تونس: بدء التصويت على نص الدستور
انطلقت في المجلس الوطني التأسيسي في تونس، أمس، جلسات مناقشة مسودة مشروع الدستور الجديد للبلاد، الناتج من سلسلة طويلة من التوافقات فرضت بعضها جلسات الحوار الوطني، في ظل مخاوف لا تزال حاضرة بشأن عدم احترام الطبقة السياسية التزاماتها، خاصة تلك المتعلقة بالمهلة المحددة لتنفيذ خريطة طريق المنظمات الراعية للحوار الوطني، والتي تنتهي في 14 كانون الثاني الحالي.
وانطلقت أعمال المجلس التأسيسي بحضور 192 عضواً، أمس، بمناقشة توطئة مشروع الدستور. ولم يتمكن النواب من تجاوز خلافاتهم حول عدد من النقاط، فيما وقف البعض عند نقاط غير ذات أهمية. وكانت طلبات التعديل تتمحور في معظمها حول إضافة لفظ أو حذف آخر أو تحسين الصياغة اللغوية، برغم أنّ أكثر خبراء القانون واللغة كفاءة في البلاد شاركوا في وقت سابق في مسألة تحسين الصياغة. يضاف إلى ذلك العودة ضمن النقاشات إلى مسائل حُسمت مسبقاً في إطار «لجنة التوافقات».
بموازاة ذلك، وقبل عشرة أيام فقط من الموعد المنتظر لتتويج المسارات الثلاثة، الانتخابي والتأسيسي والحكومي، عبّر سياسيون عن قلقهم، ملمحين إلى أنّ اختيار تاريخ 14 كانون الثاني الحالي كان متسرعاً، متخوفين في الوقت ذاته من خيبة أمل جديدة.
من جهته، أكد المقرر العام للجنة الدستور الحبيب خضر أنّ المجلس انطلق، أمس، في مسار المحطة ما قبل الأخيرة المتعلقة بالمصادقة على الدستور، مؤكّداً أنه سيتم احترام المهل بالمصادقة على الدستور قبل 14 كانون الثاني الحالي. وأعلن خضر أنّ التوافقات الحاصلة حول الدستور داخل «لجنة التوافقات» هي إلزامية وتم احترام ذلك خلال جلسة الافتتاحية للمصادقة على مشروع الدستور.
وقابل حديث المقرر العام للجنة اعتبار عدد من ممثلي المعارضة أنّ المصادقة على الدستور في الآجال المتوقعة «مسألة عسيرة».
و أكد النائب عن «حزب المسار» المعارض الخبير في القانون الفاضل موسى أنه من المنطقي أن «شيئاً من التأني واجب عند المصادقة على مشروع الدستور الذي سيدوم لأجيال مقبلة، بالنظر لنسق العمل في التصويت على التوطئة»، مضيفاً أنّ «عدد طلبات التدخل مهوّل وقد يفتح الباب للخطب العصماء وقد لا نستطيع أن نختتم الأعمال في الوقت المحدد». وقال «أرى أن يتم التمديد في المهلة حتى لا نتسرع ونأخذ حيزاً كافياً من الوقت ونحذر من كل المفاهيم الملغومة».
واعتبر الفاضل موسى أن تجاوز المهلة المحددة من قبل الرباعي الراعي للحوار ورئاسة المجلس التأسيسي للمصادقة على الدستور قد يضحي أمراً ذا أهمية مع تقدم الأشغال، مشيراً في الوقت ذاته إلى مسألة أخرى، وهي أنه إلى غاية يوم أمس لم يتم تكليف الوزير مهدي جمعة رسمياً بتشكيل حكومته، وهو ما يعني، وفقاً له، أنّ مسألة الآجال في المسار الحكومي كغيرها من الآجال لم تؤخذ بالجدية الكافية.
من جهته، عبّر «الحزب الشعبي التقدمي» المعارض هشام حسني، عن استيائه من إسقاط مسألة تكليف مهدي جمعة بتشكيل الحكومة من قائمة الجلسات العامة المبرمجة للفترة المقبلة، موضحاً أن رئاسة المجلس التأسيسي خصصت كامل الفترة المقبلة لإنهاء المسار الانتخابي باختيار أعضاء «الهيئة المستقلة للانتخابات» وللمسار التأسيسي عبر الإعلان عن انطلاق مناقشة الدستور.
في سياق متصل، تأجلت جلسة الحوار الوطني، التي كان من المفترض عقدها أمس، إلى اليوم، نظراً إلى أنّ «لجنة التوافقات» المشرفة على حسم النقاط الخلافية المتبقية حول الدستور لم تنه أشغالها بالكامل.
وضمن هذه الظروف تقترب الآجال المقررة لانتهاء تنفيذ بنود خريطة طريق الحوار الوطني من دون حديث يذكر عن المسار الحكومي، فيما تستمر حكومة علي العريض في تسيير شؤون البلاد وتتصاعد دعوات التسريع في المسار الحكومي وتتصاعد بالتوازي دعوات التأجيل والتخلي عن هذه الرزنامة.
أمينة الزياني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد