تركيا: «صدام» نادر بين المعارضة والجيش

06-03-2008

تركيا: «صدام» نادر بين المعارضة والجيش

استمر انشغال الأتراك بتداعيات العملية العسكرية في شمال العراق وإنهائها المفاجئ بعد ثمانية أيام فقط على بدئها، بعدما كانت كل المؤشرات تدل على استمرارها وقتا أطول، في وقت ينتظر أن يصل الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى أنقرة غدا، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها لرئيس عراقي كردي إلى تركيا.
وقال مسؤول عراقي على الحدود مع تركيا وقناة «إن تي في» التركية إن طائرات حربية تركية قصفت قرى نائية في شمال العراق أمس الأول، بعد حوالى أسبوع على انتهاء الهجوم البري.
وكان الحــدث الأهم هــو وضع رئيس الأركان الجنرال ياشــار بويــوك انيــت ثقله من اجل «تصحيح» الصورة التي ارتسمت في تركيا، كما العالم، بأن العملية بدأت وانتهت بإملاءات اميركية، وهو الأمر الذي دفع بأنيت إلى المراهنة على أغلى رمز عسكري، وهو خلع بزّته العسكرية إن كان هذا الأمر صحيحا.
لكن ذلك لم يخفف أو يحدّ من استمرار التفسيرات المختلفة لإنهاء العملية بهذا الشكل، والتي بلغت حدا غير مسبوق في الخلافات بين «رفاق الصف الواحد»، أي الجيش وحزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية.
وانتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري دينيز بايكال رئاسة الأركان بشدة. وقال انه كنائب، وموقّع على مذكرة إرسال قوات إلى شــمال العراق، يسأل الجيش عن سبب إنهاء العملية بطريقة غير متوقعة، موضحا أن شبهات ظهرت حول توقيت العملية ومدتها.
وفي موقف نادر انتقد زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي تصريحات وبيانات رئاسة الأركان، واصفا إياها بأنها استخدمت في توصيفها للعمليات عبارات تفيد وتخدم حزب العمال الكردستاني، مثل «مركز القيادة» و«مواقــع الاستخبارات والإمداد»، أي توصيفات تظهر حزب الزعيـم الكردي عبد الله أوجلان كما لو انه جيش منظم، فيما هو «عصابة إرهابية». وفي إشارة إلى أن العملية لم تحقق أهدافها المرجوة، قال باهتشلي إن العملية توقفت في منتصفها، والحكومة تعرضت إلى ضغط سياسي اميركي.
وردت رئاسة الأركان، في بيان شديد اللهجة، على تصريحات بايكال وباهتشلي، مشددة على انه لا معنى لها. وأوضح البيان «للمرة الأولى في حربنا، التي قمنا بها على مدى 24 عاما ضد الإرهاب، تكون القوات المسلحة التركية هدف هذه الهجمات غير المعقولة». وأضاف أن «هذه الهجمات تسيء إلى تصميم قواتنا المسلحة على مكافحة الإرهاب أكثر مما يقوم به الخونة».
ويقول الكاتب إبراهيم قره غول، في مقالة في صحيفة «يني شفق»، إن واشنطن أظهرت لعبتها المزدوجة في التعامل مع تركيا في موضوع حزب العمال، ولعل أهم ما يلفت هو دعوة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد من بغداد تركيا إلى التعاون معا لمواجهة منظمتي حزب العمال الكردستاني و«بيجاك» التي تتحرك ضد إيران، ويُنظر إليها على أنها امتداد لحزب أوجلان.
ويضيف قره غول أن حزب العمال هو مجرد عنصر في المواجهة الامــيركية ضد إيران وحلفائها. ويوضح أن واشنطن خشــيت من تقدم القوات التركية إلى ما بعد معسكر الزاب، لتقــضي بالتالي على مراكز تواجد عناصـر «بيجــاك» عند الحدود الإيرانية، فتفقد أمــيركا إحدى أدواتها التي تحركّها ضد طهران.
واستمر الربط بين أكراد العراق وحزب العمال الكردستاني واتــهام أنقرة لـ«رئيس» إقليم كردستان مسعود البرزانــي بدعم وحماية الكردستاني. وكانت لافتة تصريحات باهتشلي الذي اتهم أكراد شمال العراق بالتحرك سويا مع حزب العمال، وتوقف الصحافة التركية عند صدور أول إعلان لإنهاء العملية العسكرية من وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري، وهو ما فسّره انيت بأنه دليل إضافي على ارتباط سلطات الإقليم بحزب العمال.
وتساءل طه أقيول في صحيفة «ميللييت»، «هل كان يجب أن يعلم العالم انتهاء العملية العسكرية من وزير خارجية العراق؟.
وكان الرئيس التركي عبد الله غول قد وجه دعوة إلى الطالباني في 21 شباط الماضي، في اليوم نفسه لبدء العملية البرية، وتسلمها خطية في 27 شباط أثناء زيارة مستشار رئيس الحكومة التركية احمد داود اوغلو إلى بغداد. وقيل حينها إن الدعوة تأتي ضمن اتفاق تركي ـ امــيركي لبدء اعتراف أنقرة بحكومة إقليم كردســتان، مقابــل التعاون ضد حزب أوجلان.
وكان الرئيس التركي السابق احمد نجدت سيزير يرفض توجيه الدعوة لطالباني، لاتهامه بدعم حزب العمال، كما كان رئيس الأركان الحالي يعارض هذه الدعوة ويقول «كيف يمــكن للجنود الأتراك أن يوجهوا التحية لمن يدعــم الإرهــاب». لذا لم يعرف بعد ما إذا كان غول سينــظم استــقبالا رسميا عسكريا، كما العادة في مثل هذه الحــالات لرؤسـاء الدول الأجنبية.
ومع أن بيانا رسميا تركيا لم يصدر بعد لتأكيد موعد الزيارة، ذكرت «ميللييت» أن الأتراك وافقوا على الموعد الذي اقترحه الطالباني، في أن تكون الزيارة بين يومي 7 و9 آذار الحالي. وأوضحت أنها ستكون «زيارة عمل»، وبالتالي لن ينظم احتفال رسمي عسكري لاستقباله، وسيتفادى العسكر تقديم التحية له، كما لن يقيم غول غداء رسميا فيتفادى رئيس الأركان التركي لقاءه.

محمد نور الدين

المصدر: السفير
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...