تلفزيون السوق الاجتماعي
لم يعد التلفزيون السوري وحيداً, فها هي قناة (شام) الخاصة صارت تقاسمه الفضاء والمشاهدين والمعلنين, كما أن العد العكسي قد بدأ لإطلاق قناة خاصة أخرى هي (الدنيا),وربما لاتمضي أشهر قليلةحتى تولدقناة ثالثة (الوطن) التي يجري التحضير لها حالياً.
من الطبيعي أن يتنبه التلفزيون الرسمي الى الوضع الناشئ, ويعيد حساباته على أسس ومعطيات جديدة, ومع ذلك فإن هذا التصرف الطبيعي الذي اتخذه بالفعل: أى الانتباه, كان مباغتاً..! فقد عودنا طيلة سنوات طويلة, أن يتصرف كبقال وحيد في قرية نائية, متجاهلاً ما بات يحاصره من منافسين أقوياء سلبوه معظم زبائنه...
لا بأس فمجرد الانتباه هو أمر إيجابي من حيث المبدأ, ولكن ما الذي سيفعله بعد ذلك..؟
تقول أوساط في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون, أن كون الهيئة رسمية وحكومية (قطاع عام) يجعلها مكبلة بقيود كثيرة تعيقها عن المنافسة ومن هنا فالأولوية أن تتحول الى مؤسسة اقتصادية ربحية, مع كل ما يتطلبه هذا التحول من اجراءات وقرارات جريئة..
و تقول هذه الأوساط : (إن قرار التحول قد اتخذ بالفعل في انتظار التنفيذ علي أرض الواقع).
بالطبع فإن أولى هذه الخطوات الجريئة المطلوبة سيكون إعادة النظر بكوادر الهيئة, هذا الجيش الجرار من الموظفين والعاملين والذي يتجاوز ال (5000) نصفهم مثبت, والنصف الآخر بعقود مؤقتة, أو ما يعرف بنظام البونات...
وبرغم أن حرية التصرف الفعلية متاحة فقط بشأن النصف الثاني, فإن أحداً الى الآن لم يجرؤ على ما يبدو على إعلان أرقام دقيقة عن عدد العاملين الذين سيتم الاستغناء عنهم, مع وجود تقديرات أولية تشير الى إمكانية الاستغناء عن ألف موظف على الأكثر..!!
إذا صح ذلك فإن الهيئة ستمضي الى عالم المال والأعمال وعلى كاهلها أربعة آلاف موظف, ثلاثة أرباعهم يتقاضون رواتبهم لقاء عدم قيامهم بأي عمل.. وهذه بالطبع إشارة غير مطمئنة على جدوى هذا التحول المزمع إلا إذا كان في قاموس الهيئة معانٍ أخرى لمفهوم (الربحية). من الخطوات الضرورية الأخرى مايتصل بالعلاقة مع المعلنين والممولين إذ لا بد أن تعطى الادارة هامشاً واسعاً من حرية الحركة على هذا الصعيد متجاوزة الأشكال التقليدية المعتمدة حالياً, وإذا كان كثيرون يشككون بإمكانية ذلك, فإن العقبة الحقيقية في الواقع , ليست هنا, إنها في سؤال أكثر أهمية وإلحاحاً:
ماذا عن العقلية التي تدير التلفزيون, وترسم سياساته وتوجه أهدافه..? هل ستستطيع التكيف مع هكذا تحول, فتحرر الخطاب الاعلامي من قيوده, وتخلصه من كليشاته, ومفرداته القديمة ومن نبرته الخطابية.. و التي لا تجدي بالتأكيد في عالم الاقتصاد ولا تأتي بأي ربح.؟!
سلمان عز الدين
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد