تونـس: الجبالـي يرفـض رئاسـة الحكومـة و«النهضــة» تبحــث عن مرشح متشدد
كلّما بدا أن الأمور تتجه للوضوح في تونس، يغرق المشهد السياسي في الغموض أكثر، ويسيطر القلق على مسار المرحلة الانتقالية التي تعرّضت لضربة قاسية مع اغتيال المناضل البارز شكري بلعيد.
وفي آخر التطورات أمس، اعتذر رئيس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي عن قبول إعادة تكليفه مرّة أخرى، حاسماً بذلك أي إمكانية لعودته إلى الحكومة. وقد خالف الجبالي، وهو أمين عام حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة، بذلك التوقعات بعد ما قاله عند إعلان استقالته قبل يومين من إمكانية العودة إلى تشكيل حكومة في حال كانت أجندتها واضحة، وأبرزها إجراء الانتخابات وكتابة الدستور.
وهكذا انقسمت الأنظار التونسية أمس بين الجبالي، الذي استقال إثر فشله في تأليف حكومة «تكنوقراط» غير حزبية، وحركته الإسلامية المولجة في هذه المرحلة انتقاء مرشح لتشكيل الحكومة، بحسب ما ينص التنظيم المؤقت للسلطة الذي يدفع الرئيس إلى إجراء مشاورات مع القوى السياسية لا سيما الحزب الحاكم.
ويناقش مجلس شورى «النهضة» مع شركاء الحركة في الحكم هوية المرشح في هيئة استشارية موسّعة، بحسب ما أعلن المكلّف بالإعلام في «النهضة» نجيب الغربي.
وبحسب الغربي، الذي نقلت كلامه وكالة الأنباء التونسية الحكومية، هناك أربعة قياديين في «النهضة» على قائمة مرشحي رئاسة الحكومة وهم علي العريض (وزير الداخلية) ونور الدين البحيري (وزير العدل) ومحمد بن سالم (وزير الفلاحة) وعبد اللطيف المكي (وزير الصحة)، مع العلم أن الإسمين الأولين الأكثر ترجيحاً، وهما ممن يوصفون بأنهم من المتشددين داخل الحركة.
وبالعودة إلى موقف الجبالي، فقد حاول بالأمس، في مؤتمر صحافي، أن يعتذر من «الشعب التونسي لأنه خيّب آماله». اعتذار الجبالي، وإن قوبل بالتقدير، بقي مقصّراً بحسب مراقبين عن تعويض أكثر من ثمانية أشهر من حكم «النهضة» كانت كفيلة بتعميق يأس التونسيين من أمنهم ومستقبلهم.
الجبالي مضى في الدفاع عن مبادرته، معتبراً أنها كانت تهدف إلى العمل على فائدة التونسيين وشأنهم العام، وأولويات التشغيل والأمن والأسعار لتخفف عناء العيش. وفيما دعا التونسيين من سياسيين ونقابيين وإعلاميين ومستثمرين ومواطنين إلى الوحدة في الفترة المقبلة من أجل إنجاح المرحلة المقبلة، شرح الجبالي أسباب رفضه للتكليف، وهو رفض لم يكن «متعنتاً» بل «نتيجة استشارة واستخارة».
في هذه الأثناء، أعلن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، أحد شريكي النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم، تأييده مقترح الحركة تشكيل حكومة «ائتلافية» تضمّ ممثلين عن أحزاب سياسية و«كفاءات وطنية».
وفي خطوة لافتة في إطار المشاورات المستمرة، التقى المتحدث الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي بالمرزوقي، وأكد خلال اللقاء «أهمية ما طرحته الجبهة في تنظيم مؤتمر وطني للإنقاذ من أجل مناقشة الأزمة التي تعيشها تونس وخاصة الأزمة السياسية وإيجاد حلول لها تقع مناقشة مسألة الحكومة كي نخرج من هذه الوضعية».
وبموازاة ذلك، عاد الملف الأمني ليشغل حيّزاً بارزاً من المشهد. أولاً، في ما يتعلّق بالتحقيق في قضية اغتيال بلعيد، أعلن وزير الداخلية أن»الفرق المختصة بالوزارة تقدمت أشواطاً كبيرة ووصلت الآن مرحلة الإيقافات»، موضحاً أن الأجهزة الأمنية تمكنت من اعتقال 13 شخصاً، 11 منهم كانوا مختبئين في أحد المساجد في المنطقة.
وأمام التعتيم المضروب حول التحقيقات في اغتيال شكري بلعيد، تنتشر التكهنات في الصحافة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وسط تخوّف من تشويه الحقائق من قبل «النهضة» المتهمة بشكل أساسي بمقتل بلعيد.
وفي تصريحات للمتحدث باسم لجنة الدفاع عن بلعيد فوزي بن مراد لإذاعة «إكسبرس أف أم»، قال إن «هناك طرفاً سياسياً تورط في اغتيال بلعيد»، وسيتم الإعلان عنه في الأيام المقبلة، وترجح إذاعات محليّة أن ذلك سيكون اليوم.
من ناحية ثانية، أصيب عنصرا أمن بجروح خلال تبادل لإطلاق النار مع مسلحين في مركز ولاية سيدي بو زيد، بحسب مصادر أمنية. كما أعلنت وزارة الداخلية العثور على مخبأ للأسلحة والمتفجرات في حي شعبي في ولاية أريانة، شمالي العاصمة تونس.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد