الحياة في بغداد
يتنقل سكان العاصمة العراقية بغداد بصعوبة بسبب زحمة المرور وكثرة نقاط التفتيش التي أجبرتهم على ضبط تنقلاتهم وفق مواعيد اجتماعات الحكومة والبرلمان وما يرافقها من تدابير أمنية صارمة وإغلاق للشوارع.
وهكذا أصبح سكان العاصمة المقدر عددهم بنحو سبعة ملايين نسمة مضطرين لتغيير نمط حياتهم بشكل جذري أحيانا للتأقلم مع الظروف الأمنية الجديدة.
وزاد من صعوبة حياة البغداديين ارتفاع أعداد السيارات في العاصمة عشر مرات على ما كانت عليه قبل الغزو الأميركي في مارس/آذار 2003 وإغلاق أكثر من نصف شوارعها الفرعية والرئيسية وانتشار كتل الكونكريت بين بعض أحيائها.
وفي ظل هذه الظروف وجد البعض أنفسهم مجبرين على التخلي عن عملهم أو تغييره أو تكييفه على ضوء المعطيات الأمنية الجديدة.
وهكذا تخلى المحامي فوزي حسون الساكن في منطقة بغداد الجديدة جنوب العاصمة عن العمل في مكتبه الواقع في منطقة حي الجامعة غربي المدينة.
وقال حسون إن المسافة بين بيته ومكتبه تتطلب عبور عدة جسور إضافة إلى المشاكل المذهبية التي تعرض لها مرات عدة أثناء تنقله عبر طرفي المدينة ولذلك ترك العمل وأغلق المكتب ليصبح عاطلا منذ أكثر من سنة.
وأجبر آلاف من أصحاب المحال التجارية على بيع أو ترك محالهم التي تقع في مناطق بعيدة عن سكنهم أو داخل أحياء تتصيد الناس على الهوية.
وهكذا أغلق أكثر من 80 محلا في المجمع الصناعي بمنطقة البياع الصناعية غربي بغداد وأكثر من 126 محلا في شارع الشيخ عمر الصناعي وسط العاصمة ومئات المحلات في مناطق أخرى.
وبسبب المخاوف الأمنية ترك جبار عذاب الساعدي مطعمه الكبير في منطقة الدورة واتفق مع عماله على إدارة المطعم لكنه عندما بعث أحدا ليأتيه بالوارد أخبروه بأنه لم يعد مالكا للمحل. وقال الساعدي إن المالك الجديد بعث له كلاما مفاده "اسكت وإلا...".
وفي ظروف مماثلة اضطر تاجر أجهزة التبريد المركزي في منطقة السنك وسط بغداد، سلوان الكبيسي إلى ترك مخازنه التي تحوي أطنانا من المواد المستوردة.
وقال الكبيسي إنه أجبر على ذلك بعد أن "تم خطف أخي وولدي من داخل المحل قبل عام ونصف عام من قبل جماعات مسلحة مع عشرات من التجار الآخرين".
ورغم التراجع النسبي لحدة العنف فإن أهل بغداد لا يزالون حذرين في تنقلاتهم ليبقى التبضع والتجول مقتصرا على الأسواق القريبة ومحصورا بين أبناء المنطقة ذاتها.
وتقول نسرين مصطفى "ما زلنا نخاف الذهاب إلى مناطق بعيدة أو إلى الأسواق الكبرى لأن الحياة في تلك الأسواق تتوقف بعد الظهر، بينما قد تتطلب رحلتي إليها المرور بعشرات نقاط التفتيش وهو ما يعني أني سأصل إليها بعد أن تكون قد أغلقت أبوابها".
ولمواجهة تلك الظروف الصعبة يحدد علي صبار وهو سائق سيارة أجرة في مدينة بغداد أيام تنقلاته في المدينة وفق ما يعرفه عن مواعيد الاجتماعات الحكومية والبرلمانية.
وقال الصبار إنه يتابع الصحافة يوميا ليطلع على مواعيد المؤتمرات والاجتماعات ويعرف بالتالي أي جهة سيسلك وأي شارع عليه تجنبه.
فاضل مشعل
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد