جريمة كشف ملابساتها «شاهد شاف كل حاجة»
في وقائع هذه القضية ، ورد إخبار لمخفر شرطة السبينة ، حول وجود شخص متوفٍ ضمن بستان خلف معمل البرادات على طريق العسالي ، فانتقلت دورية للمكان ، وشاهدت الجثة وبقع دماء مختلفة متناثرة وممتدة من الطريق الترابي الفاصل بين شركة بردى ،ومستودع محجوزات المحافظة ، وعلى مسافة من هذا الطريق . .
تم إعلام هيئة الكشف القضائي بالحادثة ، حيث تبين أن الجثة للمغدور فاعور، وتضمنت الخبرة من حيث النتيجة ، أن سبب الوفاة ناتج عن نزف متواصل من الجسم قبل الوفاة، وعدم توقفه ، ما أدى إلى توقف القلب والتنفس ، ومن ثم الوفاة ... ومن خلال البحث والتحري، شهد أحد الجوار وهو ناطور مزرعة ضمن محيط المكان ، أنه بتاريخ الحادثة وعند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ، سمع صوت سيارة مرت أمام المزرعة التي يعمل فيها.
أخذ الكلب في المزرعة ينبح ، فصعد على الفور إلى سطح الحظيرة ، وشاهد سيارة تكسي عامة تبعد عن مكان وجوده حوالى مائة متر تقريباً ، أنوارها مضاءة ، كما كان المكان مضاء بضوء القمر ، حيث شاهد شخصين خلف السيارة ، أحدهما يرتدي ثياباً باللون الأسود ، والثاني لون ثيابه سماوي (جينز) ، فأخذ يراقب ما يجري بينهما ، حيث صعد هذان الشخصان بعد حوالي أربع دقائق إلى السيارة ، كل على حده من جانب ، وبعد بضعة دقائق فقط خرج هذان الشخصان من الجانب الأيمن للسيارة ، وبدا له أن الشخص الذي كان يرتدي اللباس الأسود كان يلوذ بالفرار ، حيث لحق به الشخص الذي يرتدي اللباس السماوي ، وعلى بعد حوالى عشرة أمتار من السيارة أقدم الشخص الذي يرتدي اللباس السماوي على ضرب الآخر الذي كان يرتدي اللباس الأسود من الخلف وهو يشتمه ويقول له ...«هات المصاري» وقد تمكن الشخص المضروب ، من الهرب مجدداً لمسافة خمسة أمتار ، تمكن الشخص الذي كان يرتدي اللباس السماوي بعدها من اللحاق به مجدداً وضربه مرة أخرى ، حيث بقي الشخص الذي كان يرتدي اللباس الأسود واقفاً في المكان بينما عاد الثاني إلى السيارة ، وصعد إليها من الجانب الأيمن ، وفور إغلاقه الباب دارت السيارة والتفت وعادت من قرب المزرعة ، حيث تمكنت من أخذ رقم فانوس السيارة ، التي ذهبت بينما بقيت واقفاً في مكان فوق الحظيرة ، حيث شاهدت الشخص المضروب يتابع مسيره في اتجاه معمل بردى ، وفي الصباح ذهبت إلى مكان الحادثة عند الثامنة ، حيث شاهدت بقعة دماء مكان توقف السيارة ، وتابعت آثار الدماء حوالى مائتي متر تقريباً ، توقفت بعدها ، وبلغت الجوار بما شاهدته، كما أبلغت مساعداً أعرفه في مخفر السبينة بما شاهدته ،وأعطيته رقم فانوس السيارة ، لأشاهد في اليوم الثاني دوريات الأمن ، وعلمت منهم أن هناك جريمة قتل فأدليت بافادتي أصولا ، وأعطيتهم مواصفات القاتل ورقم فانوس السيارة ، وبعد إلقاء القبض عليه ، تعرفت عليه في قسم الأمن الجنائي ، حيث كان يرتدي غير الملابس التي شاهدته فيها ليلة وقوع الجريمة ، ولكنه كان بنفس الحجم والطول ...
وفي اعترافات المقبوض عليه أقر بالتحقيق معه بأن المغدور كان قد أخذ سيارته وهو يقودها - كسائق - في طلب عند الساعة الثانية من بعد منتصف الليل ، حيث صعد معه من شارع العروبة ، في السيارة ، دون أن يطلب منه ايصاله إلى مكان معين ، وإنما كان يشير له فقط بتحديد خط سيره وفي محلة السبينة يقول :
طلب مني الدخول في طريق ترابي ، فاعترضت ، فاعترضت كون الطريق ضيقاً ، فأصر زاعماً أن له مزرعة في نهاية هذا الطريق ، ولكنه فوجئ به يطلب منه - التوقف- في منطقة خالية من السكان ، ويسأله عن الأجرة التي يريدها ثمناً لهذه - التوصيلة - فأجابه كما تريد .. وعندئذ - يقول - وضع يده في جيب سترته وأخرج منها بدل النقود موس كباس وضعه على رقبته وطلب منه كل ما بحوزته من نقود ، فأعطاه مبلغ 250 ل.س كان على الشمسية ولكنه أصر على أخذ جزدانه الشخصي ، وأثناء ذلك حاول مقاومته بمسك يده القابض بها على الموس حيث ثناها قليلاً نحو الخلف عند المعصم ، وسحب الموس منها معرضاً إصبع يده اليسى للجرح ، فحاول المغدور - كما يقول - سحب مفاتيح السيارة وهدده أنه مسلح أيضاً بمسدس فقام على الفور بضربه بالموس على وجهه وعنقه ، فغادر السيارة هارباً منه ، ما جعله يلحق به ويطعنه طعنة أخرى يظهره في محاولة منه لاسترداد نقوده ومفاتيح سيارته وإجازة القيادة كما يزعم ... ومن ثم عاد إلى سيارته وانطلق بها عائداً إلى منزله دون أن يخبر الأمن أو الشرطة بما حدث معه أو حتي محاولة أسعاف المصاب لاعتقاده بأن الطعنات كانت غير مؤذية وبرانية وفي صباح اليوم التالي ، قام بغسل السيارة وتنظيفها من آثار الدماء ،كما غسلت زوجته ملابسه والنقود التي كانت ملوثة بالدماء ، في حين بقي الموس الكباس أي أداة الجريمة بحوزته إلى حين إلقاء القبض عليه واعترافه بعد علمه بأن غريمه قد فارق الحياة بتفاصيل ما جرى معه ...
هذا وبإحالة المقبوض عليه مع الضبط موجوداً إلى القضاء أصدر السيد قاضي الاحالة الثاني بريف دمشق قراره رقم 326 في الدعوىأساس 1130 الذي تضمن اتهام المدعى عليه (أرم) تولد 1970 الموقوف في سجن دمشق المركزي بجناية القتل قصداً ومحاكمته لأجل ذلك أمام محكمة الجنايات والظن عليه بقرار السيد قاضي التحقيق بجنحة حيازة سلاح ممنوع ومحاكمته لأجل ذلك تلازماً مع الجرم الأشد ...
ولدى مثول المتهم أمام محكمة الجنايات الثانية في ريف دمشق طلب ممثل النيابة العامة تجريم المتهم ومعاقبته وفق منطوق قرار الاتهام ...
بينما طلبت جهة الادعاء إنزال أقصى العقوبات بحق المتهم والحكم عليه بالتعويض على ورثته في حين طلب وكيل المتهم في الدفاع : إعلان عدم مسؤولية موكله في هذا الجرم ، لأن ما قام به لا يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، لأنه كان في حالة الدفاع المشروع عن النفس والملك ... وبناء عليه قررت محكمة الجنايات المذكورة بالاتفاق : تجريم المتهم بجناية القتل قصداً ومعاقبته بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً ، غير أنه وللأسباب المخففة التقديرية التي وجدتها المحكمة في ظروف وملابسات هذه القضية وطلب المتهم الشفقة والرحمة من هيئة المحكمة كونه (كما ذكر ) -كان معمياً على قلبه - قررت الهيئة المذكورة تخفيض عقوبته إلى الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات ونصف ...
ملك خدام
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد