تفاوض فلسطيني مع إسرائيل في القدس على هدير جرافات الاستيطان

14-08-2013

تفاوض فلسطيني مع إسرائيل في القدس على هدير جرافات الاستيطان

تحت ستار كثيف من دخان الاحتفالات بالإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين وفي ظل هدير جرافات الاستيطان، تبدأ اليوم رسمياً المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في القدس المحتلة. وقد حاولت إسرائيل الإيحاء بأن الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين القدامى في أول نبضة من أربع سترافق أشهر المفاوضات التسعة يرتبط بالضرورة بتوسيع الاستيطان. وكانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت سلفاً إلى اتفاق أبرم بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وحزب «البيت اليهودي»، يقايض السكوت على الإفراج عن الأسرى بتوسيع المستوطنات.
وبرغم تصريحات فلسطينية سابقة تحذر من أن توسيع الاستيطان كفيل بتقويض المفاوضات، إلا انه لا يبدو أن الفريق الفلسطيني المفاوض في موضع من سيتجنب الذهاب إليها. إذ من الواضح أن الشرك الفعلي في المفاوضات الجارية كان التعهد المتبادل بالتمسك بها وعدم اللجوء إلى خطوات منفردة. وحاولت إسرائيل وضع مسألة البناء الاستيطاني كأنها بين القضايا المختلف عليها وليست التزاماً واجب التنفيذ. وقد ألحقت إعلانها السابق بزيادة الاستيطان في مستوطنات منعزلة بإعلان تسهيلات لبناء آلاف الوحدات السكنية في الكتل الاستيطانية وفي القدس الشرقية. فلسطيني يعلق صوراً للأسير صلاح الشاعر قبل إطلاق سراحه في خان يونس في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
ولم يبد على الأميركيين الذين قدموا تعهدات متناقضة للطرفين سوى التنديد العمومي الذي يعتبر الاستيطان عقبة أمام السلام من دون أن يعني ذلك أي تهديد فعلي. بل على العكس من ذلك، أشارت صحف إسرائيلية إلى أن مكالمة جرت مؤخراً بين نتنياهو ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ندد فيها الأول، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، بالموقف الأوروبي من المستوطنات.
وأفرجت إسرائيل ليلة أمس عن 26 معتقلاً فلسطينياً من معتقلي ما قبل اتفاق أوسلو في إطار تسهيل عملية استئناف المفاوضات اليوم.
وبُعيد منتصف الليل، وصل 12 أسيراً محرراً إلى مقر المقاطعة في رام الله، بعد انتقالهم من سجن عوفر، فيما وصلت حافلة تقل 14 أسيراً إلى معبر إيريز عند المدخل الشمالي لقطاع غزة، حيث كان يتجمّع أقرباء للأسرى منتظرين وصولهم. ونصب بعضهم خيمة استقبال فيما علّق آخرون أعلاماً في الشوارع.وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون أنه يشك في أن الإفراج عن المعتقلين يمكن أن يساعد في إنجاح المفاوضات. ويدل هذا التصريح عن حقيقة الموقف الإسرائيلي الذي لا يرى أصلاً أن المفاوضات سوف تقود إلى أي نتائج. ويفضح ذلك على وجه الخصوص قادة اليمين المتطرف في إسرائيل الذين أكدوا أنهم لا يعترضون على المفاوضات لأنها لن تقود إلى شيء، وأنه مقابل كل معتقل يفرج عنه ستبني إسرائيل عشرات الوحدات السكنية في المستوطنات.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد ردت التماسات من جمعيات وأهال إسرائيليين لمنع الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، معتبرة أن القرار ودوافعه سياسية ومن حق الحكومة اتخاذه.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن الإفراج عن المعتقلين سيتم في وقت متأخر من الليل لتقليص مظاهر الاحتفال الفلسطينية. وقال مسؤول إسرائيلي إن الأسرى سينقلون في عربات نوافذها مغلقة لمنع تكرار المشاهد التي أخرج فيها أسرى أياديهم ملوحين بعلامة النصر.
لكن قيادة السلطة أعدت بشكل واسع للاحتفال بالإفراج عن المعتقلين وتضمن البرنامج استقبالات شعبية ورسمية من بينها استقبال الرئيس محمود عباس للأسرى المحررين في الضفة الغربية. وبرغم الاحتفاء والترحيب الفلسطيني العام بالإفراج عن أي معتقل، فإن الكثيرين انتقدوا حجم التنازل السياسي مقابل هذا الإفراج. كذلك انتقد كثيرون محاولة السلطة الفلسطينية إظهار الإفراج عن معتقلين مضى على اعتقال بعضهم ما يقرب من 30 عاماً كأنه إنجاز للمفاوضات.
وبحسب الخطة الأميركية للمفاوضات، فإنه بعد الإفراج عن دفعة المعتقلين الأولى هذه، والتي وصفها وزير الخارجية الأميركية جون كيري بأنها تعبر عن قدرة نتنياهو على اتخاذ القرارات الصعبة، سيبدأ اللقاء الأول في المنطقة بحضور المبعوث الأميركي الجديد مارتن إينديك. وتضاربت الأنباء حول مكان انعقاد اللقاء الثاني القريب، وهل سيكون في رام الله أم أريحا، لكن ما بدا مؤكداً هو أن المفاوضات ستجري بعيداً عن الأضواء وأنظار الصحافة.
وكشفت صحيفة «معاريف» النقاب أمس عن أن حكومة نتنياهو تعتزم مواصلة نشر المزيد من عطاءات البناء في الضفة الغربية اثناء المفاوضات. وأشارت إلى أن العطاء التالي سينشر على الأغلب بالتوازي مع النبضة الثانية عند تحرير 26 سجيناً فلسطينياً بعد ثلاثة حتى أربعة اشهر. واعتبرت «معاريف» أن الإعلان عن العطاءات الجديدة هو جزء مما يبدو نوعاً من السياسة الجديدة التي أسمتها «السجناء في مقابل الشقق».
وشددت «معاريف» على أنه مثلما نسقت اسرائيل هذا الاسبوع نشر عطاء البناء لـ1200 وحدة سكنية في المستوطنات مع الأميركيين، فإنها ستحرص في المرة التالية على اطلاع واشنطن ورام الله مسبقاً. ويبدو من هذا الكلام أن الفلسطينيين والأميركيين على علم مسبق بالنيات الإسرائيلية. ومع ذلك لجأ الأميركي والفلسطيني إلى التنديد بالخطوة والإعراب عن القلق من عواقبها. وبديهي أن إسرائيل واجهت تعابير القلق والتحذيرات هذه منذ الإعلان في حزيران العام 67 عن ضم القدس وبدء الاستيطان فيها وفي «كريات أربع» في الخليل.
ومع ذلك تطلق واشنطن رسائل متناقضة بشأن الاستيطان. وبينما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن الإدارة الأميركية تتفهم الدوافع الإسرائيلية، وهي تضغط على الفلسطينيين للبقاء حول طاولة المفاوضات، كتب المعلق جيفري غولدبرغ، المقرب من البيت الأبيض، عكس ذلك. إذ أشار في موقع «بلومبرغ» إلى أن كيري حذر نتنياهو في الأسابيع الأخيرة من أنه إذا لم تثمر المفاوضات فإن إسرائيل ستتعرض لمقاطعة عالمية.
لكن صحيفة «هآرتس» كانت أكثر جرأة في موقفها من الإدارة الأميركية إذ نشرت افتتاحية بعنوان «اغتيال المفاوضات». وجاء في الافتتاحية أنه برغم ادعاء نتنياهو بصدق تطلعه إلى المفاوضات، إلا انه عمد إلى وضع العراقيل الاستيطانية. وأشارت إلى أنه بموقفه من المفاوضات «يقود نتنياهو اسرائيل بعيون مفتوحة نحو حقل الغام ستصاب فيه ليس فقط العلاقات بالفلسطينيين بل العلاقات بالولايات المتحدة أيضاً، والتي ستضاف الى خطوات العقاب التي فرضها الاتحاد الاوروبي على اسرائيل، فتكمل بذلك دائرة العزلة الدولية عليها».
وقال كيري أمس انه أجرى محادثات «مباشرة وصريحة» للغاية مع نتنياهو بشأن المستوطنات، مضيفاً أنه يعتقد أن عباس «ملتزم بمواصلة» محادثات السلام مع اسرائيل.
وقد أعطت اسرائيل أمس دفعاً لتسريع البناء الاستيطاني من خلال موافقتها على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «جيلو» في جنوب القدس المحتلة بمحاذاة بلدة بيت جالا الفلسطينية في الضفة الغربية.

حلمي  موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...