الحكومة تزعم وتدعي تطويق ارتفاع الأسعار
تابعت اللجنة المشكلة بتوجيهات السيد رئيس مجلس الوزراء لمواجهة موضوع ارتفاع الأسعار اجتماعاتها وسط اجواء متفائلة عن نجاح الاجراءات الحكومية والتدخل الميداني العاجل لوقف الارتفاع عند حدود معينة وبدأت المؤشرات تميل إلى انخفاض تدريجي في الخضراوات والفروج واللحم والبيض وحسب مصادر حكومية فإن هذه الاجراءات التي عجزت عن إعادة الأسعار لوضعها الطبيعي قبل الأزمة استطاعت أن تطوقها بحدود معينة تبشر بانخفاضات واضحة ليس في كل السلع بل في معظمها.
وعادت المصادر إلى التأكيد على منطق المصداقية في عرض الواقع ومتابعة تقارير التتبع اليومية حول حركة المواد وأسعارها ومنعكسات التدخل الحكومي حتى يكون المواطن على إطلاع مباشر ولا يشعر بأن الأرقام تحاكي طفرة أوإنجازات تريدها الحكومة تكون متناقضة مع المؤشرات العامة للأسواق وأكدت هذه المصادر أن موضوع التدخل سيبقى مستمرا وهناك الكثير من الاجراءات الواسعة التي تقلل من حلقات الوساطة وتساهم بتوفير المادة الى المواطن المستهلك بشكل مباشر وبهامش ربح بسيط والأمل هنا معقود على مبدأ التشاركية بين مختلف الجهات (القطاع العام بمؤسساته الخزن والتسويق والاستهلاكية والمجتمع الأهلي بتعزيز دور الرقابة المسؤولة على مختلف منافذ البيع ومع القطاع الخاص من خلال تقييم مبدأ الربح المعقول وتأمين حاجة السوق إذ من غير المنطقي أن تنظم دوائر الرقابة حوالي 104 ألاف ضبط تمويني عام 2006 منها فقط 4% نتيجة تعاون المواطن وإبلاغه عن المخالفات ومصادرها فالكل معني بالمسألة حسب مواقعه ودوره.
وعن آليات التدخل أكدت المصادر استمرار عمل الآليات زمنيا وموضعيا من حيث الانتشار عبر تعدد منافذ البيع التابعة لمؤسسات الدولة وعبر التسويق والبيع للمفرق مباشرة بتجاوز أسواق الجملة إضافة إلى جملة من الاجراءات المستقبلية التي تستند إلى مختلف فئات المجتمع وفي مقدمتها دور وزارة الأوقاف ورجال الدين الذين يشاركون اليوم في جملة التدخل الحكومي لتأكيد العدالة في البيع والشراء وعدم الاحتكار المفروض إنسانيا ودينيا واجتماعيا ولا شك أن الاجتماعات المستمرة واليومية للجان المتابعة وفي مختلف ساعات النهار وجزء كبير من الليل تؤكد حجم الجدية في المتابعة والوصول إلى قرارات فاعلة ليس لوقتنا الراهن بل لعدم تكرار المسألة مستقبلا.
ومن الاجراءات العاجلة أنه تم التوجيه لمؤسسات التدخل التابعة للدولة بأن التنسيق مع وزارة الزراعة لتحديد المواد التي يحتاجها السوق والشراء المباشر من الفلاحين بأسعار تحفظ حقوقهم العادلة وتوزيعها مباشرة للمستهلك.
ورغم الالحاح الشعبي بشأن الوصول إلى قرار عادل حول موضوع الدعم الحكومي للسلع والمواد الاستهلاكية فإن الحكومة على ما يبدو تتريث طويلا في الإعلان عن قرارها بهذا الشأن حيث وضعته مصادر الحكومة بأنه قرار هام ومفصلي ولايجوز اتخاذه دون سؤال المواطن وبهذا السياق وصلتنا معلومات مفادها أن الجامعات السورية بالتعاون مع المكتب المركزي للاحصاء في طور الإعداد لاستبيان واسع لمعرفة آراء الناس حول السياسات والآليات البديلة التي تضمن وصول حصص الدعم لمستحقيها من المواطنين وسيتم طرح هذه السياسات على شكل أسئلة.لاستفتاء آراء الناس فيها ومع ذلك فإن الموضوع معقد جدا ويحتاج إلى زمن حتى يصدر ناضجا فيه الكثير من العدالة ورضا الناس.
وعلمنا من جانب آخر أن كل الاحتمالات الممكنة هي قيد الدراسة وهناك الكثير من المقترحات التي لن تصاغ بشكلها النهائي قبل صدور نتائج الاستبيان.
المصادر الحكومية بما توفر لديها من معطيات ناتجة عن المتابعة المسؤولة للجانها المختصة وصلت إلى جملة من الأسباب التي كانت سببا في ظاهرة ارتفاع الأسعار التي لا تستند إلى أي مؤشرات تضخمية ولا تتعلق باجراءات الإصلاح على الإطلاق بل إن هذه الاجراءات شكلت حاملا لضمانات التدخل استندت إلى قوة الاقتصاد السوري الذي أثبت قدرات استثنائية في ظروف خاصة للغاية.
ومن تلك الأساب الظروف الجوية التي تمثلت في انحباس الأمطار وانخفاض معدلات الهطول ودرجات الحرارة التي وصلت إلى -9 درجات في شهر كانون الأول وحدوث صقيع شتوي والانجرافات التي أدت إلى حدوث أضرار في بعض المناطق نتيجة الأمطار المبكرة والأضرار الذي نجم عنها خسارة300 ألف طن قطن محبوب نتيجة ارتفاع درجات الحرارة و موت كلي أو جزئي للخضار الورقية نتيجة الصقيع وانخفاض انتاج المحاصيل والخضار الشتوية نتيجة الصقيع وتأخر نضج الخضار نتيجة انخفاض درجات الحرارة كما تضررت مراعي الأغنام في البادية وانخفضت الحمولة الرعوية إلى الحد الحرج وكذلك الزيادة السكانية الناتجة عن دخول أكثر من 1280 ألف مواطن من خارج سورية ومعدلات النمو التي تجاوزت 13% وتأثر المنتجات الزراعية في الدول المجاورة بسبب الطقس.
واستمرار تصدير المنتجات السورية وفق معدل التصدير للسنوات السابقة لكن الخلل في معدلات سلة الغذاء انعكس مباشرة على حالة السوق وأسعار المنتجات الزراعية بحده الأعظم.
مع ذلك ثمة مؤشرات على احتواء الظاهرة ووقف ارتفاع الأسعار وميلها إلى الانخفاض الملموس.
ومن الاجراءات العاجلة دراسة إمكانية السماح بتجاوز المساحات المخططة لزراعة البطاطا والبصل والخضار الربيعية والصيفية على حساب المحاصيل الاستراتيجية ومنها القطن والشوندر الشتوي وتكليف الشركات المحلية باستيراد حاجة البلاد من الخضار من مصادر مختلفة.
أما الاجراءات المستقبلية فتركزت على دعم إقامة مؤسسات وشركات تسويقية خاصة أو مشتركة ضامنة للانتاج وتعمل بنظام العقود المسبقة لتنظيم الزراعة والتسويق وتوحيد حبة الاشراف على المحاصيل والمنتجات (الشوندر والحرير) وإصدار قانون التأمين الزراعي.
ولعل المشروع الأكثر أهمية والمتوقع أن يبدأ بالتنفيذ خلال ستة أشهر فقط هو مشروع أسواق الشباب الذي يتوجه إلى انتقاء عدد من العاطلين عن العمل للمساهمة في مشاريع صغيرة محولة من قبل الحكومة لإقامة مواقع بيع مواد الخضار والفواكه والاستهلاكية في مراكز مختلفة من المدن والمناطق بحيث يكونون وكلاء معتمدين للخزن والتسويق والاستهلاكية والبيع بهامش أرباح هذه المؤسسات وعلمنا في هذا المجال أن السادة المحافظين بدأوا تحديد المواقع الممكنة لمثل هذه المشاريع البسيطة والصغيرة بهدف تحويل الشباب إلى رجال أعمال وليس موظفين وإتاحة زمن عمل لهم.
اختلفت الأسعار حسب اختلاف مراكز البيع رسمي ,شعبي,مفرق إذ بقي سعر صحن البيض في السوق الرسمية بين 100-130 ليرة وبزيادة 10 ليرات في السوق الشعبية وحافظ على معدل 150-160 عند باعة المفرق.
ومما لاشك فيه أن وصول الخضار المتعاقد عليها استيرادا من دول مجاورة سيؤثر ايجابيا في حركة السوق لصالح المستهلك حيث تجدر الإشارة إلى تأكيد المصادر الحكومية على التدخل الإيجابي والبيع مباشرة للمستهلك,دون المرور بالحلقات الوسيطة.
بشار الحجلي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد