تفجيرات غامضة في بانكوك تخدم الاتهام الإسرائيلي لإيران
أصيب رجل عثر معه على بطاقة هوية إيرانية بجروح خطيرة، يوم أمس في بانكوك، وذلك اثر وقوع سلسلة تفجيرات لا تزال ظروفها غامضة، ولكن إسرائيل سارعت إلى ربطها بالتفجيرين اللذين استهدفا بعثتيها الدبلوماسيتين في الهند وجورجيا، أمس الأول، مشيرة بأصابع الاتهام مجدداً إلى إيران و«حزب الله».
وذكرت مصادر أمنية في بانكوك أن الشرطة التايلاندية حاولت اعتراض ثلاثة رجال كانوا يهربون بعد انفجار وقع في منزل في حي سكني في العاصمة، وعندها ألقى أحدهم عبوة على سيارة أجرة، ثم ألقى آخر عبوة أخرى باتجاه عناصر الشرطة، قبل أن يسمع صوت انفجار تسبب ببتر ساقيه. وقال سائق الأجرة للتلفزيون التايلاندي إن الرجل المصاب ألقى قنبلة أمام سيارته عندما رفض نقله قبل أن يفرّ.
وقال مساعد قائد شرطة بانكوك الجنرال بيسيت بيسوثيساك إنه «عُثر على بطاقة هوية إيرانية مع المصاب، ولذلك من المرجح أن يكون إيرانياً». وبحسب الشرطة التايلاندية، فإن المصاب يُدعى سعيدي مرادي، وكان قد وصل جواً إلى بانكوك في الثامن من شباط الحالي من مدينة فوكيت التايلاندية، وتسعى الشرطة إلى معرفة تاريخ وصوله الى البلاد.
وإثر ذلك، ذكرت السلطات التايلاندية أن إيرانياً آخر، أوقف في مطار بانكوك الدولي. وذكرت مصادر في الشرطة أن الموقوف يدعى محمد حزائي. وتباينت المعلومات بشأن هذا الرجل، ففيما قالت مصادر أمنية إن الشرطة ما زالت تستجوبه، وإنه لم يعرف بعد مدى ضلوعه في التفجيرات، قالت مصادر أخرى إنه أحد الشخصين الهاربين، مشيرة إلى انه كان يحاول الفرار إلى ماليزيا.
وقالت متحدثة باسم حكومة تايلاند إن «الشرطة تسيطر على الوضع... إذ يعتقد أن المشتبه فيه يخزن المزيد من المتفجرات داخل منزله»، فيما قال مصدر في الشرطة التايلاندية إن الأجهزة الأمنية تعكف على إبطال مفعول كمية غير محددة من المتفجرات عثر عليها في المنزل الذي يبدو أنه لم يتضرر كثيراً من الانفجار. وذكرت مصادر في الشرطة التايلاندية أن السلطات الأمنية أبطلت إثر الحادث عبوة متفجرة رابعة داخل المنزل.
وشدّدت السلطات التدابير الأمنية حول أهداف محتملة في بانكوك، بخاصة السفارة الإسرائيلية وحي سياحي شهير.
وطلبت رئيسة الوزراء ينغلاك شيناواترا من التايلانديين الا «يتسرعوا في استخلاص النتائج» حول ظروف هذه التفجيرات، قائلة «فلنترك الشرطة ووكالات الاستخبارات تقوم بعملها». وأضافت «على الناس الا يشعروا بالهلع لأن الفاعل قد اعتقل».
وقال قائد الشرطة التايلاندية فريوفان دامابونغ «أُبلغنا باحتمال وقوع اعتداء، لكننا لم نكن نعلم المكان الذي يمكن أن يحدث فيه»، مضيفاً إن السلطات التايلاندية اتصلت بسفارة إيران «للحصول على معلومات».
يذكر أن العاصمة التايلاندية تعيش في حالة استنفار منذ كانون الثاني الماضي، بعدما حذرت الولايات المتحدة من «خطر إرهابي» في مناطق سياحية غداة اعتقال شخص على علاقة بـ«حزب الله». ثم وجهت الى هذا الرجل التهمة بعد العثور على مواد كيميائية تستخدم في صنع قنبلة.
ولكن السلطات في بانكوك أشارت إلى أنه لا تتوافر لديها عناصر تربط بين القضيتين، لكنها قالت بأنها عملت أخيراً على فرضية وقوع هجوم.
وسارعت إسرائيل إلى توجيه التهمة إلى إيران. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إن «محاولة الهجوم في بانكوك تثبت مرة أخرى أن إيران وعملاءها يواصلون التحرك عبر الوسائل الإرهابية»، مشيراً إلى أن «الاعتداءات الأخيرة مثال على ذلك».
وأضاف باراك، الذي يقوم بزيارة إلى سنغافورة، بعدما أمضى بضع ساعات الأحد الماضي في بانكوك، إن «إيران وحزب الله يشكلان مصدراً لا ينضب للإرهاب، وهما تهديد للتوازن الإقليمي والعالمي».
وحذرت بريطانيا رعاياها بعد التفجيرات. وكتبت السفارة البريطانية على موقعها في شبكة الانترنت «كونوا متنبهين وتقيدوا بتعليمات السلطات التايلاندية وراقبوا الأخبار المحلية».
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية التفجيرات، لكنها دعت إلى انتظار نتائج التحقيقات في الحادث.
ووقعت التفجيرات في بانكوك بعد يوم من استهداف مصالح إسرائيلية في الهند وجورجيا، ما أسفر عن إصابة دبلوماسية وسائقها في نيودلهي.
وقال الطبيب في مستشفى بريموس في نيودلهي ارون بانوت إنه تم انتزاع شظايا معدنية من جسد الدبلوماسية الجريحة البالغة من العمر 42 عاماً، وهي زوجة الملحق الأمني في السفارة، مشيراً إلى أنها ستعود إلى إسرائيل في اقرب وقت.
وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية، نقلاً عن قناة هندية، أن إسرائيل نقلت إلى الهند معلومات حول شخصين يشتبه في أنهما خططا لتنفيذ هجوم نيودلهي. وتشير هذه المعلومات إلى أن للشخصين علاقات مع إيران. وأضافت القناة الهندية إن التحقيقات التي تجريها السلطات المحلية تتركز على أبناء الجالية الإيرانية في الهند.
وإذا كانت كل هذه الوقائع تحمل في نظر إسرائيل بصمات إيران، فقد بدت نيودلهي أكثر تحفظاً. وتحدث وزير الداخلية الهندي بي شيدامبارام عن منفذ «جيّد التدريب»، لكنه رفض توجيه الاتهام إلى أي جهة.
وأشار الوزير الهندي «من الواضح أن الشخص الذي نفذ الاعتداء تلقى تدريباً جيداً ولهذا السبب نعتقد أن الدبلوماسية الإسرائيلية كانت الهدف». وأضاف «علينا التقدم في التحقيق على أساس أن الحادث اعتداء... لكننا لا نتهم أي مجموعة أو منظمة».
بدوره، قال وزير الخارجية الهندي إن بلاده ملتزمة بإمداد إسرائيل بجميع المعلومات حول سير التحقيق في تفجير نيودلهي. وأوضح أن «بإمكان إسرائيل، وخاصة رجال أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المساهمة في تقصي ملابسات هذا الحادث».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الهند قد اتصلت بالسلطات الإيرانية عقب الاعتداء نفى الوزير الإيراني أن تكون حكومته قد قامت بذلك.
في المقابل، حذر رئيس «اتحاد عموم الهند لمصدّري الأرز» فيجاي سيتيا من أن الهجوم قد «يقوّض» و«يضرّ» بجهود الهند للتعامل تجارياً مع إيران، التي ترزح تحت وطأة عقوبات، وربما يعقد جهود حل أزمة المدفوعات التجارية. وأضاف إن الهجوم «سيزيد من تعقيد الأمور ويضرّ بالتجارة»، لكنه أشار إلى أنه من الصعب تحديد مدى تضرر التجارة.
ورفعت الشرطة الإسرائيلية حالة التأهب عقب هجومَي نيودلهي وتبليسي. وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد إن «الشرطة الإسرائيلية رفعت حالة التأهب العامة في إسرائيل مع التشديد على الأمن في الأماكن العامة، بما يتضمن السفارات الأجنبية والمصالح الأجنبية كالمطار».
ويدور الحديث في إسرائيل عن جولة جديدة من الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران، لكن الخبراء لا يتوقعون أن يكون الرد الإسرائيلي كبيراً نظراً لنطاق الهجمات المحدود.
وبالرغم من تصريحات نتنياهو عقب هجومَي نيودلهي وتبليسي، وتوعده بالتصرف «بحزم» من اجل القضاء على «الإرهاب الدولي الذي تصدره إيران»، يرى الخبراء بأنه من غير المحتمل أن يكون هناك رد إسرائيلي.
وقال بوعز غانور، وهو مدير «مركز هرتسيليا لمكافحة الإرهاب»: «لا أعتقد أنه سيكون هناك رد من إسرائيل على هذه الهجمات لكون شغلها الشاغل هو التحقيق لإثبات تورط إيران». وأضاف «نعتقد أن إيران تقف وراء هذه الهجمات الأخيرة لأن أسلوب العمل المستخدم في نيودلهي وتبليسي هو ذاته الذي استخدم في الاغتيالات الأخيرة للعلماء الإيرانيين: إلصاق قنبلة على مؤخرة سيارة، وهذه طريقة لتضع إيران توقيعها على الهجمات وترسل رسالة ردع لإسرائيل».
ورأت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن القنابل التي وجدت في نيودلهي وتبليسي كانت بدائية، وأن أهداف الهجمات كانت «ثانوية». وبحسب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان فإن الطابع المحدود للهجمات يثبت الصعوبات التي تواجهها إيران و«حزب الله».
من جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هجومَي الهند وجورجيا. وقال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي إن بان «ذكر بإدانته الهجمات على المقار أو الطواقم الدبلوماسية أينما تحصل»، ويدعو «سلطات البلدين المضيفين إلى التحقيق في هذين الحادثين وملاحقة المسؤولين عنهما قضائياً».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد