بعد 22 عاماً.. حديقة لأطفال مقديشو
أطفال يلهون وسط ديناصورات مختلفة الأحجام وحمامات سباحة وأرجوحات متناثرة. هو مشهد لم يكن مألوفاً في العاصمة الصومالية مقديشو، التي كانت تصفها الوكالات الدولية بأنها «مدينة أشباح». فقد أقام عدد من المغتربين، وللمرة الأولى منذ 22 عاماً، حديقة للأطفال قرب ساحل ليدو في شرق العاصمة.
ويتوفر في المتنزه أرجوحات وأماكن للسباحة بالإضافة إلى درّاجات هوائية، في أول مكان ترفيهي لأطفال مقديشو، الذين حرموا من متعة المرح واللعب جراء الظروف الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد طوال عقدين من الزمن.
وكان التجار الصوماليون والمغتربون يتخوفون من نهب ممتلكاتهم التجارية في حال استثمارها في البلاد، غير أن عودة الأمن نسبياً إلى العاصمة مكّن هؤلاء من تشييد ملاه ومتنزهات وفنادق فاخرة.
يذكر أن المتنزهات وأماكن الاستجمام اختفت في العاصمة الصومالية بعد إطاحة الرئيس محمد سياد بري في العام 1991. كما غابت المراكز المخصصة لتسلية الأطفال عن العاصمة منذ ذلك العام.
وداخل المتنزه، الذي يتسع لنحو 70 طفلاً، تنتظر أعداد غفيرة من الأطفال مع آبائهم وأمهاتهم في قاعة الانتظار وسط عروض مسلية لعدد من الكوميديين.
وتصطحب الأمهات أطفالهن من مختلف أنحاء مقديشو إلى الحديقة، ويقطع البعض مسافات طويلة بحثاً عن الترفيه بعدما ملّت الآذان من سماع دوي الرصاص والتفجيرات والمدافع.
ويقول مدير الحديقة إسماعيل علي إن فكرة تأسيسها جاءت عندما رأى أطفال مقديشو يفتقرون إلى أبسط أنواع الألعاب، وهذا ما كان يدفعهم إلى اللجوء إلى ألعاب تحاكي واقع العنف مثل المسدسات والبنادق.
وبحسب فاطمة عبدالرزاق، وهي أم لطفلين، فإن «الحديقة أصبحت الشغل الشاغل لأطفالنا. في الماضي كانوا يسألوننا عن المسدسات والبنادق، أما الآن فباتوا يتحدثون عن الحديقة، وما تحتويه من ألعاب مختلفة».
ويدفع الأهل مبلغ 38 ألف شلن صومالي (نحو دولارين أميركيين) لكل طفل مقابل الاستمتاع بالألعاب في الحديقة، وهو مبلغ يناسب ذوي الدخل المحدود، ما جعل الحديقة تشهد إقبالاً كبيراً نهاية كل أسبوع.
ويقول الممرض عبد القادر محمد علي إن «الأطفال لديهم طريقة مختلفة عن الكبار للبحث عن السعادة، فاللعب مع أقرانهم من الأطفال يشعرهم ببهجة وفرحة ويبعدهم عن شبح العنف والخوف، وتساعد تلك المتنزهات في نمو الطفل بشكل سوي».
وتوفر الحديقة للزوار أماكن خاصة للجلوس والحديث واحتساء الشاي، وذلك في محاولة لجذب اهتمام الأهل.
وتزداد المطاعم والفنادق والأماكن الترفيهية المطلة على سواحل مقديشو، ما يعكس التحسن الأمني الذي تشهده العاصمة الصومالية في الآونة الأخيرة . يذكر أن الصومال شهد العام الماضي أول انتخابات منذ إطاحة نظام بري، وبعدما سقطت البلاد في دوامة حروب أهلية استمرت حوالي عقدين من الزمن.
(عن «الأناضول»)
إضافة تعليق جديد