المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين: صراع ضارٍ بين بارونات الإعلام
الجمل _صبري عيسى : بعد أيام تبدأ أعمال المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين بعدما انتهت انتخابات الوحدات الصحفية لممثليها إلى المؤتمر، حيث تم اختيار 134 عضواً لعضوية المؤتمر، نصفهم بالانتخاب، ونصفهم الآخر بالتزكية. مما أشاع جواً من عدم الارتياح في أوساط الصحفيين يتكرر دائماً في كل دورة انتخابية، وهذا أدى إلى عزوف عدد كبير منهم عن المشاركة في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً.
- عملية (الاستئناس الحزبية) التي سبقت الانتخابات حددت نسبة الثلثين من حصص الوحدات الانتخابية للحزبيين مما أعطى انطباعاً بالتفرقة والتمييز بين أوساط الصحفيين.
التقويم الذي وضعته الجهات الحزبية صنف الصحفيين إلى حزبيين و(أصدقاء) ووجود قائمة حزبية يقسم الصحفيين إلى (أخيار) وهم الحزبيون و(أشرار) وهم غير الحزبيين!
- وضع قوائم حزبية ممكن في حال وجود أحزاب وتيارات متنافسة يسعى كل واحد منهم للحصول على أكبر عدد من الأصوات ومن التمثيل في إطار من المنافسة الشريفة النزيهة وفق العملية الديمقراطية التي تتطلب وصول الأفضل والأصلح لخدمة العمل العام والنهوض بالمهنة والارتقاء بالعمل الصحفي لفائدة الوطن والمجتمع.
- العمل الصحفي يا سادة يحتاج إلى جهود يبذلها الجميع ولساعات طويلة ليلاً ونهاراً، ولسنوات استهلكت معظم أعمار الصحفيين حيث عمل الجميع كتفاً إلى كتف في خندق واحد تحت سقف مصلحة الوطن والدفاع عن قضاياه العادلة.
الجميع اجتهد وكل حسب إمكاناته وقدراته في تنفيذ التعليمات والتوجهات الإعلامية والسياسية المطلوبة.
- كنا نتمنى أن يكون صندوق الاقتراع هو المعيار الوحيد في اختيار القيادات النقابية الصحفية ليكون التمثيل مهنياً صرفاً يسعى إلى الارتقاء بالعمل الصحفي ورفع مستوى الصحفيين مادياً ومعنوياً وضمان حياتهم ومستقبلهم.
- في بدايات الثمانينيات تعرض مبنى (دار البعث) ووزارة الإعلام لهجوم إرهابي بواسطة سيارة سوزوكي، وأذكر يومها أنني كنت داخل المبنى حيث كنت مكلفاً بمهمة من قبل المرحوم الصديق أحمد اسكندر أحمد وزير الإعلام بالإشراف على طباعة كتاب إعلامي خاص عن سورية، غالبية الموجودين في المبنى من العاملين في صحيفة البعث أو وزارة الإعلام لم يكونوا من الحزبيين، وأعتقد أن الذي قام بهذه العملية لم يقم بعملية (استئناس) ليفرز الحزبي من غير الحزبي!
هل وصلت الرسالة.. أرجو ذلك!
هناك مسألة في غاية الأهمية وهي تتعلق بنسب تمثيل الوحدات الصحفية إلى المؤتمر.
قوائم الانتخابات الأخيرة بينت أن عدد الأعضاء العاملين في الاتحاد حوالي 1600 صحفي، وإذا اعتبرنا أن التمثيل حدد لكل عشرة صحفيين واحداً يمثلهم إلى المؤتمر فيجب أن يكون أعضاء المؤتمر 160 عضواً بدلاً من 134 عضواً حسب نتائج الانتخابات.
- المادة 20 وبالتحديد الفقرة (ج) من قانون الاتحاد حددت بالنص ممثلاً واحداًَ لكل عشرة أعضاء ويجبر العدد إلى العشرة إذا بلغ خمسة فما فوق ويهمل ما دون ذلك. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد عدد ممثلي أي وحدة عن 15 ممثلاً.
المشكلة في كلمة (لا يجوز) وما هي الحكمة من وضعها لتحديد سقف عدد ممثلي الوحدات الانتخابية، خاصة أن هناك إجحافاً في نسب التمثيل برز في الانتخابات الأخيرة عندما تم اعتماد سقف الـ15 عضواً لكل مؤسسة مهما بلغ عدد صحفييها، وإذا وضعنا في الحسبان أن عدد الصحفيين سيزيد مع السنوات القادمة وأن المستقبل سيشهد نمواً في عدد المؤسسات وازدياداً في أعداد الصحفيين الذين سيتخرجون من كليات الصحافة والإعلام مما يجعل من مسألة التمثيل مشكلة ستتفاقم مع الأيام وسترتفع نسبة التمثيل من واحد لكل عشرة إلى واحد لكل عشرين ولكل خمسين لاحقاً!
وهناك مثال حي جرى في الانتخابات الأخيرة:
152 صحفياً في وحدة سانا يمثلهم 15 عضواً إلى المؤتمر.
357 صحفياً في وحدة المتقاعدين يمثلهم 15 عضواً إلى المؤتمر.
في الحالة الأولى يصبح التمثيل كل عشرة صحفيين يمثلهم واحد إلى المؤتمر وفي الحالة الثانية كل 24 صحفياً يمثلهم واحد!
لذا من غير المعقول أن تبقى بهذا الشكل ولابد من إعادة النظر بقانون الاتحاد وتعديل بعض مواده ليكون أكثر انسجاماً مع تطورات العمل الصحفي والإعلامي ومواكباً متطلبات العصر بعد دخول مرحلة جديدة تؤسس وعلى نطاق واسع للإعلام الإلكتروني وصحف الإنترنت والفضائيات ووسائل الاتصال الحديثة.
من الذي فاز بعضوية المؤتمر؟
إن نظرة بسيطة على الأسماء المنتخبة ومقارنتها بأسماء أعضاء المؤتمرات السابقة يتبين أن أكثر من النصف أعيد انتخابه لدورتين وقسم كبير منهم لثلاث دورات أي أصبح لهم 15 عاماً أعضاء مزمنين في كل المؤتمرات.
- ترى هل سأل أي واحد منهم نفسه.. ماذا قدم خلال هذه الدورات وما هي الخدمة وما هو الدور الذي قام به من مداخلات وآراء ومبادرات لرفع مستوى العمل النقابي والمهني خلال حضوره المؤتمرات السابقة؟
أجزم ومعي كثير من الزملاء أن معظم أعضاء المؤتمرات لم ينطقوا بعبارة واحدة خلال خمس سنوات هي فترة الدورة الانتخابية، وكانوا أشبه بالتمثال الهندي (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) وهو يعبر أصدق تعبير عن حضور أشبه بالغياب حتى أن كثيراً منهم كانوا لا يحضرون الجلسات والمؤتمرات التي لا تتعدى أياماً معدودة خلال العام الواحد.
- في المجالس والاجتماعات كنا ننتقد بقاء المديرين العامين للمؤسسات الإعلامية لأكثر من عشر سنوات في مناصبهم مما أدى إلى تكلس الإعلام وتراجعه، ترى هل تحول الجميع لتقمص هذا الدور أسوة بالمديرين ليستمروا في عضويتهم للمؤتمرات النقابية لدورتين أو ثلاث؟
قبل الانتخابات بشهر يتهافت الجميع وبحماس فائق للترشيح والبعض لا يتورع عن استعمال كل الأساليب الرخيصة من مناورات وألاعيب لاستجداء أصوات الناخبين، المهم أن يصل إلى عضوية المؤتمر، وإذا سألت أي واحد منهم عن مشروعه وعن أسباب ترشحه فلن تجد أي إجابة.
أحد أعضاء المؤتمرات الدائمين كتب بعد الانتخابات الأخيرة في صحيفة الثورة بتاريخ 14/7/2006 ما يلي:
(مئة وأربع وثلاثون لؤلؤة بها اكتمل العقد وتلألأت حباته وسطع بريقها كالشمس في وضح النهار، فخطف الأبصار، وتهاوت مع نوره أوراق الخريف، التي اصفرت وآن سقوطها، لتبدأ مع ذاك السقوط والتهاوي دورة الحياة الجديدة التي تمثلها طبيعة الكون، وأزاح الغمة وسحابات الصيف عن سماءات الصحفيين، الذين اختاروا لآلهم لتمثلهم في المؤتمر العام المقبل).
- تُرى ماذا يقدم مثل هذا الإنشاء غير تبيان مستوى تفكير صاحبه الذي أمضى حوالي ثلاثة عقود في العمل الصحفي، وما الذي سيطرحه في المؤتمر إذا علمنا أن حياته المهنية خلال تلك السنوات كانت مليئة بالتجاوزات والممارسات غير المهنية التي يعرفها الجميع؟
- أقفلت منذ أيام فترة الترشيح لعضوية مجلس الاتحاد عن 98 صحفياً ترشحوا لعضوية المجلس من أصل 134 صحفياً هو عدد أعضاء المؤتمر.. وهذا يحصل للمرة الأولى، ويبدو أن البحث عن الحوافز والامتيازات والمكاسب هو هدف الجميع حيث إن عضوية المكتب التنفيذي الذي يجري التنافس والصراع من أجلها تبقى هي الهدف وليس العمل النقابي والمهني والدفاع عن مصالح الصحفيين وحقوقهم!
للمرة الأولى في تاريخ اتحاد الصحفيين يصبح منصب رئيس الاتحاد (شاغراً)، وبالتالي سيتم تداول هذا المنصب بعد أكثر من ثلاثة عقود ونيف، لذا سيكون الصراع الضاري على منصب رئيس الاتحاد له طابع الحرب المعلنة والخفية بين الطامحين لإشغال هذا المنصب، ويبدو أن الأكثر أملاً للوصول إلى منصب رئيس الاتحاد هم (بارونات) الإعلام الذين شغلوا مناصب قيادية على رأس المؤسسات الإعلامية ووزارة الإعلام على أمل أن يتوجوا مسيرتهم المظفرة دائماً بالجلوس على كرسي (رئيس الاتحاد) لا رغبة في خدمة العمل النقابي والدفاع عن مصالح الصحفيين بل لأن هذا المنصب سيشكل (خاتمة سعيدة) لمسيرة حققوا فيها أكبر المكاسب وحصلوا على كل الامتيازات والأمثلة على هؤلاء كثيرة ويمكن تسليط الضوء على أبرزهم وهذا جانب من السيرة المهنية لبعضهم:
مدير عام لصحيفة (الثورة) كان يفرد صفحات الصحيفة لنقد الإذاعة والتلفزيون وأورد هنا فقرة من مقال نشر في الصفحة الأخيرة من الصحيفة بتاريخ 1/12/2004:
(مشكلتنا مع تلفزيوننا الوطني ليست في القائمين عليه بل في العقل الذي اختارهم، ليمثلوا ويكونوا أمينين على فهمه هو شخصياً لدور التلفزيون خصوصاً والإعلام عموماً، فمن يختار مهندساً خبيراً بعدم انقطاع البث، ليكون مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إنما يعبر عما يريد من هذا التلفزيون: أن يبث ويبث ثم يبث، ولا يهم ماذا يبث).
بعد أشهر ونتيجة نجاحات المدير العام في تطوير صحيفة (الثورة) ورفع معدلات توزيعها بشكل جعل المواطنين يقفون بالدور ولساعات طويلة وبالآلاف أمام الأكشاك للفوز بنسخة منها، تم نقل المدير العام إلى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ليصبح مديراً عاماً بكامل الصلاحيات، ويبدو أن الموقع الجديد لا يحتمل النقد لذا فقد صبره من بعض المقالات التي انتقدت البرامج الإذاعية والتلفزيونية على صفحات صحيفة (الثورة) التي كان مديراً عاماً لها. لذا قام وبتاريخ 30/4/2006 بتوجيه إنذار شديد اللهجة للصحيفة اتهم فيها صحفييها بنقص المعرفة والخبرة بالعمل التلفزيوني مستغرباً النقد على التلفزيون السوري دون غيره من الفضائيات وختم إنذاره إما بوقف نشر مثل هذه المواد أو أنه سيعلن الحرب على الصحيفة وأنه سيفرد مساحات على الشاشة للرد، وأن الذي يمنعه من ذلك هو (حرصه) على وثيقة الشرف الإعلامي، وأن الأخطاء والهفوات (متوفرة عند غيرنا أكثر منا ومساحات النقد واسعة لدينا أيضاً).
كلمة ميثاق الشرف الإعلامي هنا كلمة مطاطة يضع حدودها وسقفها المدير العام. فإذا تم توجيه النقد له ولمؤسسته فهذا يخل بميثاق الشرف أما إذا وجه نقده وسهامه إلى مؤسسة إعلامية أخرى فهو من قبيل ممارسة الحرية والرأي الآخر.
السؤال ماذا سيكون مصير اتحاد الصحفيين إذا وصلت مثل هذه العقلية لمنصب رئيس الاتحاد، طبعاً لا أريد التعرض للإخفاقات المهنية والأخطاء والممارسات التي يعرفها الجميع في كل المؤسسات التي عمل مديراً عاماً لها حيث ضرب رقماً قياسياً في تولي إدارات كل المؤسسات الإعلامية عدا (الإعلان والتوزيع)!
- مدير آخر بقي لأكثر من خمسة عشر عاماً في بدايات اتحاد الصحفيين يشغل منصب أمين السر العام وعضو في لجنة القيد والقبول حيث أسهم بشكل مباشر في تسريب العشرات من غير الصحفيين المؤهلين والذين لا تنطبق عليهم شروط العضوية إلى اتحاد الصحفيين.
بدايات هذا المرشح كانت متواضعة جداً لكن ضربة حظ نقلته من محرر من الدرجة العاشرة في صحيفة غير مقروءة إلى منصب سكرتير تحرير في صحيفة الثورة في مطلع السبعينيات بدون أي خبرة ولا معرفة حتى بأدنى أبجديات العمل الصحفي، ويبدو أنه من النوع الذي يتقن فن العلاقات العامة بامتياز ولديه قدرة على قراءة الكف والطالع والتنبؤ بمستقبل بعض الأشخاص لذا يقوم بتمتين علاقاته معهم في بداية حياتهم أملاً في الاستفادة مستقبلاً بما يعود عليه بالفائدة والمصلحة!
ضربة حظ أخرى جعلته مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون لسنوات طويلة لم يقدم خلالها للعمل الإعلامي أي شيء يذكر أدار فيها الهيئة بعقلية (مختار الحارة). وعندما كان يعفى من منصبه كان يجتهد بتمثيل دور (الضحية) وأن الإعلام خسر مواهبه الفريدة، وعندما تم تكليفه لفترة محدودة بمسؤولية الشخص الثاني في وزارة الإعلام مارس دوراً لا يقل عن أدواره السابقة في ممارسة المزيد من السلبيات والعبث داخل المؤسسات الإعلامية والإضرار بها، والإنجاز الصحفي الذي قدمه خلال أربعة عقود هو نشره لأربع زوايا في صحيفة الثورة أيام الجمعة لا تصلح للقراءة حتى في مقهى الروضة!
الآن يطرح نفسه وبقوة رئيساً للاتحاد.. ونحن نتساءل عن مصير الاتحاد في عهده هذا إذا وصل لهذا المنصب وبقي لدورة كاملة تمتد حتى عام 2011؟
بين التفاؤل والتشاؤم خيط رفيع، وإذا لم تكن الخيارات الإيجابية متاحة، أتمنى – ويشاركني كثير من الزملاء – أن يبقى رئيس الاتحاد الحالي إلى نهاية الألفية الثالثة!؟
لذا أتوجه اليوم للزملاء أعضاء المؤتمر أن يحكموا ضمائرهم ويعتمدوا المقاييس المهنية والأخلاقية فقط لاختيار من هو أكثر جدارة ونزاهة سواء لعضوية المجلس أو المكتب التنفيذي والأهم رئيس الاتحاد.
الجمل
التعليقات
موقع سخيف مع
إضافة تعليق جديد