المحاكمات العسكرية الامريكية تجسد استياء عاما من حرب العراق

في مدينة عراقية خطف جنود من مشاة البحرية الامريكية جدا عراقيا وقتلوه.. في مدينة أخرى قتل جنود غاضبون 24 مدنيا معظمهم في منازلهم اثر مقتل زميلهم المحبوب .. جندي من مشاة البحرية يتبول على جثة..

ومع ذلك فان كثيرا من الامريكيين الذين هالتهم الانتهاكات الامريكية في سجن ابو غريب بالعراق يبدون اهتماما بجرائم القتل مما يجسد تزايد حالة الاستياء من الحرب والامل في ان تنسحب الولايات المتحدة من نزاع لا ينتهي.

وفي الاسبوع الماضي ادانت المحاكم العسكرية في كامب بندلتون بكاليفورنيا اخر ثمانية جنود امريكيين وجه اليهم اتهام بقتل جد عراقي في الحمدانية في عام 2006. وفي وقت لاحق من هذا الشهر تبدأ جلسات محاكمة القائد المشتبه به لمجموعة قتلت 24 عراقيا من بينهم عدد كبير من الرجال والنساء في حديثة.

وحقق فيليب زيبماردو استاذ علم النفس بجامعة ستانفورد شهرته بفضل تجربة اجراها في عام 1971 شهدت إساءة أشخاص عاديين معاملة الاخرين حين منحوا سلطة. ورغم ذلك فقد فوجيء بان حادثتي الحمدانية وحديثة التي ارتكبها جنود عاديون من مشاة البحرية الامريكية أثارت غضبا أقل من احداث ابو غريب.

ويقول زيمباردو في ابو غريب "كانت الاعمال مهينة بشكل مخيف ولكن اعتقد انها لا تقارن بهذه الاكتشافات الجديدة وتسريح غير مشرف لجندي في مشاة البحرية لسوء السلوك دون ان يصدر ضده حكم بالسجن لقتله مواطن عراقي في اواسط العمر متعمدا."

وتساءل "أين ... الغضبة؟"

ويشير زيمباردو للحكم الذي صدر في 20 يوليو ضد الكوربورال ترنت توماس احد جنديين من مشاة البحرية قتل الجد بالحمدانية ثم وضعت القوات الامريكية جاروفا وبندقيةايه- كيه 47 بجوار الجثة للايحاء بضبطه وهو يحفر لزرع قنبلة على الطريق.

واغضبت جرائم قتل ارتكبها جنود امريكيون منذ الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 مواطنين عراقيين عاديين وكثيرين في انحاء العالم بما في ذلك دول عربية واوروبية.

ولكن حين نشرت انباء جرائم القتل في حديثة في العام الماضي كشف استطلاع لمركز بو للابحاث ان 24 في المئة فقط من البالغين الامريكيين يتابعون التحقيقات عن كثب.

وقال جاري سوليس القاضي العسكري السابق وهو استاذ بكلية الحقوق بجامعة جورج تاون حاليا "لا تولي امريكا الحرب اهتماما يذكر... ويتضاءل الاهتمام بالمحاكمات التأديبية في الجيش."

وتفيد استطلاعات الرأي أن الامريكيين انقلبوا على الحرب في العراق.

وتنشر انباء التفجيرات المتكررة التي يسقط ضحيتها عشرات العراقيين في الصفحات الداخلية للصحف الامريكية ويرى بعض المحللين تجاهلا عاما لحمامات الدم حتى في حال سقوط ضحايا امريكيين.

ونادرا ما يرى امريكيون صور القتلى العراقيين او نعوش اكثر من 3600 امريكي قتلوا هناك.

واثارت انتهاكات ابوغريبة علامات استفهام عما اذا كانت تجسد سياسات البنتاجون وهو عامل لم يظهر في المحاكمات الاحدث على حد قول برادي كيسلنج الدبلوماسي الامريكي السابق الذي استقال في عام2003 احتجاجا على الحرب.

ويقول كيسلنج "اجتذبت محاكمات صغار الضباط (بسبب ابوغريب) اهتماما عالميا كبديل لمحاكمات لارتكاب جرائم حرب على مستوى ارفع كثيرا."

ويعتبر بعض الامريكيين قضيتي حديثة والحمدانية مجرد مؤشر على المنحى السيء الذي سلكته الحرب. ولم تلتقط صور للحادثتين كما حدث في ابو غريب حيث كانت الصور سببا في حالة من الذهول.

وفي عام 2006 الف كيسلنج كتاب (دروس دبلوماسية ..حقيقة قوى العظمي غير محبوبة. ويضيف "لم يكن ابراز محاكمتي حديثة والحمدانية يمثل مصلحة واضحة لاي فرد. اعتقد ان معظم الامريكيين يشاركونني احساسي .. بان جميعها جرائم حرب عادية ارتكبها جنود شبان وضباط صغار مدججون بالسلاح القي بهم في بيئة عجزوا عن فهمها فيما تنتابهم مشاعر الحزن والغضب."

ويقول المحامي بول برجرين الذي مثل احد الامريكيين الذين ادينوا في انتهاكات ابوغريب ان صور الانتهاكات التي حدثت في السجن ايقظت عددا كبيرا من الامريكيين على واقع مرير لحرب العراق وتاثيرها على سلوك الجنود.

وتابع "كانت هناك توقعات مختلفة لما هو منتظر من الجندي الامريكي. وقعت )انتهاكات ابو غريب/ في مراحل مبكرة جدا من الحرب وكان المفهوم الامريكي لما مر به الجندي الامريكي من تجارب في العراق مختلفا كثيرا."

المصدر: رويترز