الحب في زمن الخيانة
الجمل ـ رندة القاسم: غص حلقي بكلماته: "عريسك يا سوريه...شهيدك يا وطن...ما تزوج لسه..عمره 28 سنه..آخ يا بلد".. رجل يجلس في حديقة الساحة ليملأ صوته المذبوح كل الساحة..يبكي أخا أو ابنا أو صديقا ..وقفت احتراما لحزنه و احتراما لدموعه مشيت...
عجوزان يداهما متشابكتان.... يتقدم أحدهما خطوة و يعود الآخر خطوة في محاولة لعبور الطريق... "لك صار عمرك هالعمر و لسه بتخاف من السيارات؟؟ أنا معك لا تخاف"... لازالت كلمات الرجل الباكي تخنقني ، غير أن تشابك يدي العجوزين دغدغ قلبي ... بقيت معهما في مكاني و السيارات تعبرني و تعبرهما....
عند موقف الساحة اختار بائع الفول الرصيف المطل على ما تبقى من بردى مكانا ل "مقهاه" الصغير.. على الكراسي جلست صبية تستمع باهتمام لشاب يتحدث بحماسة مفرطة..الغصة لا زالت و لكني لم أملك إلا الابتسامه...
وصل "السرفيس" و على بابه الصغير اجتمع كثيرون.."لك طول بالك رح تروح الزلمه تحت الدولاب..."... و لكن ما من أذن تسمع هذا الصراخ لأن صاحبها أصبح في الداخل مزهوا بحصوله على مكان للوقوف منحنيا في السرفيس....بغضب قررت الذهاب سيرا على الأقدام ...
"يا بلادنا أنت لنا عز و غنى" .. بدت لي الأغنيه و كأني أسمعها أول مره ..يصدح بها راديو ترانزستور صغير كان بجانب حارس شاب لأحد المباني الحكومية .."يعطيك العافية"..قلتها و أنا أعبره مسرعة و لكن تباطأت مشيتي مع حماسه بالرد :"الله يعافيك يا رب ..يا هلا"...
تابعت السير بين غصة و دفء و ابتسامة و غضب و في رأسي علقت "يا بلادنا أنت لنا عز و غنى..يا بلادنا"...
إضافة تعليق جديد