تسـيبي ليفـني تفلـت مـن العـدالـة

15-12-2009

تسـيبي ليفـني تفلـت مـن العـدالـة

تضاربت الأنباء حول ما جرى أمس الأول في مطار هيثرو البريطاني، حينما كان مقرراً وصول وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني للمشاركة في مؤتمر يهودي. فقد أصدر قاض بريطاني قراراً باعتقالها لدورها في جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، وقامت الشرطة البريطانية بالتفتيش عنها ولم تعثر عليها. وبدا غريباً تجاهل وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل شبه شامل لهذه الأنباء المثيرة.
ويبدو أن مؤامرة صمت قد أبرمت للفلفة الدراما التي جرت على الأرض البريطانية. فقد كان الملف الذي أعدّته جهات قضائية بريطانية وفلسطينية ضد ليفني جاهزاً لتقديمه لقاض في محكمة لندن منذ أيام عدة، وكان ينقصه فقط الكفالة المالية الكبيرة التي طلبت. واعتبر القاضي أن القرائن والملفات المدرجة في الملف لاستصدار أمر اعتقال ضد ليفني لدورها في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة كافية. آلاف الفلسطينيين يشاركون في الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة «حماس» في غزة أمس ر.
وعلمت «السفير» أن القاضي البريطاني أصدر فعلاً أمر اعتقال ضد تسيبي ليفني يسري مفعوله على الأرض البريطانية وهو قابل للتنفيذ الفوري. وقد صدر الأمر بعدما حطت طائرة «العال» في مطار هيثرو وخرجت منها «سيدة إسرائيلية» في موكب تحت حراسة مشددة، وتوجهت إلى مكان انعقاد المؤتمر اليهودي. ونظراً لقيام الشرطة البريطانية بالبحث في المطار والفندق الذي كان مقرراً أن تنزل ليفني فيه فإن «السيدة الإسرائيلية» عادت وركبت الطائرة إما إلى إسرائيل مباشرة أو إلى دولة أوربية أخرى.
وحسب معلومات وصلت للجهات المتابعة لملف ليفني، فإن «السيدة الإسرائيلية» التي وصلت إلى بريطانيا وغادرت هي في الغالب تسيبي ليفني. وثمة من يقول إن في الأمر سراً. فالمطار البريطاني يؤكد أن أحدا باسم تسيبي ليفني لم يصل إلى المطار ولم يغادر. كما أن الفندق البريطاني يؤكد أن أحداً بهذا الاسم لم ينزل فيه. وهذا ما دفع إلى إثارة تساؤلات عديدة من نوع: هل وصلت ليفني إلى بريطانيا بجواز سفر باسم آخر؟ هل تمت لفلفة الموضوع بين الحكومتين الإسرائيلية والبريطانية بهذا الشكل الالتفافي على القضاء البريطاني لتجنب أزمة سياسية؟
وفي كل الأحوال فإن المتابعين لملف مطاردة مجرمي الحرب الإسرائيليين يعتقدون أنه أياً كانت الطريقة التي تمت بها المسألة فإن هناك «ردعاً قضائياً نووياً» قد تم تكريسه. ليس فقط كبار الضباط الإسرائيليين المشاركين في جرائم حرب هم المطلوبون، وإنما أيضاً القادة السياسيون. وليس فقط السياسيون في الحكم الآن، وإنما أيضاً السياسيون السابقون.
بل ان بين هؤلاء من يذهب أكثر من ذلك ليقول إن الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب الإسرائيليين في الخارج لا ترمي فقط لمعاقبتهم، بل لإحراج القادة العرب الذين يجتمعون بهم سراً وعلانية. فإذا كانت دماء الضحايا رخيصة لدى هؤلاء، فإنها ستبقى غالية في نظر العالم والقانون الدولي.
وكان من المقرر أن تصل ليفني إلى العاصمة البريطانية أمس الأول لإلقاء محاضرة في مؤتمر الصندوق القومي اليهودي المنعقد هناك، بل وخطّطت لعقد لقاء مع رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون.
وتضاربت الأنباء بشأن ما جرى. فالخارجية الإسرائيلية تعاملت مع الأمر وكأنها سمعت بالنبأ من محطات التلفزة، وقالت إن «أمر الاعتقال ليس معلوماً لنا». وأضاف المتحدث باسم الخارجية إيغال بالمور إنه «من لحظة نشر النبأ في وسائل الإعلام، شرعنا بفحص المسألة. وحتى الآن لا نعلم شيئاً ولم نجد ما يؤكد الزعم».
كما أن مكتب ليفني أعلن أنها ظهرت في المؤتمر عبر «فيديو كونفرنس»، وأن الوزيرة السابقة رفضت الدعوة منذ أسبوعين على خلفية تضارب مواعيد، فيما أشار موقع الجالية اليهودية المستضيف للمؤتمر أنها لم تصل إلى بريطانيا بسبب الخشية من اعتقالها جراء دورها في الحرب على غزة. وقالت الخارجية الإسرائيلية إنها لم توص ليفني بعدم السفر إلى بريطانيا، وأنها ألغت سفرها لأسباب فنية.
من جانبه رئيس الصندوق القومي اليهودي في بريطانيا أعلن شموئيل حياك أنه لا يمكنه إعلان الأسباب الدقيقة لإلغاء ليفني مشاركتها في المؤتمر. لكنه قال إنه «في كل الأحوال، من المؤسف أن الحكومة البريطانية لا تستطيع إدارة حوار حر مع الساسة وكبار القادة في إسرائيل».
واعترف السفير الإسرائيلي في لندن رون بروسأور أن حكومته تصارع بأسنانها وأظافرها من أجل ألا يشل القانون الدولي حركتها.
أعلنت ليفني أنها «فخورة بكل قراراتها» وأنها لا تسمح بالمقارنة بين جنود الجيش الإسرائيلي و«الإرهابيين». وقالت إن هذا هو موقفها، سواء صدر بحقها في العاصمة البريطانية قرار باعتقالها لدورها في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة قبل حوالى عام، أم لم يصدر. وأضافت أنها لا تعلم شيئاً عن هذا الموضوع.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...