القلب والكبد والرئتان والبروستاتة إذا تضخمت
منذ أشهر وهي تشكو من آلام متكررة في الزاوية العلوية اليمنى من البطن. ذهبت إلى الطبيب لتستشيره في مصابها، وبعد أن فحصها سريرياً طلب منها أن تجري رسماً للبطن بالأمواج فوق الصوتية، فجاءت النتيجة لتكشف عن وجود تضخم في الكبد، ومن أجل معرفة سر هذا التضخم، خضعت المريضة إلى مجموعة من الفحوص المكمِّلة، ومن بينها الخزعة، ليتبين بعدها أن سبب التضخم هو وجود ورم قابع في أحضان الكبد.
تضخُّم أحد أعضاء الجسم أمر شائع، والتضخم بحد ذاته ليس مرضاً، بل هو عارض لمشكلة أكبر تختبئ خلفه، من هنا يجب عمل كل الاستقصاءات الضرورية من أجل كشف السبب أو الأسباب التي تقف وراءه. وفي السطور الآتية نعرج على عدد من التضخمات المشهورة والأسباب المؤدية لها:
> تضخم القلب، وهو يعني زيادة حجم العضلة القلبية، وقد تكون هذه الزيادة على حساب الخلايا العضلية أو على حساب تجويفات القلب، والحدثان قد يحصلان سوية أو كل على حدة. وهناك جملة من العوامل التي تساعد على الإصابة بتضخم القلب، منها الوراثة، والسمنة، والداء السكري، والتقدم في العمر. وإذا أخذنا بنتائج دراسة لباحثين من كلية الطب في جامعة مينـيسـوتا الأمـيـركية نُشرت نتائجها في مجلة أمراض القلب، فإن الضغط النفسي يساهم، بشكل أو بآخر، في تسريع الإصابة بتضخم القلب، وبالتالي الأمراض القلبية، وتعليقاً على النتائج، قال معدّو الدراسة إن الضغط النفسي الحاد يحض على إفراز العديد من الهرمونات، مثل الكورتيزون، التي تزيد من العبء الواقع على القلب، ما يؤدي مع مرور الوقت إلى خلل وظيفي في خلايا القلب وشرايينه.
وتضخم القلب شيء عادي عند الرياضيين الذين يمارسون التمارين البدنية باستمرار، ولكنه في معظم الحالات يمثل ظاهرة مرضية ناتجة عن أسباب عدة، منها:
1- ارتفاع ضغط الدم، وهو يعد السبب الأكثر شيوعاً لتضخم البطين الأيسر للقلب.
2- أمراض في صمامات القلب، مثل تضيق الصمام الأبهري، وانسداد الصمام التاجي.
3- أمراض الشرايين التاجية للقلب.
4- هبوط العضلة القلبية.
ويؤدي تضخم القلب المرضي إلى عواقب وخيمة، مثل فشل العضلة القلبية، واضطرابات في نظم القلب، والموت المفاجئ.
> تضخم الكبد، وهو يحصل لأسباب كثيرة، منها: تشحم الكبد، الإدمان على المشروبات الروحية، التهابات الكبد الفيروسية، البلهارسيا، أمراض الدم الوراثية، أورام الكبد السليمة والخبيثة، قصور العضلة القلبية.
> تضخم الطحال، يزيد حجم الطحال عن المعدل الطبيعي في الحالات الآتية : فقر الدم الغذائي أو المناعي الذاتي، انسداد الوريد الكبدي، انسداد الوريد البابي أو الطحالي، قصور القلب الاحتقاني، الأورام اللمفاوية، تشمع الكبد، حمى التيفوئيد، الحمى المالطية، الملاريا، البلهارسيا، سرطانات الدم، مرض نقص المناعة الذاتي (الأيدز).
> تضخم غدة البروستاتة، وينتج عن ثلاثة أسباب: ورم البروستاتة الحميد، وورم البروستاتة الخبيث، والتهابات غدة البروستاتة.
يحصل ورم البروستاتة الحميد لدى 50 في المئة من الرجال الذين قطعوا عتبة الستين من العمر، ولدى 90 في المئة من أولئك الذين تجاوزوا 85 سنة. ويرتبط حدوث ورم البروستاتة الحميد بثلاثة عوامل هي التقدم في السن، والهرمونات، والوراثة.
ويعاني المصاب من ورم البروستاتة الحميد من عوارض بولية مزعجة، مثل تباطؤ دفق البول، وتقطيش البول، والرغبة المتكررة والملحة في إفراغ المثانة البولية في الليل والنهار في غضون ساعتين لا أكثر، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بسلس البول، أي نزول البول من دون قدرة المريض على التحكّم به. وتولِّد هذه العوارض المتلاحقة، عاجلاً أو آجلاً، نوعاً من القلق والارتباك والإحباط التي تترك آثاراً سلبية على نمط الحياة الطبيعي.
أما ورم البروستاتة الخبيث الذي يصيب رجلاً من بين كل 6 رجال، فهو مرض كبار السن، ويفضي إلى عوارض مشابهة لتلك التي نراها في الورم الحميد. ولا صلة، لا من قريب أو بعيد، لسرطان البروستاتة بالورم الحميد، ولكن الحالتين قد تحصلان معاً لدى بعض المرضى، وهذا ما يستدعي الفحص الدقيق من قبل الاختصاصي في المسالك البولية، لنفي وجود سرطان البروستاتة أو تأكيده.
وفي خصوص التهابات غدة البروستاتة، فهي أيضاً قد تسبب تضخماً في الغدة، خصوصاً الالتهابات المزمنة. إن 90 في المئة من التهابات غدة البروستاتة غير معروفة السبب، أما في النسبة الباقية، فيكون سببها عوامل ميكروبية.
> تضخم إحدى الرئتين، ويحدث إثر إصابة الرئة الأخرى بمرض ما، أو بعد استئصال إحدى الرئتين بجراحة، ويعتبر هذا التضخم ظاهرة فيزيولوجية الهدف منها تعويض وظيفة الرئة المريضة أو المستأصَلة.
> تضخم الرئتين معاً، وينتج في شكل أساس عن التدخين، إذ إن المواد السامة لهذا الأخير، وما أكثرها، تحرّض على إحداث تغيرات في الخلايا التي تفرش ممرات الهواء في الرئة، الأمر الذي يقود إلى سد هذه الممرات، فيعاني الشخص المصاب من صعوبة في استنشاق الهواء، ومن فقدان الطاقة والحيوية، إلى جانب عقبات في ممارسة الحياة اليومية.
> تضخم العضلات، وهو يتأتى عن زيادة عرض الألياف المكونة لهذه العضلات، ويتحقق هذا الأمر جراء التدريب الرياضي البدني الزائد، خصوصاً رفع الأثقال، فهذه التدريبات المتكررة تؤدي الى عبء غير معتاد على العضلات، فتخلق فيها تبدلات طارئة فيزيولوجية وتشريحية إيجابية تزيد من حجمها وتجعلها قادرة على التكيف مع الوضع الجديد. وطبعاً هناك عوامل أخرى لها دورها، إلى جانب التدريبات الرياضية، في تأمين قدرة الشخص على امتلاك التضخم العضلي، منها الوراثة، والتغذية الجيدة، والهرمونات. وعلى كل من يفكر في زيادة حجم العضلات من طريق تناول الهرمونات المنشطة أن يحسب لها ألف حساب، نظراً الى الأخطار الكبيرة الناتجة عن استخدامها، مثل الإصابة بالداء السكري، وضمور الخصيتين، والضعف العام، والهزال.
ويخطئ من يعتقد بأنه كلما زاد حجم العضلات زادت القوة العضلية، صحيح أن التضخم يزيد من قوة العضلة، ولكن لهذه الأخيرة حد معين لا يمكن تجاوزه مهما كبرت العضلة، من هنا، فإن العضلات المفرطة في النمو قد لا تكون قوتها بالدرجة التي يوحي بها حجمها، والعكس صحيح.
> تضخم الثدي عند الرجل، وهو يصيب مختلف الأعمار، وقد يقتصر التضخم على ثدي واحد أو يطاول الاثنين معاً. وهناك أسباب عدة يمكن أن تكون مسؤولة عنه، منها:
- زيادة الوزن.
- مرحلة المراهقة، نتيجة التقلبات الهرمونية في هذه الفترة.
- تناول بعض العقاقير.
- الأورام السليمة والخبيثة.
- التقدم في السن وما يرافقه من تدهور في إنتاج هرمون الذكورة التيستوستيرون.
- زيادة إفراز هرمون الحليب.
- زيادة إنتاج هرمون الأستروجين الأنثوي بعد أمراض معينة.
- التهابات وخراجات الثدي.
> تضخم الثدي عند المرأة، ويمكن أن يشاهَد في جانب واحد أو في الجانبين. إن تضخم الثدي أمر طبيعي نتيجة التقلبات الهرمونية الـتي ترافق حيثيات الدورة الشهرية. أيضاً يمكن أن يحصل التضخم في الثدي نتيجة الالتهابات، والكيسات، والأورام الـسـليمة والخـبيثة... والعمليات التجميلية.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد