الحلفاوية آخر صرعات السيارات السورية
بين القديم والحديث تتقدم سيارة «بيك أب» سورية الصنع والمواصفات، عالمية المحرك والميزات. متينة كالمصفحات وسريعة كالطائرات. تشق الطرقات بكل ثبات وكأنها تقول: «يا أرض اشتدي ما حدا قدي». إنها «الحلفاوية»، اسمها مستوحى من قرية حلفايا في محافظة حماه، حيث تُصنّع السيارة.
يتنافس العاملون في حلفايا على إدخال التعديلات على هذه السيارة من وقت إلى آخر، حتى غدت «كاملة المواصفات» على حدّ تعبيرهم. هذا النوع من العمل أصبح مهنة. فبداية، السيارة كانت بثلاث عجلات ومحرك ياباني الصنع من نوع مازدا 3000 بقوة 14 حصاناً. أما الآن فأصبحت بأربع عجلات ومحرك من نوع هيونداي بقوة 18 حصاناً، وبسرعة تزيد على 180 كيلومتراً في الساعة.
تتمتع هذه السيارة أو «الملكة»، كما يحلو لأهل القرية تسميتها، بأهم وأحدث ميزات السيارة الحديثة. فهي مكيفة وبمقود هيدروليكي وقفل مركزي وأنظمة كهربائية كاملة. والأهم أنها تصنع بحسب الطلب!. فترى كل سيارة تنم عن صاحبها وترسم الخطوط الرئيسية لشخصيته، إذ يتفنن بإدخاله ألوان الموضة عليها ويزينها بأنواع الزينة من ورد وسجاد وأعلام وصور لأهم المطربين العرب، الى درجة انك لا تستطيع رؤية من بداخلها.
ومن المبادئ الأساسية لاقتناء «العروس» أن يمتلك صاحبها أحدث أشرطة الأغاني الشعبية بأغانيها الصارخة لتتناسب والشكل الخارجي للسيارة «الصرعة».
اللافت أن «الحلفاوية» تعدّت صفتها كسيارة لتصبح أيضاً مساحة حرّة للتعبير!. إذ اغتنم أصحابها الفرصة لكتابة ما يحلو لهم من عبارات غريبة وطريفة، وغالبيتها تصف قوة السيارة وجمالها، مثل «حلفاوية يا فل، يا حارقة قلوب الكل».
»الحلفاوية» مدللة والعتب عليها مرفوع، إذ ليس بمقدورك أن تقف بوجهها لثقل وزنها الذي قد يصل في بعض الأحيان لأكثر من 1.5 طن. وعندما تمر بسيارتك العادية في تلك المنطقة، لا تتفاجأ أو تخاف إن مرت بجانبك كتلة ملونة من الحديد من دون إنذار، فإنها ببساطة السيارة «الصرعة». وهي قادرة على دهس عشر سيارات عادية من دون أن تتأثر.
سائق «الحلفاوية» محظوظ كونه لا يحتاج إلى رخصة قيادة سير. ليس لأنها سهلة الاستعمال، بل لأنها غير مسجلة وليس لها قيود في أقسام المرور والمواصلات والجمارك. أما سعرها فلا يتأثر أبداً باستيراد السيارات الحديثة، ويتراوح بين 3200 إلى 3500 دولار لـ «الحلفاوية» الواحدة.
مريم الخطيب
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد