التمييز بين الأبناء يولد الكراهية
هل هناك تمييز في المعاملة بين الأبناء ولو ضمنياً دون أن يشعر الوالدان؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا التمييز؟ وعلى أي أساس يقوم؟
استطلعنا آراء الطلبة وكانت الاجابات التالية:
(أوس صقر) طالب في كلية الاقتصاد يقول عن تمييز المعاملة بين الذكور والاناث ,إن هذا يخلق الغرور عند بعض الأبناء ويثير حفيظة وغيرة البعض الآخروقد تظهر أعراضه في صور أخرى في المستقبل.
ويتابع زميله (محمد عبد الهادي) من أشكال التمييز أيضاً اعطاء امتيازات كثيرة للطفل عندما يكون مريضاً أو معوقاً ما يثير الغيرة في الأخ السليم وتمنيه المرض أحياناً وكراهيته للطفل المريض.
بينما تقول (سيمازا مولا) كلية الآثار إنه يجب مراعاة الفروق الفردية الدائمة بين الإخوة مهما تكن وعدم استثارة المقارنات الفردية المؤدية إلى الغيرة ولا يمنع ذلك بالطبع اظهار النواحي الطيبة ونقاط القوة في كل منهم ومحاولة تنميتها والعناية بها.
(ياسر عبد ربه) طالب بالمرحلة الإعدادية أصبحت أكره أيام الدراسة والمذاكرة لأن والدي دائماً يعايرني بذكاء أخي الأكبر وتفوقه دراسياً ويقول لي أخاك أذكى منك.. لماذا لا تكون مثله.. وقد دفعني هذا الكلام إلى الشعور بالفشل.. وأصبح هذا الإحساس يلاحقني في كل تصرفاتي.
وتتحدث (ندى الصيرفي ) 14 سنة قائلة:إن أختي الكبرى هي صاحبة القرار في كل شيء حتى أموري الشخصية. والغريب أن أمي تعطيها هذا الحق ولا أجد مبرراً لذلك رغم أنني أطيع أمي ولا أضاىقها أبداً وأحاول إسعادها وإرضاءها إلا أن كل ما أفعله ليس له أية قيمة أمام كلمة واحدة من أختي التي تجعل أمي تنسى كل ما أفعله وتتحول ضدي دون سبب, وأصبحت اشعر برغبة في العناد والتمرد على ما أنا فيه.
(مريم المحمد) 15 سنة تقول: ليس في بيتنا خادمة بسبب ظروفنا المعيشية المتواضعة وأعيش أنا كخادمة لأخي الكبير, فأنا أعد له طعامه وشرابه وملابسه وانتظر أوامره واترك دروسي ومذاكراتي من أجل خدمته وهو لا يفعل أي شيء في المنزل سوى إصدار الأوامر لي ولا يكتفي بهذا بل يصل به الأمر أحياناً إلى ضربي إذا تأخرت في تلبية أحد أوامره وعندما اشتكي إلى أبي أو أمي يكون الرد هو ولد وأنت بنت.
والأهم من كل ذلك تقول (تمارا مزرزح) لابد من إقامة حوار بين الآباء والأبناء حتى تصل إليهم المشاعر الحقيقية بالحب ومحاولة إعطاء مبررات للموقف والتصرفات التي من الممكن تفسيرها بطريقة خاطئة. وبدلا من المقارنات بين الأبناء يمكن اتباع أسلوب المشاركة, فالابن المتميز في مادة الرياضيات مثلاً يساعد أخاه الضعيف في هذه المادة وهكذا.. حتى تنشأ علاقة حب بين الأخوين بدلاً من الشعور بالكراهية.
ورغم أن محبة الآباء والامهات لا يشوبها شائبة بين ابن وآخر التقينا المرشدة النفسية نسرين تميم لنسألها:
-- يظهر التمييز بين الأبناء بأشكال ونواحي متعددة كيف هي?
- أراها من ناحيتين مادية إذ نجد أن الوالدين أو كليهما يميز بين الأبناء في الملبس والمأكل, أو في المصروف الشخصي, أو بتوفير الألعاب والممتلكات له دون غيره, أو طاعة أوامره وتلبية رغباته هذا من جهة أما من الناحية المعنوية أو العاطفية فنجد الاختلاف في الاهتمام بالأبناء ومداعبتهم والعطف والحنان عليهم. فإعلان المحبة للأبناء دون تمييز هي ترجمة لحب وحنان الوالدين ومحاولة منهم للوصول إلى أعلى درجات المساواة, فإن لم ينجحوا في ترجمتها وتجسيدها على أرض الواقع عبر التصرفات الفعلية فإن ذلك سيفضح ما قد يخفيه الأب والأم على حد سواء.
-- يلجأ بعض الآباء إلى التمييز في ضبط أبنائهم وتأديبهم ما رأيك حول هذا?
- نعم قد يتعرض أحد الأبناء للعقاب البدني جراء خطأ بسيط ارتكبه, بينما يتم التسامح مع الطفل المحبوب بالرغم من الذنب الذي قام به, وتبدأ حملة الدفاع عنه وتبرير تصرفه والتظاهر بعقابه أحياناً كما يعتقد أيضاً أن الأبناء أنفسهم مسؤولون وذلك راجع إلى اختلاف الطباع وحسن التصرف واللباقة في التعامل مع الوالدين لتحقيق المطالب, بحيث يبتعد الوالدان عن المساواة دون قصد أحياناً.
-- ما الأثر الذي يترك من وراء التمييز ؟
-يظهر التمييز علاقة سلبية تنافرية بين الأبناء وقد يصل الأمر إلى تمني أن يصاب أخوه بأي مكروه حتى يحتل مكانه ويحظى باهتمام والديه.
- على النقيض من ذلك ينشأ الولد الذي يشعر بالمساواة مع إخوته, نشأة صحية نقية بعيدة عن الحقد والحسد والغيرة.
- قد يؤدي الاحساس بالتمييز إلى الإصابة بأمراض نفسية عديدة ويشعره بالفشل والإحباط ووقوعه تحت وطأة التوتر والصراع النفسيين.
- وفي كثير من الحالات الأطفال الذين تم التمييز ضدهم منذ الصغر, تبين بأن مشاعر الضيق والحقد قد ترافقهم عند بلوغهم وقد تنعكس على معاملتهم مع أطفالهم في المستقبل.
-قد يعاني الطفل المفضل من نظرة إخوانه العدائية إلى مستوى إلحاق الضرر بالتجريح والمقاطعة والضرب في بعض الحالات.
-- وكيف نتجاوز هذه المشكلة؟
- لا بد للوالدين من البحث الواعي بقراءة نفسية الأبناء, لفهم دواخلهم, ومعرفة احتياجاتهم وردود أفعالهم, وهو يتطلب دراية خاصة لترجمة المحبة والشعور الداخلي إلى سلوكات وتصرفات, وفي حالة عدم القدرة على ذلك فلا بأس من التصنع لإبداء المحبة لجميع الأبناء.
- إعطاء الأبناء حقهم في التعبير عن مشاعرهم وحاجاتهم, والاستماع لهم جميعاً.
- عدم إيلاء اهتمام كبير للطفل الصغير بشكل لافت للنظر, وخاصة أمام أخيه الذي يكبره مباشرة, لكي لا يفسر ذلك بأنه نوع من التمييز بينه وبين إخوته.
- بث روح التعاون والمحبة بين الأطفال , وتكليفهم بمهام جماعية من شأنها خلق هذا التعاون.
- عدم ذكر السلبيات في الطفل وتجريحه أمام إخوته عند القيام بالخطأ, بل مناقشة ذلك معه على انفراد.
- تطبيق التعليمات على الجميع, دون التذبذب باتباع طرق مختلفة في العقاب والثواب, وتشجيع التصرفات الحكيمة التي تظهر عليهم.
محمد عكروش
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد