جنوب السودان: جوع وخوف رغم اتفاق السلام
ان كانت الحرب الاهلية وما يواكبها من فظاعات في جنوب السودان انتهت على الورق مع توقيع اتفاق السلام في نهاية آب الماضي، الا ان المعارك وعمليات الاغتصاب والهجمات الدامية لا تزال مستمرة على الارض، ما يؤدي الى تفاقم الوضع الغذائي الكارثي.
وتقف نيالاك غاي (24 عاماً) في صف انتظار مع مئة اخرين لتلقي مساعدة غذائية يوزعها برنامج الاغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ستسمح بإطعام اولادها السبعة لفترة قصيرة قبل ان تعود الى البحث عن بدائل.
وتقول الارملة الشابة التي قتل زوجها في هجوم على قريتهم انه حين ينقص الطعام "نبحث عن زنابق الماء والنبتات البرية".
ويدفع المدنيون الثمن الاكبر لنزاع اوقع عشرات الاف القتلى وتخللته مجازر وفظاعات اثنية ارتكبها الطرفان من عمليات اغتصاب وتعذيب وتجنيد اطفال وتهجير قسري للسكان.
واتاح التوزيع المكثف للمساعدات الغذائية واحيانا من الجو، حتى الان، تفادي غرق البلاد في المجاعة التي تهدده منذ بدء النزاع.
وان كان الوضع يشهد تحسنا في بعض المناطق بفضل المحاصيل الزراعية بحسب ما تفيد الوكالات الانسانية، الا ان مناطق اخرى باتت على شفير الكارثة، مثل مناطق المستنقعات حيث السكان لا يملكون سوى النبات المحلي وتحديداً زنابق الماء للتغذي منه.
ومع ندرة الطرقات التي غالبا ما تغمرها المياه ويتعذر سلوكها في موسم الامطار، تنقل المساعدات في احيان كثيرة الى المناطق في مراكب على طول نهر النيل او يتم القاؤها بالمظلات لتصل الى السكان المحتاجين.
واحصت منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) "حالات معزولة من الجوع الاقصى" بين بعض النازحين من ولايتي الوحدة واعالي النيل النفطيتين، البؤرتان الرئيسيتان للنزاع، واصفة الوضع فيهما بانه "من الاسوأ في العالم على الصعيد الانساني وعلى صعيد الامن الغذائي".
وباتت بعض الوكالات الانسانية تخشى ظهور جيوب من المجاعة.
وتمكن موظفو الامم المتحدة اخيرا من الوصول الى كوش التي يسيطر عليها جيش جنوب السودان الموالي للرئيس سلفا كير والمحاصرة بقرى تحت سيطرة المتمردين التابعين لنائب الرئيس السابق ريال مشار وباتت معزولة بعد اربعة اشهر من المعارك.
وقالت رئيسة برنامج الاغذية العالمي جويس لوما خلال زيارة الى كوش "نلاحظ نسب سوء تغذية عالية، انعداما كبيرا للأمن الغذائي، مشكلات صحية ومشكلات في تنقية المياه".
ويعيش السكان في ملاجئ يرتجلونها ويحتمون تحت شوادر بلاستيكية صغيرة بالكاد ترد عنهم المطر.
وشرحت روسيا نيالو (37 عاما)، الام لثمانية اطفال، ان "المنازل كلها احرقت والمعارك متواصلة. ابقارنا نفقت والحياة هنا ليست جيدة".
ولجأ ثلاثة من اولادها مع اقرباء لهم الى السودان المجاور، فيما وضع رابع بحماية قوات السلام الدولية ضمن مجموعة تزيد عن 117 الف شخص في قاعدة الامم المتحدة في بنتيو عاصمة الولاية.
وتكافح نيالو مع اولادها الاربعة الذين لا يزالون معها للبقاء على قيد الحياة فيقتاتون من نبتات يجمعونها ومن مساعدة برنامج الاغذية حين تتوافر.
وتقول "نأكل اي نبتة نجدها يمكن ان تحل محل الطعام، لكن الاطفال يعانون كثيرا"، موضحة انه حتى الايام التي يسدون فيها جوعهم تبقى العائلة تحت رحمة هجمات يشنها مسلحون.
وجنوب السودان هي احدث دولة في العالم اعلنت في تموز 2011 اثر انشقاقها عن السودان، وهي من اقل الدول تطورا. وفي كانون الاول 2013 بعد سنتين فقط على اعلان استقلالها، غرقت مجددا في حرب اهلية ذات ابعاد اثنية وسياسية اسفرت عن تهجير اكثر من 2,2 مليون شخص.
ووقع طرفا النزاع، الحكومة والمتمردون، المدعومان من ميليشيات اثنية، في نهاية آب اتفاق سلام نص على وقف اطلاق النار، غير ان الطرفين لا يزالان يتبادلان الاتهامات بمواصلة المعارك. ووقع كير ومشار منذ شباط 2014 سلسلة طويلة من اتفاقات وقف اطلاق النار يتم انتهاكها خلال الايام او حتى الساعات التي تلي ابرامها.
(أ ف ب)
إضافة تعليق جديد