المشاريع الطلابية.. مطلوبة من التلاميذ وينفذها الأولياء
شكلت المشاريع الطلابية التي تطلب من التلاميذ من الصف الثالث وحتى الخامس عبئاً كبيراً للأسر التي لديها أكثر من طفل في المدرسة فقد أثقلت هذه المشاريع كاهل الوالدين معنوياً ومادياً، فضلاً عن الوقت الذي يقتطعه ولي الأمر للجلوس مع ابنه ومساعدته في القيام بالمشروع، أو إنجازه بنفسه كما يفعل عدد من أولياء الأمور وهو ما أكده لنا عدد من أولياء الأمور الذين التقيناهم، حيث أشارت مها وهي ربة منزل إلى أنها تقوم بمساعدة ابنها التلميذ في الصف الرابع في المشروعات المطلوبة منه والتي على الأغلب تكون بحاجة إلى مهارة من الصعب على الطفل امتلاكها أو إنها تكون مكلفة للأسرة وخاصة فيما يتعلق بإعداد مشروع مجسم الأمر الذي يزيد أعباء الأسرة وتقترح أن يتم تخصيص حصة لهذا النوع من المهارات ضمن المدرسة ويقوم التلاميذ بتنفيذ المشروعات المطلوبة منهم داخل المدرسة وبإشراف المعلمة وإشراك عدد من التلاميذ في تنفيذ مشروع واحد مثلاً لكون العملية التعليمية هي المهمة الأولى للمدرسة وليس للبيت، خاصة أن كثيراً من الصغار لا يستطيعون إنجاز هذه المشروعات بمفردهم، ويعتمدون على الأهل.
ويشير هاني وهو موظف ولديه أربعة أبناء في مراحل التعليم المختلفة إلى أن المشروعات المكلف بها طلاب المدارس داخل المنزل، تأخذ من الوالدين والأبناء جهداً كبيراً، لأن الوالدين أصلاً يعانون مساعدة أبنائهم في تأدية وإنجاز هذه المشروعات، ويضطرون إلى القراءة والاطلاع على هذه المواد حتى يقدموا لأبنائهم النصيحة السليمة أو يساعدوهم في إنهاء مشروعاتهم بسرعة، حتى يتفرغ الطالب لبقية واجباته وأضاف أنه إذا كان الهدف من هذه المشروعات تعليم الطالب الاعتماد على نفسه فإن مساعدة الأهل لأولادهم أفقدت هذا الهدف محتواه. أتمنى أن تقتصر المشروعات، وخاصة في المرحلة الابتدائية على ما يمكن إنجازه فقط داخل المدرسة، وعندما ينتقل الطالب لمرحلة دراسية أعلى هنا فقط يمكن أن تسند إليه مشروعات ينفذها بنفسه، لأنه بمرور سنوات الدراسة تزداد معرفة الطالب بالمواد التي يدرسها، كما تنمو شخصيته وتالياً يستطيع الاعتماد على نفسه بشكل كبير في القيام بالمشروعات التعليمية المختلفة، سواء كانت مشاريع بحثية على الإنترنت أو مشروعات ينفذها بيده.
وتوضح رهف الزعبي- المرشدة الاجتماعية في إحدى مدارس ريف دمشق، أن سماع الطالب المعلومة من المعلم من دون الممارسة العملية، لا يرسخ في ذهنه إلا إذا مارس النشاط المتعلق بالمادة بنفسه، ومن هنا يتم ربط كثير من المواد بأنشطة عملية، وهذا بطبيعة الحال يزيد لدى الطالب مهارات البحث والاستقصاء وتدريجياً يعتاد الاعتماد على نفسه.
ولفتت إلى أنه قبل إنجاز أي مشروع مطلوب منه، يقوم المدرس بالشرح للتلاميذ عن الأساسيات التي يحتاجها عند تنفيذ المشروع وطريقة تنفيذه والهدف منه، من جهتها مديرة إحدى المدارس في دمشق أشارت إلى أن الأهل دائماً يسارعون إلى مساعدة أولادهم من دون إدراك أن أولادهم قادرون على تنفيذ هذه المشروعات بمفردهم، فيسارعون بمساعدتهم إلى حد قيامهم أحياناً بعمل كل ما يطلب من الطالب بأنفسهم من دون أي جهد منه، وعليهم في هذه الحالة أن يشرفوا ويتابعوا الأبناء ويعودوهم على تنفيذ ما أوكل إليهم بأنفسهم ويخططوا لكيفية إنجازه، خاصة أن أغلبية تلاميذ وطلاب هذه الأيام لديهم قدر من المعارف والمهارات يؤهلهم للقيام بالمشروعات بمفردهم على عكس ما يعتقد الآباء.
مدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية- الدكتور دارم طباع، أكد أن الهدف من المشروع الشخصي للتلميذ تنمية الكفاءات وتربية الطالب المتعلم على الاختيار وتحديد مشروع شخصي عبر تنمية القدرة على التحليل والتركيب والملاحظة والاستنتاج والتقويم والإشراك والتفاعل مع المحيط والبحث العلمي للحصول على المعلومات، إضافة إلى تنمية وتعزيز ثقة الطالب بنفسه وبقدرته على تحمل المسؤولية وإنجاز المهام الموكلة إليه، كما تسهم في زيادة المعارف العلمية والثقافية والفنية، وأضاف: بشكل عام التعلم القائم على المشاريع هو طريقة تقوم على تحويل المنهاج إلى مشروع حيث يتم تقديم أنشطة وأمثلة حقيقية واقعية ليتفاعل معها المتعلم أو الطالب حيث يتسنى للطالب أن يصل إلى محتويات واقعية وطرح أفكاره وتبادلها مع أفكار الآخرين وبعد الانتهاء من المشروع يصبح الطلاب أكثر فهماً للمحتوى، يتذكرون ماتعلموه ويحتفظون بهذه المعلومات فترات أطول مقارنة بطرق التعليم التقليدية فالطلاب الذين كسبوا معلومات عن طريق التطبيق يكونون أفضل في تطبيق ما تعلموه.
ولفت الدكتور طباع إلى وجود فهم خاطئ من بعض المدرسين لمضمون المناهج المطورة رغم دورات التدريب المستمرة التي يخضعون لها حيث إن المطلوب من الطالب هو مشروع واحد فقط لمادة واحدة هو يختارها بما يناسب ميوله ورغباته وقدراته والتوجيهات في كل فصل لتنفذ هذه المشاريع في المدرسة وخاصة أن مشروعاً واحداً لا يشكل أي عبء، بل يسهم في زيادة الحماسة والشغف والإقبال عند الطالب وخلق روح التنافس مع زملائه لإنجاز مشاريع أكثر أهمية ويمكن استخدام هذه المشاريع وسيلة تعليمية تساعد المعلم والمتعلم في تبسيط المعلومة والتوسع فيها أيضاً بطريقة جاذبة ومقبولة.
تشرين
إضافة تعليق جديد