جامعة الاتحاد: فساد وتزوير ونصب وسرقة
تهرب من ضرائب الدولة.. تزوير قيمة رواتب الموظفين أمام التأمينات.. تزوير أوراق غير موظف لبعض العاملين .. تزوير توقيع الشركاء على أثر خلاف.. عملية نصب بمليون دولار .. إضراب الطلاب نظرا لارتفاع الأقساط..
مخالفات بالجملة, كشفها محاسب جامعة الاتحاد السابق أمام الجهات المعنية, التي باشرت التحقيق فيها, ولكنه - كما يقول - دفع ثمناً باهظاً جداً, إذ ألقى نفسه خلف القضبان, متهماً بسرقة أكثر من ثلاث ملايين ليرة سورية من صندوق الجامعة!!..
ويبدأ وليد الحاج عبد الله الحكاية قائلاً: كنت موظفاً لدى جامعة الاتحاد الخاصة بالرقة (محاسب وأمين صندوق), وقد تعرضت الجامعة وغرفة المحاسبة للسرقة بطريقة الكسر والخلع, وسرق منها أكثر من ثلاثة ملايين ليرة, بعد خلع باب الخزينة, مع ملاحظة أن الباب الرئيسي للجامعة قد تم فتحه بمفتاح مطابق دون كسر أو خلع.
وفي بداية الأمر, تم توقيفي مع أربعة أشخاص من موظفي الجامعة وبينهم ابن أخت رئيس مجلس الإدارة, غير أن قاضي التحقيق منع محاكمتهم, وأخلى سبيلهم, لتستمر محاكمتي أمام محكمة الجنايات التي أصدرت بحقي حكماً بالسجن لثلاث سنوات.
هذا على الرغم من اعتراف شخص من أرباب السوابق بسرقة الجامعة بالاشتراك مع آخر, (فار من وجه العدالة) وبالتنسيق مع ابن أخت رئيس مجلس الإدارة, بعد تأمين فتح الباب الرئيسي له, عن طريق المستخدم, الذي ضبط عناصر الأمن الجنائي, بين مفاتيحه مفتاحاً مطابقاً لباب الجامعة, بعد أن أنكر بداية أنه يحمل هذا المفتاح, كما تبين أن هذا المستخدم من أرباب السوابق.
هذا ما أفادنا به محاسب الجامعة, وبالعودة إلى ادعاء إدارة الجامعة, تبين أنها قد اشتبهت فيه لأسباب منها:
أولاً: أنه خالف تعليمات إدارة الجامعة, بعدم إبقاء مبالغ نقدية وتزيد على مئة ألف ليرة في صندوق محاسبة الجامعة والتي كان يجب أن يودعها في حساب الجامعة بالمصرف.
ثانياً: تأكيد المستخدمة التي كانت تقوم مع شقيقها بتنظيف الطابق الأرضي ظهيرة يوم وقوع السرقة, أن المحاسب حضر إلى الجامعة في ذلك اليوم بالذات, وسألها: إن كان يوجد أحد في الطابق العلوي, وأضافت إنها استغربت حضوره وسؤاله في ذلك اليوم, لأنه كان يوم - جمعة - وهو عطلة رسمية كما صادف عطلة عيد الأضحى أيضاً.
كما ذكرت المستخدمة, إنه وبعد انصراف محاسب الجامعة بساعة أو ساعتين راجعها شخص آخر, بحجة البحث عن عمل وسألها ذات السؤال: هل يوجد أحد في الجامعة..
ثالثاً: لقد سبق التبديل بين غرفتي أمانة السر والإدارة المالية خلال فترة وجيزة قبيل وقوع السرقة, ورغم بقاء ذات اللوحتين بلا تبديل يذكر على بابي الغرفتين, وجد أن السارق قد توجه مباشرة إلى غرفة أمانة السر, لعلمه السابق بأن النقود موجودة فيها, وتجنب غرفة الإدارة المالية التي يفترض منطقياً أن تكون النقود فيها.
رابعاً: ورد في ضبط الشرطة, أن الخزنة قد فتحت بمفتاحها الأصلي دون آثار عنف, باستثناء خلع بابها الذي أخذه السارق معه للتمويه والذي تبين أنه قام بخلعه بطريقة فنية مدروسة دون خدش للدهان أو حتى تطعيج عند المفصلات, وعندما راجع رجال الشرطة المحاسب في منزله, لم يجد المفتاح بحوزته, وإنما لاحظوا بعد مراقبة المنزل شقيقه وهو يبحث في الخرابة المهجورة خلف المنزل, وبتفتيش هذه الخرابة, وجدوا المفتاح الأصلي للخزنة.
أطرف ما في الحادثة, أن يشهد أحد الموقوفين, أنه أثناء وجوده في السجن, وجد المدعى عليه يعقد صفقة مالية مع أحد أرباب السوابق بجرائم السرقة الموصوفة, لتحميله تبعة جرمه, لقاء مبلغ مالي نقده إياه..
في حين زعم رئيس مجلس إدارة الجامعة, أنه عندما زار المتهم مع محاميه في السجن, ليقنعه بإعادة المبلغ المسروق لصندوق الجامعة, رفض الأمر قائلاً له:
لو ذهبت إلى الخليج, وبقيت عشر سنوات, فلن أحلم بجمع هكذا مبلغ, وإذا ما حكمت فسأقضي في السجن من ثلاث إلى أربع سنوات والسلام .. ما يؤكد اعترافه ضمنياً بارتكاب جرم السرقة.
زعم المدعى عليه, أن الادعاء بحقه كيدي.. فهو لم يودع المبالغ في المصرف , وأبقاها بحوزته مضطراً لأنه اعتقد خطأ أن المصرف يغلق أبوابه بالعيد .
كما لم ينكر محاسب الجامعة في متن التحقيقات أنه قد ذهب بعد صلاة الظهر إلى الجامعة - إذ وجد نفسه قريباً منها..ولكن ليس ليتأكد من خلوها تمهيداً للسرقة, وإنما ليسأل المستخدمة عن زوجها,وهل وصلت إليه حصته من أضحية العيد التي كان قد أرسلها له.. وأضاف قائلاً: أنا لا أعلم لماذا إدارة الجامعة حصرت الشبهات بي, رغم أن شخصاً آخر كما تؤكد ذات المستخدمة قد راجعها بعد ذهابي, بحجة السؤال عن عمل, وسألها سؤالاً أنا لم أطرحه أصلاً عليها..هل في الجامعة أحد؟..وأنا لا أعلم لماذا لفقت هذا السؤال , مع أني لم أطرحه عليها بالأساس.. ربما لتنقذ زوجها الحارس من السين والجيم, أو حتى بالاتفاق مع إدارة الجامعة كي لا تطرد من عملها.. وأما لجهة تبديل الغرف, فلست وحدي من يعلم بالأمر, وأولهم قريب رئيس مجلس الإدارة, والمستخدم كحارس في الجامعة وغيرهما من الموظفين بالجامعة.. وبالمناسبة أنا لم يكن لي يد في هذا التنقل القسري بين الغرف وقد لفت نظر الإدارة إلى أن غرفة أمانة السر التي نقلت لها - لا حماية لها - وطلبت منها تركيب باب حماية حديدي لها في كتاب, وقد كلف قريب مجلس الإدارية باعتباره رئيساً للصيانة في هذا الأمر ولكنه ماطل فيه, فمن الطبيعي أن يكون بعهدتي وأنا أمين الصندوق, وإذا كانت الشرطة قد وجدت شقيقي يبحث عنه في الخربة المهجورة خلف المنزل, فذلك لأن النسوة في البيت رمته هناك, من خشيتهن علي, بعد أن شاهدن الشرطة تقتحم البيت وتطلبني, واعتقدن ربما - خطأ - بأن هذا ينفي عني المسؤولية.. والسؤال: إذا كان من المفترض أني من سرق الخزنة بعد أن فتحتها بمفتاحها الأصلي, وخلعت من ثم بابها بطريقة مدروسة, وأخذته معي للتمويه - كما جاء في ضبط الشرطة - فأين الباب المخلوع للخزنة؟!..
أليس من الطبيعي أن تجده الشرطة, حيث وجدت المفتاح.. أو في محيطه القريب على أقل تقدير.
وأخيراً.. يقول المحاسب المتهم: أنا لم أفاوض أحداً على الإطلاق لحمل الجرم عني, والشاهد الذي شهد على هذا الأمر, عاد واعترف أمام شاهد آخر هو بمثابة (الشاهد الضد) بأنه قد ذكر ذلك لأن له بذمتي مبلغاً من المال وإذا لم أعطه له فيحملني القضية.
وأما ما ذكره رئيس مجلس إدارة الجامعة, فهو غير منطقي, إذ لا يعقل أن أذكر أمام شاهد على أقوالي (كمحاميه) ما ذكره نقلاً عن لساني, وهو في حقيقة الأمر لم يأت ليفاوضني على إعادة المبلغ المسروق, وإنما ليعرض علي مبلغاً من المال يدفعه لقاء عدم ذكر اسم ابن أخته المتورط في السرقة, في متن التحقيقات.. ولا سيما أن له سوابق في اختلاسات كان يقوم بها على فواتير الجامعة.
في الختام, نحن علمنا من مصدر قضائي أن الحكم الصادر بحق محاسب جامعة الاتحاد قد فسخ, وأعيدت أوراق الدعوى لمصدرها, لإعادة دراستها أصولاً , وريثما تثبت براءته أو يدان مجدداً يبقى السؤال: إذا كان هذا الادعاء - كما يزعم محاسب الجامعة - كيدياً وجاء كرد فعل من إدارة الجامعة لأنه قلب عليهم الطاولة وكشف أوراق الفساد فيها والتزوير.. فمن الذي سرق جامعة الاتحاد إذاً؟!!.. ومن له المصلحة في هذا الأمر إن لم يكن هو بالذات؟!!.. سؤال نطرحه للمتابعة وبعد النظر مجدداً بالقضية نعدكم بلقاء.
ملك خدام
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد