تصحيح خطأ اجتثاث البعث في العراق

13-01-2008

تصحيح خطأ اجتثاث البعث في العراق

ينظر حاليا إلى سياسة اجتثاث البعث التي مورست في العراق بعد الاطاحة بنظام صدام حسين عام 2003 على أنها خلقت انقسامات جدية وكرست مرارات وأشعلت العنف الذي مزق العراق.

في ضربة واحدة ايضا جرد قرار اجتثاث البعث البلاد من المؤسسات التي ظلت تحكم لعقود عدة.

ورغم أنه كان قرارا أمريكيا إلا أن الولايات المتحدة ظلت تحاول مرارا التراجع عنه.

إلا أن الشيعة الذين أصبحوا يهيمنون على الحكومة العراقية ظلوا يقاومون تلك الخطوة التي رأوا فيها عقابا للبعثيين السنة الذين كانوا يحكمون البلاد بطريقة بوليسية.

لقد ظل حزب البعث يحكم العراق من 1968 إلى 2003.

ويقدر عدد الذين اصبحوا اعضاء في الحزب في الثمانينيات بمليون ونصف مليون عراقي.

وقد التحق كثيرون منهم بالحزب لأن تلك كانت الوسيلة الوحيدة للحصول على عمل.

وكان نفوذ الحزب يشمل كل مجالات الحياة في المجتمع.

أما على مستوى الشريحة العليا من الحزب أي القيادة فلم يكن يجمعها الولاء الأيديولوجي بقدر ما كانت تخضع للولاء العائلي والعشائري.

وعندما أطاح الأمريكيون بصدام كان البعثيون هم الذين يديرون الخدمات العامة والمدارس والمستشفيات.

وكانوا ايضا يسيطرون على الجيش والشرطة.

ورغم هذا أصدر بول بريمر، الرجل الذي عينه الرئيس جورج دبليو بوش حاكما عاما على العراق، قرارا يحظر على البعثيين المشاركة في الحياة العامة، وذلك بعد شهر واحد من سقوط صدام.

وكان ينظر إلى هذه السياسة على أنها تستهدف ضرب اي نفوذ للبعثيين في العراق على غرار ما حدث مع النازيين في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.

إلا أن ما أعقب ذلك من فراغ في السلطة هيأ المناخ لتفشي الفوضى والعنف.

ومع تدهور الأوضاع الأمنية بدات السياسة الأمريكية في التغير.

وتحول الخلاف بشأن اجتثاث البعث تدريجيا إلى إدراك لفشل تلك السياسة.

وأفادت التقارير القادمة من العراق ان تلك السياسة حفزت عددا من البعثيين على رفض النظام الجديد في العراق، وبدأ البعض يقاومونه بشن هجمات انتحارية وتفجيرات بالقنابل.

وبشكل متزايد ظلت الولايات المتحدة تدعو إلى إعادة البعثيين إلى وظائفهم باستثناء كبار المسؤولين السابقين.

وتعين أن يمر عشرات الآلاف من البعثيين بعملية تثقيف سياسي لتحقيق ذلك.

وليس هناك رقم محدد إلا أنه يعتقد أن أكثر من 100 ألف بعثي سيعودون إلى وظائفهم.

المشكلة القائمة أمام الأمريكيين تتمثل في أن الشيعة الذين يمثلون اقوى طرف سياسي في العراق حاليا ظلوا يعارضون بشدة إعادة إسناد أدوار فاعلة لمن ينظرون إليهم على أنهم المسؤولين عن تعذيبهم واضطهادهم.

وقد أدى ذلك إلى عرقلة الجهود الأمريكية لكسب عقول وقلوب للبعثيين السابقين، ومعظمهم من السنة. وهو أمر يراه الأمريكيون ضروريا من أجل دعم ما تحقق من تقدم في الوضع الأمني خلال العام الماضي.

وتحتاج الولايات المتحدة إلى هؤلاء كحلفاء لها فيما تراه نضالا حاسما ضد القاعدة والجماعات المرتبطة بها في العراق.

إن معارضة الجماعات السنية للقاعدة أحيا الأمل لدى واشنطن في إمكانية وقف تيار العنف الدائر في العراق.

ولكن رغم استمرار الجهود الرامية إلى اقناع البعثيين السابقين بأن لديهم مكانا في العراق الجديد، هناك تحذير من أن عودتهم قد تؤدي إلى اعادة بعث حزب البعث مجددا.

ويبدو أن الحزب قد اعاد بناء نفسه من خلال العمل السري كجماعة سرية تنقسم إلى خلايا.

وليس من المحتمل أن يعود الحزب إلى الحياة السياسية العراقية في المستقبل إلا هناك مخاوف متنامية بشأن ما يمكن ان يسببه الحزب من اضرار حتى وهو خارج الحلبة السياسية.

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...