اللايزر في آليات جديدة
اكتشف فريق من جامعة برينستون آلية جديدة لتصنيع أدوات إلكترونية تطلق أشعة ليزر، وأكد أعضاء الفريق أن هذه الآلية أكثر فعالية من الأشعة التقليدية، وتعمل على درجات حرارة عالية لتساهم في إيجاد تطبيقات بيئية وطبية. وتمّ التوصّل إلى الظاهرة من خلال تصنيع جهازquantum cascade laser الذي ينتج التيار الكهربائي داخله شعاعاً من الليزر ذات خصائص مختلفة تماماً، أبرزها الحاجة إلى قدر قليل من الكهرباء. من المعلوم أن الضوء يتألّف من جزيئات تُسمّى الفوتونات. ويتميّز الليزر بكونه يقذف هذه الفوتونات بتناغم، بعكس الضوء العادي الناتج من الشمس أو من النار والمصابيح الكهربائية، حيث يقوم هذا الأخير بقذف الجزيئات عشوائياً، وهو السبب الذي يجعل شعاع الليزر شديداً، ضيّقاً وذا لون نقي واحد. وفي مقدّمة أساليب إطلاق أشعة الليزر يأتي تمرير التيار في جهاز شبه موصل ليضخّ الطاقة داخل المادة، مرغِماً عدداً كبيراً من الإلكترونات على التحرّك على مستوى عال جداً.
تحت ظروف معيّنة، تنزلق هذه الإلكترونات إلى مستوى أدنى من الطاقة لتصدّر الفائض منها على شكل فوتونات ضوئية متناغمة.
بالنسبة إلى الجهاز المصنّع في جامعة برينستون، فهو بكثافة لا تتجاوز عشراً (أي 1 من 10) كثافة شعر الإنسان، ويبلغ طوله ثلاثة مليمترات فقط. ورغم أن حجمه متناهي الصغر، فإن الجهاز يتألّف من مئات الطبقات شبه الموصلة التي يحتوي كل منها على بضع ذرّات تتساقط الإلكترونات داخلها عند فقدانها للطاقة، مطلقة بذلك الفوتونات.
وكانت دراسة سابقة للفريق نفسه، قد وجدت أن جهاز quantum cascade laser أطلق شعاعاً ثانياً ذات موجة أقصر من الشعاع الأول. وبخلاف ما ينتج من أجهزة الليزر التقليدية، اشتدّ شعاع هذا الجهاز مع ارتفاع درجة الحرارة إلى حدّ معيّن.
لشرح الآلية، استشهد الباحثون بإحدى خصائص الإلكترونات المعروفة بالزخم. ففي هذا الجهاز، وحدها الإلكترونات التي يقارب زخمها الصفر تشارك في إطلاق الشعاع. أكثر من ذلك، ثمّة عدد من الإلكترونات التي تحتاج إلى نفس المستوى من الطاقة والزخم، وذلك كي تتمكّن من تحقيق التوازن قبل المشاركة في العملية. لكن في المقابل، توصّلت دراسات لاحقة للفريق إلى أن الشعاع يأتي من حركة الإلكترونات الأقل طاقة، الأكثر زخماً وغير المتوازنة، الأمر الذي أظهر أهمية الإلكترونات في إطلاق أشعة الليزر مهما كانت حالتها.
وللظاهرة الجديدة عدد من الميّزات المهمة. فعلى سبيل المثال، تعيد الإلكترونات امتصاص الفوتونات في أشعة الليزر التقليدية المعتمدة على الإلكترونات القليلة الزخم، ما يقلّل من فعاليتها، لكن مع الليزر الجديد، يتقلّص الامتصاص بواقع 90 في المئة، الأمر الذي يتيح للجهاز الاعتماد على كمية أقل من الكهرباء ويجعله أقل تأثّراً بتغيّر الحرارة.
ويعتقد الفريق بأن الجهاز المستخدم في الدراسة لم يصل إلى هذا المستوى من الفعالية بعد. فالاستفادة التامة منه تستوجب الحدّ من آليات الليزر القليلة الفعالية الطاغية إلى الآن. وبخلاف الأنواع الأخرى، يعمل جهاز quantum cascade laser في أقصى طيف الأشعة ما دون الحمراء، ويمكن أن يُستخدم في التقصّي الدقيق لآثار بخار الماء، النشادر، أوكسيد النيتروجين وباقي الغازات التي تمتص الأشعة ما دون الحمراء. كذلك سيجد تطبيقات له في مراقبة جودة الهواء، التشخيصات الطبية، مجالات الأمن وغيرها من المجالات التي تتطلّب تحرّياً دقيقاً للمواد الكيميائية المختلفة.
روني عبد النور
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد