العمال الفلسطينيون يسلكون "طرق الموت" للعمل في إسرائيل
لا يملكون من أمرهم شيئا، ولا يقدرون على رفض الوضع الذي هم فيه، فلقمة العيش لا بد من توفرها حتى وإن اكتنفت توفيرها مخاطر تكاد تفقد صاحبها حياته في كثير من الأحيان.
إنهم العمال الفلسطينيون الذين يعملون داخل الخط الأخضر أو من يعرفون "بعمال إسرائيل" فمخاطر جمة تواجه هؤلاء في تنقلهم للعمل، وخاصة أولئك الذين لا يملكون تصاريح عبور، علاوة على الأجور الباهظة التي يبتزهم بها من ينقلهم.
وفي حديثه كشف العامل أبو أوس خضر من إحدى قرى مدينة نابلس طرقا مختلفة للدخول إلى إسرائيل لمن لا يحملون تصاريح عبور، وأكد أنها محفوفة بالمخاطر منذ أن يغادر العامل بيته إلى أن يصل مكان عمله.
وأوضح أن أولى الخطوات التي يجب على العامل أن يقوم بها تبدأ بذهابه لتجمعات العمال غير المرخصين المعروفة لديهم، ومن ثم يأتي السائق الإسرائيلي المجهول لهم ويأخذهم في "مركبة خاصة" يحمل فيها أكثر من 25 شخصا، رغم أنها مخصصة لعشرة فقط، أو يضعهم في الصندوق الخلفي غالبا.
أما الطريقة الثانية فبين خضر أنها تحتاج لتمويه أكثر خاصة بعد أن أصبحت الطرق العادية مكشوفة لدى جنود الحواجز، حيث يضطرون لركوب سيارات لنقل البضائع كثلاجات اللحوم المجمدة أو حتى الركوب بشاحنات صهاريج المحروقات، حيث تُهيئ هذه المركبات بطريقة يخفى أنها منقسمة وبها مساحة ضيقة لنقل العمال.
وأوضح أن الطريقة الأخرى هي العبور مع سائق إسرائيلي متدين، حيث لا يتعرض المتدينون للتفتيش في كثير من الأحيان. أما العبور عبر الأنفاق فيعد من أخطر الطرق، وذلك لكونها طويلة وتحتاج للسير على الأقدام وتكيف جسد العامل مع الأنبوب.
وقال إن العمال نتيجة لتنقلهم الدائم يعرفون أن بعض الأماكن يوجد بها أنابيب خصصت للمجاري أو لمياه الأمطار فيضطرون للعبور منها.
وأكد خضر أن السائق الإسرائيلي يشترط على العمال عدم التحرك داخل المركبة، وإغلاق هواتفهم ووضع العدد الذي يراه مناسبا منهم حتى لو أدى إلى تكدسهم، كما يغلق عليهم باب المركبة بالأقفال، وينزلهم جميعا في منطقة واحدة، وأهم تلك الشروط أن يدفع العامل أجرته الباهظة قبل نقله.
أما العامل منذر محمود من منطقة جنين فأشار إلى أن المخاطر تكمن في هروب السائق إذا تعرض لحادث سير أو غير ذلك، وعدم التوقف إذا ما لاحقته الشرطة الإسرائيلية، إضافة لإصابة كثير من العمال بحالات اختناق وإغماء جراء وضعهم سوية وبأعداد كبيرة، "وأحيانا يموت العامل داخل المركبة دون أن يشعر به أحد"، كما يتنصل بعض السائقين من التعرف على العمال إذا ما ألقي القبض عليهم، إضافة لاحتيال أرباب العمل عليهم وإبلاغ الشرطة عنهم باعتبارهم مخالفين.
وأكد أن العامل الذي يضبط داخل إسرائيل مخالفا يتعرض للاعتقال والإهانة ودفع غرامة مالية كبيرة، ويمنع من دخول إسرائيل، ويحرم من إعطائه أي تصريح عبور في المستقبل، وهذا ما يجعل العامل يتغيب بضعة أشهر عن أسرته ليبتعد عن المشاكل.
وكشف شاهر سعد رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين عن أن "عمال إسرائيل" من الفلسطينيين يبلغون قرابة خمسين ألف عامل، بينهم 27 ألفا غير منتظمين (بلا تصاريح).
ولفت سعد النظر إلى أن أولئك العمال يتعرضون لقمع إسرائيلي دائم يتمثل بالاعتقالات والقتل، مشيرا إلى مقتل اثنين منهم منذ مطلع العام الجاري، في حين قتل خمسة آخرون عام 2008.
عاطف دغلس
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد