بورجوازيون روس بوهيميون قصورهم أكواخ خشبية
يتخلون عن الثياب الفاخرة والسيارات الفارهة، يفضلون الأكواخ الخشبية ويتناولون الطعام العضوي، يفتتنون بفن الطبخ ويقضون عطلاتهم في العمق الروسي، هم «البوبو» (البورجوازيون - البوهيميون) الذين يظهرون في موسكو والمدن الروسية الكبرى ويحاولون تحطيم الكليشيهات حول الأثرياء الجدد.
هؤلاء حققوا ثرواتهم بفضل العائدات النفطية إثر ارتفاعها، ووصلوا إلى تخمة مالية مع فورة الاستهلاك عقب انهيار النظام الشيوعي. هم جيل في الثلاثينات أو الأربعينات من أعمارهم، ويحملون إجازات جامعية، لكنهم يبحثون عن قيم أخرى ترتبط بقيم «البورجوازية البوهيمية» التي سادت في أوروبا الغربية.
«البوبو» الروس يخوضون عالم النشر، ويهتمون بافتتاح مطاعم متهاودة الأسعار إنما يرتادها المتعالون، كما يقصدون مكتبات على الطراز الغربي، حيث في الإمكان قراءة كتاب جلوساً على الأرض مع فنجان قهوة. هؤلاء يرتادون أماكن ذات رمزية كبيرة في موسكو، مثل متحف فينزافود وغاراج وكراسني اوكتيبار، وهي مواقع صناعية قديمة تحولت صالات للعرض.
من بين هؤلاء الـ «بوبو» فاديم تيتوف، مصرفي كان يتقاضى أجراً كبيراً جداً في التسعينات، وتخلى عن البزّة وربطة العنق ليستثمر في عالم نشر كتب الأطفال. ويرأس تيتوف (35 سنة)، الحاصل على إجازة من الأكاديمية الروسية المرموقة في عالم التجارة، داراً صغيرة للنشر، لا يتجاوز معدل الطباعة فيها 10 آلاف نسخة. يقول تيتوف إنه «مرتاح» لاتخاذ هذا الخيار، الذي أتاح له أن «يكسب ما يكفي للاستمتاع بالحياة». ويضيف مبتسماً «لا أكدّ في العمل مثل غيري، وأستطيع أن أقضي فترات بعد الظهر في حانة».
ويذهب العديد من الـ «بوبو» الروس في رحلات لاستكشاف بلادهم. يزورون الريف الروسي في سياراتهم رباعية الدفع، لا سيما في إطار اهتمامهم المستجد بالأديرة القديمة والقرى النائية. أما الأستاذ الجامعي ألكسندر ستاخانوف (29 سنة)، فافتتح مع صديقين له صالة للألعاب. يتنقل على دراجة أو في سيارة فولغكسفاغن قديمة، نائياً بنفسه عن الهوس بالسيارات الضخمة التي يمتلكها كثيرون من الروس.
ويقول أستاذ العلوم الاجتماعية أليكسي ليفينسون، إن الأمر «يعتبر ظاهرة اجتماعية نشأت في حقبة البترودولار والاستقرار»، موضحاً أن «مرحلة الصعود الاجتماعي العمودي ولّت، وعدد من الروس الميسورين يسلكون مسارات أخرى». ويضيف: «هي عملية طبيعة، فالمال يرتدي زيّ الثقافة».
وتخوض هذه المجموعة الجديدة، التي تهتم أيضاً بالمجلات الثقافية، مجالَ المشاريع الجماعية التي تتطلب حسّ المواطَنة.
وقال ديمتري سوكولوف ميتريتش، رئيس التحرير المساعد في مجلة «روسكي ريبورتر» الأسبوعية: «أمضينا عطلة نهاية الاسبوع في جمع النفايات عن إحدى ضفتي الفولغا»، في وصف لوسائل الترفيه التي يتشاطرها مع رفاقه من رجال الأعمال والمهندسين أو الأساتذة، وأضاف: «الروح تتوق إلى الأعمال البسيطة».
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد