حظر دراسات «مريبة» عن فيروسات خطِرة في أميركا
في وقت منحت فيه مجلة «تايم» الأميركيّة لقب «شخصيّة العام 2014» إلى فيروس «إيبولا» ومن يكافحه من الأطباء والممرضين والعاملين الصحيّين، شهدت الولايات المتحدة تطوّراً مهمّاً في العلاقة مع الفيروسات، على رغم أنه لم ينل سوى قليل من الاهتمام إعلاميّاً، إذ وضعت «معاهد الصحة الوطنيّة (الأميركيّة)»، وهي المؤسّسة الرئيسيّة لبحوث الطب والبيولوجيا أميركيّاً وعالميّاً، حظراً على مجموعة من البحوث المتّصلة بالفيروسات الاصطناعيّة التي تندرج ضمن علم حديث صاعد يعرف باسم «البيولوجيا التركيبيّة» Synthetic Biology واختصاراً «سين بيو» Syn Bio. وطلبت «المعاهد الوطنيّة» من المختبرات المنخرطة في تلك البحوث أن تتوقّف طوعيّاً عنها، ملوّحة بإجراءات قاسية للمخالفين.
«إذا كنتَ فأراً»!
شأنه شأن عدد كبير من اختصاصيّي فيروسات الإنفلونزا، غالباً ما يستعمل جون ستيل من «جامعة إيموري» الأميركيّة، سلالة مختبريّة ضعيفة من فيروس الإنفلونزا في دراساته حول الانتشار الموسمي للمرض. وبالكلام عن السلالة المختبريّة التي تعود إلى 80 عاماً من الآن وتُعرَف باسم «بي آر 8» PR 8، يوضح ستيل إنّها تعطي «فيروسات سيئة في حال كنتَ فأراً»، بمعنى أنه لا يصيب البشر بالمرض.
وقبل أسابيع، طلبت «المعاهد الوطنيّة»، من سيل وفريقه الذي يعمل على سلالة «بي آر 8»، وقف تلك التجارب والانهماك بأمور أخرى، بانتظار تقويم شامل تجريه «المعاهد الوطنيّة».
وفي خطوة غير اعتياديّة، فرضت الحكومة الأميركيّة «وقفاً موقّتاً» لتمويل الدراسات الفيروسيّة التي تشمل تعديل فيروسات الإنفلونزا بطرق ربما جعلتها أكثر قدرة على الانتقال إلى الثدييات والبشر.
وشمل ذلك الوقف فيروسات الإنفلونزا الموسميّة و»متلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة» («ميرس» MERS التي تعرف أيضاً باسم «إنفلونزا الإبل»)، و»المتلازمة التنفسيّة الحادة الوخيمة» («سارس» SARS). وشجّعت الحكومة جميع الأطراف التي تدير بحوثاً عن إكساب الفيروسات وظائف ليست لها أصلاً (تعرف باسم «الكسب الوظيفي» Gain- of- Function)، التوقّف طواعية عنها، لمدة لا تقل عن العام، بانتظار أن ينظر الخبراء في مخاطر الدراسات ومنافعها، وتطوير سياسة تحدّد سُبُل السماح بها.
جاءت خطوة الولايات المتّحدة وسط مخاوف في شأن دراسات «الكسب الوظيفي» في سلالات قويّة من «إنفلونزا الطيور»، خصوصاً «أتش 5 أن 1».
وتشمل الخطوة ما هو أبعد من التوقّف عن التمويل. فبفضل طلب قُدّم استناداً إلى «قانون حرّية الإعلام»، حصلت مجلّة «ساينس إنسايدر» على نُسخ عن 18 رسالة صادرة عن «المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية» التابع لـ«المعاهد الوطنيّة للصحّة»، يطالب فيها 14 مؤسّسة بإيقاف المشاريع التي يغطّيها الحظر.
وتوضح أن مطالبة «المعهد الوطني» تستند إلى قانون جديد صدر عن «مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا» في البيت الأبيض، لقي مؤازرة من وزارة الصحّة والخدمات البشريّة.
وتحمل الرسائل تفاصيل عن وقف التمويل، إضافة إلى معلومات عن الفيروسات التي اعتبرت «المعاهد الوطنيّة» أنها إشكالية إلى حدّ يثير الريبة علميّاً. وتركّز الحظر الذي فرضته «المعاهد الوطنيّة» على فيروسي «ميرس» و«سارس» اللذين أوقفت «المعاهد الوطنيّة» منحاً وعقوداً لمؤسّسات تحاول تطوير سلالات منهما تنتقل بين الفئران. ومن الناحية العلميّة، تفيد تلك الدراسات بإعطاء العلماء صورة عن المسار الذي ربما يوصل الفيروس إلى الانتقال المباشر بين الثدييات، ومن بينها البشر، ما يفيد أيضاً في صنع لقاحات لمقاومته.
لذا سعى بعض العلماء خلال دورة انعقاد لـ»المجلس الاستشاري العلمي الوطني للأمن الحيوي»، إلى الحصول على استثناء للبحوث عن «ميرس»، مبررين ذلك بالحاجة المُلحّة للتوصّل إلى لقاح للوقاية منه.
وعلى الدرجة نفسها من التركيز، جاء حظر «المعاهد الوطنيّة» لبحوث «الكسب الوظيفي» في فيروسي الإنفلونزا الموسميّة و«إنفلونزا الطيور»، إذ توقّف تمويل بحوث يجريها عالِم الفيروسات الشهـير يوشيهيرو كاواوكا في مختبر «جامعة ويسكونسن»، لأنها تشمل تعديلاً في تركيب الفيروس يعطيه القدرة على الانتشار المباشر في الحيوانات الثديية، وبينها الإنسان.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد