جنوب أفريقيا.. تمييز عنصري ضد البيض
يشعر الكثيرون من المواطنين البيض في جنوب أفريقيا بالتهميش، والتمييز ضدهم في الوظائف والترقيات المهنية، ويلقون باللائمة في ذلك على سياسات الحكومة التي طرحت في الأساس لمعالجة مساوئ عهد الفصل العنصري.
ويقول بات بويلي، وهو طالب جنوب أفريقي أبيض: «ولدت بعد انتهاء حقبة الفصل العنصري. ولا أدرك لماذا ينبغي أن يستمروا في اعتباري أحد المستفيدين من النظام السابق».
وأشار بويلي إلى أنه يواجه ذات التحديات التي يواجهها معظم الشباب في جنوب أفريقيا.
وأضاف: «ينبغي السماح لنا بالمنافسة على الوظائف، والفرص الأخرى على قدم المساواة، وذلك على أساس الجدارة بدلا من فرض بعض القيود».
ويقول بعض المواطنين البيض في جنوب أفريقيا إنهم يُحرمون من حقهم في التعيين في بعض الدوائر الحكومية، حتى عندما تكون هناك مناصب شاغرة، ولا يتوفر لشغلها مرشحون من مجموعة عرقية أخرى.
وقال محاسب طلب عدم الكشف عن هويته: «تقدمت بطلب للحصول على منصب شاغر في إحدى الإدارات الحكومية عندما سمعت به، ولكني لم أتلق رداً».
وأضاف: «أعتقد أنني كنت المرشح الأكثر تأهيلاً، لكنهم أغفلوني بسبب العرق».
وهذا الرجل لا يمكنه أن يكشف عن اسمه خشية تعريض فرص عمله المستقبلية للخطر، ولم يتسن التحقق مما قاله من مصادر مستقلة.
ويعتقد بيت لو رو، وهو باحث كبير في «معهد بحوث التضامن» أن المواطنين البيض يتعرضون للتمييز ضدهم.
ويوضح لو رو «ليس هناك شك في أن السياسات العنصرية للحكومة الحالية تبعد الأفارقة من أصل أوروبي (مجتمع البيض في جنوب أفريقيا) تماماً كما تبعد الأقليات الأخرى».
ويشير لو رو إلى ما وصفه بـ «إصرار متزايد» من قبل الدوائر الحكومية على أن الموظفين يجب دائما أن تكون نسبتهم من إجمالي سكان البلاد نحو 79 في المئة من السود، و10 في المئة من البيض و9 في المئة ملونين، و2 في المئة من الهنود.
من جهته، قال، برنت سيمونز، المتحدث باسم وزارة الخدمة العامة والإدارة» إن الدوائر الحكومية «يتم تشجيعها» لضمان أن أفضل الأشخاص يتم تعيينه في أي منصب شاغر، وأن يتم شغل الوظائف الشاغرة خلال مدة محددة أقصاها ثلاثة أشهر».
وعلى خلفية تاريخها الماضي من الفصل العنصري، طرحت سياسة العمل الإيجابي في جنوب أفريقيا، وتهدف إلى ضمان أن الأشخاص المؤهلين من جميع الفئات المعينة (الأفارقة والملونون والهنود والنساء والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة) لديهم فرص متساوية في مكان العمل.
من جهتها، قالت لجنة الخدمة العامة في جنوب أفريقيا العام الماضي إن بعض الدوائر الحكومية تسيء استغلال سياسة العمل الإيجابي من خلال عدم شغل الوظائف عندما لا يتوفر مرشحون مؤهلون من السود.
وتعتبر رينات برنارد، وهي ضابطة كبيرة سابقة في شرطة جنوب أفريقيا، أنها مثال على حرمان الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من الترقية بسبب سياسة العمل الإيجابي.
وكانت برنارد التحقت بجهاز الشرطة بعد الانتهاء من دراستها الثانوية في سن الثامنة عشرة، واستمرت في تعزيز دراستها وهي تتدرج في الرتب.
وتوضح برنارد «بعدما تمت ترقيتي إلى رتبة نقيب، تقدمت بطلب لأكثر من 70 وظيفة ليتم ترقيتي إلى المستوى التالي (مقدم)، ومع ذلك، لم أنجح بسبب لون بشرتي».
ولهذا قررت برنارد في نهاية المطاف أن تصعد الأمر إلى المحكمة وتقاضي جهاز شرطة جنوب أفريقيا.
وتشير برنارد إلى أنها، في مرحلة لاحقة، تمت ترقيتها إلى رتبة مقدم في قسم آخر بعدما استمرت 13 عاما في رتبة نقيب.
وتضيف «استقلت في حزيران العام 2014، بعد أكثر من 25 عاما قضيتها في الخدمة بسبب تعرقل مساري الوظيفي بسبب لون بشرتي».
وفي المقابل نفى المتحدث باسم الشرطة الوطنية الملازم سليمان ماكغال صحة هذه المزاعم، قائلا: «ليس صحيحاً أن الناس من جماعات الأقليات ليس لهم مستقبل في خدمة الشرطة»، مشيراً الى ان الأفراد الذين ينتمون للأقليات يحصلون على ترقيات في جهاز الشرطة، ولكن من غير الممكن ترقية الجميع.
من جهته، يعتقد أندريه دوفنهاغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «نورث ويست» في مدينة بوتشفستروم (شمال شرق)، أنه من المهم إعطاء السود فرصا وقدرات بناء، لكنه يرى أنه ليس من العدل تطبيق سياسات على أساس عنصري.
ويرى دوفنهاغ أن «المجتمع الملون خلال عهد الفصل العنصري لم يعتبر نفسه أبيض بما فيه الكفاية، والآن لا يعتبر أيضا أسود بالقدر الكافي».
(«الاناضول»)
إضافة تعليق جديد