التأثير السلبي لمحلول العدسات اللاصقة
.
ذكرت مجلة “ميديل ايست ميديكال” الطبية في عدد سابق لها ان الشركة المنتجة لمحلول “رينو ميسترو لوك” قررت سحب المنتج من جميع انحاء العالم للشك في أنه يؤدي الى مخاطر تصيب النظر قد تصل الى حد العمى.
“الصحة والطب” استطلعت آراء عدد من الأطباء الذين تحدثوا عن انواع العدسات والمشكلات الطبية التي قد تسببها للعين في حالة الاستخدام الخاطئ أو استخدام محلول غير مناسب، اضافة الى تفاصيل الحالات المرضية التي ظهرت في دبي خلال شهور الصيف الفائت وسبل علاجها، الى جانب آراء بعض الصيادلة وافراد الجمهور الذين أجمعوا على التراجع عن استهلاك محلول رينو بعد الحالات المصابة التي انتشرت تفاصيلها بسرعة البرق.
يوضح الدكتور اياد الفلاحي، اخصائي طب وجراحة العيون، أنواع العدسات اللاصقة والتي إما ان تكون عدسات صلبة مكونة من مادة PMMA وهي مادة بلاستيكية غير سامة، أو عدسات مكونة من مادة صلبة ولينة أي مختلطة من مادة CAB والسيليكون أو مادة PMMA والسيليكون، اضافة الى العدسات اللاصقة اللينة SOFT وهي مكونة من مادة HEMA وهي مادة لينة تحتوي بداخلها على كمية من الماء تزداد كلما زادت فترة الاستخدام لها حيث هناك العدسة اليومية والتي تحتوي نسبة 38% من الماء، أما العدسة الاسبوعية فهي تتراوح بين 55 70% من الماء.
واضاف: لذلك يجب وضع العدسات في محلول خاص لتحافظ على رطوبتها، حيث هناك انواع مختلفة من المحاليل المتوافرة بالاسواق المحلية ومنها “رينو” الذي لجأت وزارة الصحة الى سحبه من الاسواق لأنه كان ملوثا، وأشار الى امراض عدة يسببها المحلول الملوث وهي:
* التهاب في ملتحمة العين حيث ان الملتحمة هي الغشاء الذي يبطن السطح الداخلي للجفون ويغطي الجزء الابيض من العين، ولذلك فإن التهاب ملتحمة العين هي حالة تهيج ينتج عنها احتقان في الأوعية الدموية مسببا احمرار العين وزيادة افرازات الغدد المخاطية في العين والتي تميل دائما الى اللون الاصفر، اضافة الى زيادة افراز الدمع والشعور بعدم الارتياح في العينين بوجود العدسات اللاصقة، في حين ان العلاج يتمثل بوقف استخدام العدسات واستخدام قطرات مضاد حيوي في حالة الالتهاب الجرثومي حسبما يحدده الطبيب.
* التهاب الملتحمة التحسسي حيث يشعر المريض باحمرار في العينين مع حرقة وحكة بعد استعمال العدسات ويكون مصحوبا في بعض الاحيان بدموع، لذلك يجب وقف استخدام العدسات ومراجعة الطبيب لتحديد العلاج المناسب.
* التهاب قرنية العين وفي هذه الحالة يشكو المريض من افرازات ودموع من العين اضافة الى الشعور بالضيق لدى التعرض للضوء أو اشعة الشمس الأمر الذي يجب مراجعة الطبيب لأخد عينة من الافرازات لبيان نوع الجرثومة المسببة للالتهاب ومن ثم تحديد نوع العلاج ومتابعته لحين الشفاء التام.
ويقول الدكتور اياد جبور، اخصائي في أمراض وجراحة العيون، إن محلول “رينو” لا يعتبر مسبباً للالتهاب الا في حالة كونه ملوثا، حيث ان المحلول عبارة عن مركب يشتمل على مواد معقمة بهدف قتل الميكروبات التي يمكن ان توجد على سطح العدسات اللاصقة قبل وضعها بالعين والتي تسبب التهابات القرنية والملتحمة.
واشار الى ان لهذه المواد مدة صلاحية تفقد فعالتها بالقضاء على البكتيريا بمجرد انتهاء مدة صلاحيتها، كما ان المحلول يعقم العدسة ويزيل الترسبات والبروتينات التي يمكن ان تتجمع على السطح الداخلي للعدسة الذي يلامس قرنية العين، حيث يمكن للفرد ملاحظة وجود هذه الترسبات في حال كان المحلول منتهي الصلاحية أو غير مناسب.
واضاف: يشعر الفرد وبعد وضع العدسة داخل العين بوجود حبيبات صغيرة تحت العدسة الأمر الذي يدل على وجود الترسبات، وبذلك يجب تغيير المحلول وتنظيف العدسة بطريقة خاصة لدى اخصائي لازالة تلك الترسبات وتعقيم العدسة بشكل جيد، حيث إنه وفي حال عدم اجراء التعقيم للعدسة أو استخدام محلول غير مناسب يسبب اعراضا التهابية مثل حرقان واحمرار وخروج بعض الافرازات من العين، كذلك وفي حال عدم العلاج بشكل سريع وتنحية السبب يمكن ان تتطور الحالة الى حدوث التهابات في القرنية تصل الى ظهور تقرحات خطرة فيها قد تؤدي الى فقدان جزء كبير من القدرة البصرية.
وأكد الدكتور جبور أهمية استخدام المحلول الذي ينصح به الطبيب كونه ادرى به وبفعاليته في قتل البكتيريا التي يمكن ان تتجمع على العدسة من دون مشاهدتها بالعين المجردة، اضافة الى أهمية حفظ العدسة في المحلول حسب المدة الكافية وتغييره كل يومين مرة على الأقل.
وذكر ان المحلول الذي يسبب فطريات في القرنية لبعض الحالات مؤخرا كان بسبب تلوثه حيث قامت وزارة الصحة “باستبدال” الكمية الملوثة من السوق بالنوعية نفسها الا أنها كانت حسب المواصفات الصحية العالمية المعمول بها في الدولة.
ومن جانبه يقول الدكتور هاني فؤاد سكلا، استشاري طب جراحة العيون في مستشفى دبي، إنه وفي الولايات المتحدة نحو 30 مليون فرد يستخدمون العدسات اللاصقة الرخوة ومن مضاعفاتها التهابات القرنية الميكروبي الذي تعد نسبة حدوثه بين 4 21 حالة من كل عشرة آلاف مستخدم لمثل هذا النوع، كما يعد الالتهاب الفطري من اخطر انواع الالتهابات الميكروبي الذي تتسبب فيه بعض الفطريات الموجودة في الطبيعة مثل التربة أو النباتات أو مواد البناء حيث ان لهذه الفطريات القدرة على غزو جميع طبقات القرنية وهي الجزء الذي توضع عليه العدسة اللاصقة، ايضا قد تفقد العين القدرة على البصر في حال دخول الفطريات داخل العين متسببة بالتهابات شديدة، ففي شهر فبراير/شباط من العام الحالي ظهرت مجموعة من الحالات المصابة بالتهاب القرنية الفطري في بلدان عدة آسيوية مثل سنغافورة وهونج كونج أكثر من المعدل الطبيعي حيث لجأت السلطات الطبية الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لدراسة هذه الظاهرة، وقد تبين ان معظم هذه الحالات قد استخدمت نوعاً من محاليل العدسات هو “رينو ميسترو لوك” حيث قامت الشركة المصنعة متطوعة بسحب هذا النوع من اسواق آسيا اضافة الى دراسة الظاهرة بعد عزل فطر يسمى “فيوزييرم” من قرنية العين لدي بعض المرضى وربط حدوث الالتهاب بهذا المحلول، مضيفا أنه وفي شهر ابريل/نيسان الماضي سجلت منظمات الصحة الامريكية مثل منظمة الأدوية والاغذية ومنظمة السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها، حدوث 109 حالات من التهابات القرنية الفطري في 17 ولاية خاصة في الولايات الجنوبية ذات المناخ الحار الرطب، حيث تبين ان 28 حالة من أصل 30 خضعوا لدراسة كاملة انهم يستخدمون محاليل أخرى اضافة الى محلول رينو الذي تصنعه شركة “بوشن آند لومب” كما ان تسعة مرضى منهم ينامون في عدساتهم اللاصقة، والأمر الخطير ان ثمانية منهم احتاجوا الى اجراء عمليات زرع قرنية لعلاج حالتهم المرضية، في حين لجأت الشركة المصنعة الى سحب جميع محاليل رينو من اسواق العالم منتصف مايو/ أيار، الى جانب تحذير المستخدمين من مخاطر المحلول.
واشار الى انه وفي هذه الاثناء ظهر في دبي بعض الحالات المشابهة حيث كانت أول حالة مصابة تظهر في شهر ابريل/ نيسان الى ان وصل عدد “الحالات” التي تم علاجها في مستشفى دبي خلال اشهر الصيف الى عشر، ثلاث حالات منها كانت متقدمة احتاج اصحابها الى عمليات زرع قرنية وحالتان تم السيطرة فيهما على المرض بعد ان ترك سحابة على القرنية وقلل من نسبة الابصار لدى المرضى، أما الحالات الخمس الأخرى فقد تم شفاؤها بالكامل حيث جرى علاجها حسب الاتفاق الذي جري دوليا لمثل هذه الحالات وهو قطرة “النتايسين” كل ساعة مرة أو قطرة الامفوتربسين الى جانب العلاج الوريدي بدواء الفوريكونازول المضاد للفطريات والذي يستطيع ان يصل بتركيز عال الى داخل العين، لكن قد يحتاج المصاب الى شهور عدة للسيطرة على المرض.
وأكد الدكتور سكلا أهمية مراجعة الطبيب في حالة الشعور بالاحمرار أو الدموع في العين أو تورم الجفون أو تغير قوة الابصار لاستبعاد حدوث الالتهاب الميكروبي في القرنية خاصة الفطري منه، كما يجب على الطبيب أخذ مسحة وعينة من قرنية العين بهدف تحليلها حيث ان نحو 35% من الذين يستخدمون العدسات الرخوة أو الذين ينامون ليلا وهم يستخدمونها يصابون بالتهابات القرنية الميكروبي، كما ان المعرضين لمثل هذه الاصابات يعانون من ضعف في المناعة بشكل عام مثل المرضى الذين يحتاجون الى أدوية مثل الكورتيزون أو المثبطة لمناعة الجسم في حالات زراعة الاعضاء أو مرضى السكري، ايضا ينصح بتجنب استخدام العدسات لدى حدوث مثل هذه المضاعفات الخطيرة والتي قد تسبب فقدان البصر بالكامل.
وأوضح عدم الخلط بين أنواع المحاليل خاصة وان هنال أكثر من محلول يحمل اسم رينو مثل رينو بلس أو رينو ملتي بيربوز، الا ان الذي تم ربطه بالحالات المصابة هو محلول ميسترو لوك “رينو” الذي يحتوي على مادة لترطيب العين، مشيرا الى ان الشركة المصنعة سحبت النوع الذي يسبب الفطريات من مختلف اسواق العالم، لكنه بقي في بعض الصيدليات في الامارات واستخدمه البعض الأمر الذي أدى الى اصابتهم بفطريات.
ويقول كمال الخطيب، والد الشاب خالد الذي ما زال يعاني من مشكلات محلول العدسات ان ابنه يستخدم العدسات اللاصقة منذ اربع سنوات، كما انه يستخدم المحلول نفسه إلا انه وخلال استخدامه منتصف ابريل/نيسان الماضي اصيب باحمرار وآلام شديدة ودموع في العين “اليمنى” وعند الكشف عنه لدى الاطباء اخبروه انه مصاب بفطريات في العين نتيجة استخدام المحلول.
ويتابع كمال: كانت رحلة العلاج شاقة جدا حيث مكث مدة شهرين في مستشفى دبي للتخلص من آثار الرينو السلبية مثل احمرار العين وضعف الرؤية والشعور بالانزعاج لدى رؤية الضوء أو اشعة الشمس، ومن ثم توجهنا الى الخارج لاجراء زرع قرنية جديدة للعين اليمنى حيث مكثنا في الخارج 40 يوما، اضافة الى تكاليف العلاج، أما الآن فإن خالد منقطع عن عمله ومازال يعاني من عدم وضوح في الرؤية كما ان الاطباء سيقررون مدى نجاح زراعة القرنية بعد عام.
أما رامي هاني فيروي قصة أحد اصدقائه الذي اعتاد استخدام العدسات اللاصقة لقصر نظره، حيث اصيب بالتهابات شديدة في عينه اليسرى بعد ان استخدم محلولاً طبياً اشتراه من احدى الصيدليات الأمر الذي أدى الى زيادة الالتهابات ومن ثم تبين انه مصاب بمشكلات في البصر نتيجة هذا المحلول كما اخبره احد الاطباء.
ويعتقد رامي ان عدم سحب هذا المحلول من الصيدليات يعد خطأ فادحاً لأنه عاد بمشكلات على الذين اعتادوا على استخدامه.
في حين أوضح محمد خواجة ان المشكلات التي عانى منها بسبب العدسات اللاصقة والمحلول الذي استخدمه لا يمكن تجاوزها بسهولة، اضافة الى العلاج الخاطئ الذي نصحه به احد المختصين زاد الطين بلة، الأمر الذي دفعه للتوجه فيما بعد الى المستشفى طلبا للعلاج المناسب، وقد فوجئ عندما علم انه ليس الوحيد من بين الذين عانوا من هذه المشكلات والتي كان اهمها احمرار وحكة في العين وغير ذلك، مشيرا الى أهمية توعية مستخدمي العدسات حول كيفية الاستعمال الصحيح، عدا عن النوعية المناسبة لكل فرد.
ويعتقد محمد ان عدم سحب المحلول من الاسواق المحلية فور اصابة العديد من بلدان أخرى يعتبر خطأ كبيراً يقع على عاتق الشركة المصنعة والموزعين والجهات المسؤولة.
وفي السياق ذاته ذكرت رضوى فاروق، صيدلانية، ان محول “رينو” نوعان حيث قامت وزارة الصحة بسحب النوع الذي سبب الالتهابات والفطريات، أما النوع الثاني فهو لم يسبب أية مشكلات في العين وظل يباع في الاسواق والصيدليات، إلا ان الغريب في الأمر هو الخوف الذي سيطر على زبائن “رينو”
يمامة بدوان
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد