25-11-2017
التفكير الديني والإيمان، بديهي متجذر أم اجتماعي مكتسب؟
المعتقدات الدينية ليست مرتبطة بالحدس أو التفكير العقلاني، وفقًا لبحث جديد من جامعتي أكسفورد وكوفنتري البريطانيتان.
وقد اقترحت دراسات سابقة أنَّ الناس الذين لديهم معتقدات دينيّة قوية هم أكثر فطريّةً وأقل تحليلًا، وعندما يكونون أكثر تحليلًا تتقلص معتقداتهم الدينية.
لكن الأبحاث الجديدة التي أجراها أكاديميون في مركز العلوم السلوكية وعلم الأعصاب والفلسفة في جامعة كوفنتري وجامعة أوكسفورد، تشير إلى أنَّ الأمر ليس كذلك، وأن الناس لا يولدون مؤمنين.
ووجدت الدراسة -التي شملت اختبارات على الحجاج المشاركين في حج كامينو دي سانتياغو الشهير (الطريق من سانت جيمس)* وتجربة تحفيز الدماغ- عدم وجود صلة بين التفكير البديهي/التحليلي، أو التثبيط الإدراكي (القدرة على قمع الأفكار والأفعال غير المرغوب فيها)، والمعتقدات الخارقة للطبيعة.
وبدلًا من ذلك، توصل الأكاديميون إلى أنَّ عوامل أخرى، مثل التربية والعوامل الاجتماعية والثقافية، من المرجح أن تلعب دورًا أكبر في المعتقدات الدينية.
الدراسة التي نشرت في (Scientific Reports) كانت تتحدى توجه متزايد بين علماء النفس على مدى السنوات العشرين الماضية التي حاولت أن تُظهِر أنَّ الاعتقاد في قوي فوق الطبيعة هو أمر يأتي إلينا بشكل طبيعي أو بديهي.
بدأ الفريق بإجراء تحقيق حول واحد من أكبر طرق الحج في العالم، كامينو دي سانتياغو دي كومبوستيلا، في شمال إسبانيا.
وسألوا الحجاج عن قوة معتقداتهم وطول الوقت الذي يقضونه في الحج، وقيّموا مستويات تفكيرهم البديهية بعملية احتمالات، حيث كان على المشاركين أن يقرروا بين الخيار المنطقي والشعور الغريزي، واقترحت النتائج عدم وجود صلة بين قوة الاعتقاد بالخوارق والحدس أو البديهة.
في دراسة ثانية، استخدموا الألغاز الرياضية لزيادة الحدس، وجدوا أيضًا أنه لا صلة بين مستويات التفكير البديهية والاعتقاد بقوى فوق الطبيعة.
في الجزء الأخير من أبحاثهم استخدموا تحفيز المخ لزيادة مستويات التثبيط الإدراكي، والتي يعتقد أنها تنظم التفكير التحليلي، وهو يتضمن تشغيل تيار كهربائي غير مؤلم بين قطبين وضعا على فروة رأس المشارك، لتفعيل التلفيف الأمامي الأيمن، وهو جزء من الدماغ الذي يتحكم في مراكز التثبيط.
وقد أظهرت دراسة سابقة لتصوير الدماغ أن الملحدين يستخدمون هذه المنطقة من الدماغ أكثر عندما يريدون قمع الأفكار الخارقة للطبيعة.
وأظهرت النتائج أنه في حين أنَّ هذا التحفيز الدماغي يزيد مستويات التثبيط الإدراكي، فإنه لم يغير مستويات الاعتقاد بقوى خارقة للطبيعة، مما يشير إلى أنه لا يوجد صلة مباشرة بين التثبيط الإدراكي والاعتقاد بقوى فوق الطبيعة.
يقول الأكاديميون أنه من السابق لأوانه أن يُفسر الإيمان بالآلهة بأنه بديهي أو طبيعي، وبدلًا من ذلك، يقولون أنَّ أبحاثهم تدعم نظريّة أنَّ الدين هو عملية قائمة على التنشئة وتتطور بسبب العمليات الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك التربية والتعليم.
وقال المؤلف الرائد ميغيل فارياس (Miguel Farias): «ما الدافع وراء إيماننا بالآلهة؟ الحدس أم العقل؟ القلب أم الرأس؟ كان هناك نقاش طويل حول هذه المسألة، لكن دراستنا تتحدى نظريّة بأن كونك متدين يتحدد بمقدرة الفرد الاعتماد على التفكير البديهي أو التحليلي».
وأضاف قائلًا: «لا نعتقد أنَّ الناس يولدون مؤمنين، بنفس الطريقة التي بدون شك نتعلم بها اللغة في سن مبكرة، وتظهر البيانات الاجتماعية والتاريخية المتاحة أنَّ ما نؤمن به يقوم بالأساس على العوامل الاجتماعية والتعليمية، وليس على الأساليب المعرفية، مثل التفكير البديهي/التحليلي».
وقال فارياس أيضًا: «المعتقد الديني هو على الأرجح متجذّر في الثقافة وليس في الحدس البدائي البديهي أو الغريزي».
I believe science
إضافة تعليق جديد