيئية من التربة الملوثة والمياه الجوفية والسطحية وحللت كيميائياً واشعاعياً، شملت المناطق المدروسة من حفر تجميع النفط والمياه المرافقة وحفر تجميع نفايات الحفر بالاضافة الى مياه بحيرة طابان وبحيرة الاسد، ويقول السيد غونزالو رويز ان نتائج التحليل التي أجريت في مخابر هيئة الطاقة الذرية دلت على وجود تلوث نفطي واضح في مناطق كثيرة، ويعود ذلك الى انفلات النفط والمياه المرافقة نتيجة اعطال في رؤوس الآبار والانابيب او اثناء عملية الصيانة،وقد لوحظت ايضاً تسريبات نفطية لاماكن تحت سطحية تعود الى وجود تكهفات في طبقات التربة ذات الطبيعة الجبسية.
اما التلوث في المياه الجوفية والسطحية، فدلت نتائج تحليل عينات المياه الجوفية التي أخذت من ابار تستخدم من قبل مزارعين في منطقة الحقول، بأنها ضمن الحدود الطبيعية، بينما دلت نتائج تحليل مياه بحيرة طابان وبحيرة الاسد على وجود تلوث عضوي واضح نتيجة تسرب النفط عبر كهوف أرضية من حقول تشرين الغربية الى نبع طابان ومن ثم الى بحيرة الاسد.
واضاف المدير العام: ان دبلن وضعت ضمن خطتها مايسمى تنظيف المنطقة وحمايتها على المدى البعيد، اي ان الهدف الرئيس للشركة منع اي تسربات نفطية يمكن ان تؤدي الى تلويث المنطقة مستقبلاً..
ولابد من الاشارة الى ان التلوث اكتشف منذ عشر سنوات وزادت بعض الظروف من حدته، لذلك يبقى الهدف احتواء منطقته ومنبعه، بالتعاون مع الشركة السورية للنفط للقضاء على جميع أشكال التلوث.
من أهم الاجراءات المقترحة لمعالجة التلوث والتي أبدت شركة دبلن استعدادها لتنفيذها، وقف أية عمليات قد تؤدي الى رمي النفط في الحفر القديمة، وانشاء خزانات معدنية تحت سطحية لجمع النفط من رؤوس الآبار في حالات الصيانة، ونفايات التنظيف بهدف معالجتها اضافة الى اعادة تأهيل كل المناطق الملوثة بالنفط، واعادة تأهيل نبع طابان والمناطق المجاورة، ووضع نظام لادارة النفايات في حقول شركة دبلن، وكذلك صيانة كل المعدات القديمة او استبدالها بمعدات حديثة التي كانت تستخدم من قبل الشركة السورية للنفط والتي تسببت بالتلوث الموجود حالياً
وقد تعهدت شركة دبلن بتنفيذ كل الاجراءات في الدراسة لتأهيل المناطق الملوثة وحماية البيئة،علماً أن شركة دبلن باشرت العمل في سورية منذ عام تقريباً ومدة عقدها خمس سنوات ، لتحضير وتجهيز العمل. وشعار الشركة وسياستهم (حفر للمخلفات والانبعاثات).
وحول العلاقة مع الشركة السورية للنفط قال مدير عام الشركة ان هناك تعاوناً وثيقاً وبناءً، وهذا أحد متطلبات العقد، اضافة الى ذلك هناك علاقة أقرب الى الصداقة والتعاون في الحقلين، وهذا لاينفي أن هناك بعض نقاط الخلاف التي يمكن ان تحصل ولكن تجري معالجتها وفقاً لما هو مطلوب
ولكن مانطلبه ونتمناه، سرعة اتخاذ القرارات، والقضاء على الروتين، وحيث تكون المعاملات سريعة، والاستجابة فورية، ولكن يبقى هناك بعض الامور التي يحتاج الطرفان الى تحسينها.
وعن الوضع البيئي في سورية ذكر أن التلوث البيئي موضوع عالمي ولاتعاني منه سورية فقط، ولابد أن يحصل انقلاب جذري في طريقة عيشنا، والتعامل مع المحيط، لذلك لابد من تعاون المواطن والمسؤول لانتاج بيئة مثلى، واكد ان لدى شركة دبلن خطة مستقبلية للتعاون مع الجمعيات الأهلية البيئية في سورية.
مدير الصحة والسلامة المهنية السيد فرناندول. بينا لكازار قال أن الشركة تطبق تقنيات عالمية حديثة في مجال الصحة والسلامة المهنية والشركة ملتزمة التزاماً جدياً تجاه سورية
وحول ماتعانيه المنطقة من تلوث وماكان سائداً في السابق قال:
كانت سوائل الحفر توضع في حفرة داخل الارض غير كتيمة، وعادة ماتتبخر المياه، فتبقى البقايا وتتسرب الى باطن الارض، وحالياً يتم تصنيع خزانات معدنية كبيرة جداً، حجم الواحد منها بحجم غرفة كبيرة فوق الارض وهي مؤقتة والغاية من هذه الخزانات ، تخزين وحصر سوائل الحفر حتى لاتلوث البيئة المحيطة. وأثناء وجود المخلفات بهذه الخزانات، تتم معالجتها وهي الخطوة الثانية وهذا يسمى« المعالجة الكلية للسوائل» حيث تتم ازالة المياه« تنشيفها» ومن الملاحظ، أن المنطقة تفتقر لبرامج معالجة المخلفات وهذا يشمل كل أنواع المخلفات من صرف صحي ومنزلي وسوائل حفر وغيرها. وضمن مخلفات الحفر قسم سائل ،تتم اعادة حقنه بعد معالجته في الطبقات الجوفية، ويحقن بطبقة معينة حتى لاتؤثر على اي مصدر مائي وحالياً الشركة بصدد انشاء مركز خاص لمعالجة متكاملة للمخلفات الصلبة في منطقة «تشرين» قريباً، ويعالج في هذا المركز كل المخلفات المعدنية والكيميائية
وحول الوضع البيئي اضاف: ان المسألة عالمية ولكن تحتاج الدول للخطوة الاولى من خلال تثقيف الاطفال ونشر الوعي البيئي لديهم وايصال المفاهيم البيئية لاهلهم، وهذه تكون نقطة البداية ويحتاج الامر الى تعاون الدول والحكومات والافراد
وأخيراً... نأمل أن تعمم مثل هذه الدراسات البيئية القيمة على كل الشركات والمشاريع المماثلة والتي تؤدي الى تلويث بيئتنا والحاق الضرر بالانسان والنبات والحيوان... وتحرم الاجيال القادمة من حقها في العيش في بيئة نظيفة ، وهل ستقوم الجهات المعنية بمتابعة تنفيذ مثل هذه الدراسات والتأكد من تطبيقها وصولاً الى مانطمح اليه من بيئة سليمة نأمل ذلك!!؟
سناء يعقوب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد