المخ يقدّر القيم الذاتية وينبذ خيانتها
سواء كان المرء خبيرا سياسيا أو موسيقيا محترفا أو مشجعا كرويا متطرفا، فإن خيانة المبادئ تعتبر من أسوأ الأعمال. لكن قرار مقايضة المبادئ بالربح يبدو أنه أخذ مستوى أعمق مما ندرك.
فقد كشفت دراسة جديدة لفريق باحثين أميركيين في العلوم العصبية أن المخ يستخدم عمليات مختلفة للتفريق بين القيم الذاتية التي نقدسها ـ سواء كانت معتقدا دينا أو هوية قومية أو قانونا أخلاقيا - وتلك التي نحن مستعدون للتنصل منها من أجل ثمن بخس.
وقال مدير مركز السياسة العصــبية في جامعة إيموري في ولاية أتلانتا الاميركية المؤلف الرئيسي للدراسة غريغوري بيرنز: «يوجد في المخ أنظمة عصبية متميزة لمعالجة الأشياء التي نفكر فيها باعتبارها مقدسة في مقابل تلك التي نفكر فيها على أنها أكثر دنيوية».
واستخدم الباحثون طريقة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لتسجيل استجــابات المخ لدى 32 شخــصا بالغاً طوال التجربة. وقد قــدم للمشاركين 62 إفادة تتراوح بين الدنيــوية (كأن تكون من شاربي الشاي) والأكثر جدلية (كأن تؤيد زواج الشواذ أو أن تكــون مؤيــدا للحــياة)، ثم طلب منهم الإشــارة اذا ما كانــت هذه الإفادة او نقيضها هو ما ينطبق عليهم.
ثم أُعطي المشــاركون خيار المزايدة على إفاداتهم الشخصــية بالتخلــي عن خياراتهم السابقة من أجل المال، وأنهم يمكــن أن يكــسبوا أكــثر من مئـــة دولار لــكل إفــادة بالموافقــة على التوقيــع على وثيقــة تقـول عكس ما يعــتقدونه أو اختــيار الخروج من المزاد من أجل الإفــادات التي قــدروا أنهــا ذات قيمة عالية لديهم.
ووجدت الدراسة أن القــيم «المقــدسة» ـ وهي تلك التــي لا يتخــلى عنها المشاركون من أجل المال ـ استحثت نشاطا أكبر لجزء المخ المرتبط بتقييم القواعد وعمليات الفكر الصحيح أو الخطأ وهي الأنظمة العصبية المستخدمة نفسها في معالجة قواعد النحو أو بناء الجملة أو إشارات الشــوارع. ووجدت أن الإفادات التي تم التنصل منــها استحــثت نشاطا أكبر في أجزاء الدماغ المرتبطة بأنظمة المكافأة.
واقترحت نتائج الدراسة أن السياسة العامة التي تسعى لاستخدام الحوافز لتغيير مواقف الناس حول القضايا «المقدسة» من المرجح أن تكون غير ناجحة.
وقال بيرنز إن معظم السياسة ـ الاقتصادية أو الخارجية أو العسكرية ـ مبنيّ بكامله على الحافز. وهذا يكون ملائما في كثير من الظروف، إلا عندما يتعلق الأمر بعالم المقدسات، لأن البيولوجــيا توحي بأن هذه أنواع مختلفة تمــاما عن عمليات صنع القرار. وربما لا يتــسنى للنــاس تطبيق نظام صنع القرار المفيد على أشياء مثل الدين أو العرقية أو الهوية القومية.
(عن «الاندبندنت»)
إضافة تعليق جديد