البيئة تمهل الصناعيين 4 أشهر لإجراء المراجعة البيئية
منذ ان خرج عدد من آبار مياه الشرب في ريف دمشق من الخدمة بسبب تلوثها بالنترات اصبح الشغل الشاغل لمديرية بيئة ريف دمشق اغلاق المنافذ على اي تلوث جديد لان الوضع المائي اصبح اكثر من محرج ورغم ان اغلاق 11 منشأة صناعية من كبار المنشآت الصناعية في ريف دمشق بعد ان ثبت تلوثها اثار خلال الاشهر الماضية ضجة واستياء لدى الصناعيين لكن مدير بيئة ريف دمشق (ثائر ضيف) يؤكد انه ماضٍ في هذه الخطوات ولن يتردد في اقفال المزيد من المنشآت، فقد اصبحت المياه في ريف دمشق (خطاً احمر لن نسمح بتجاوزه).
القصة التي بدت غريبة ولم يستسغها الصناعيون ان تبدأ مديريات البيئة بالتدخل في عمل منشآتهم، بل وان يصل الامر الى حد اغلاق هذه المنشآت من اجل تطبيق قانون بيئي .صحيح ان القانون كان موجوداً منذ سنوات لكنه كان حبراً على ورق، وهكذا اعتادوا عليه، واصبح تطبيقه اليوم يثير الاستغراب والاستياء، فالكثير من منشآتنا الصناعية تدفع الملايين على تجهيزاتها وعلى متطلبات التسويق والاعلان ولكنها تتوقف وتعد للعشرة عندما يحتاج معملها الى محطة معالجة تزيد من تكاليف التأسيس لذلك كثيراً ما كانت تهمل هذه الخطوة، وادى ذلك مع الزمن الى تراكم مشكلات بيئية لم تتوقف عند تلويث الهواء والتربة بل وصلت الى المياه الجوفية- الثروة التي لايمكن ان تعوض، والتي توصف بأنها غير متجددة.
وبدلاً من ان تكون القاعدة مراعاة المعايير البيئية اصبح تركيب محطة المعالجة استثناء ونوعاً من الرفاهية لذلك فإن معظم المنشآت الصناعية - ان لم يكن غالبيتها- بحاجة اليوم الى مراجعة بيئية قبل ان تستمر بالمساهمة في المزيد من تدهور الهواء والمياه والتربة، ولكن لماذا بدأت مديرية بيئة ريف دمشق وبشكل منفرد باتخاذ اجراءات صارمة وجدية الان؟ يقول ثائر ضيف: وصل تلوث مياه الشرب حداً لايمكن السكوت عنه وقد خرجت عدد من الابار من الخدمة بسبب التلوث الناجم عن الصرف الصحي والصرف الصناعي ومسألة المياه الصالحة للشرب اولوية في منطقة تعاني اصلاً من تناقص في مواردها المائية، ولايمكننا ان نقف متفرجين لذلك قررنا تنفيذ قوانين لم تكن مفعلة سابقاً وقمنا بالتزامن مع يوم البيئة بتكريم عدد من الصناعيين الذين التزموا بالمعايير البيئة وبالوقت ذاته اغلاق المنشآت التي ثبت اثر جولات فرق المديرية انها ملوثة بيئياً ،وكانت تلك هي الخطوة التي اثارت الزوبعة.
بعد اخذ ورد وعدد من الاجتماعات تشكلت لجنة مشتركة تضم ممثلين عن غرفة الصناعة والهيئة العامة لشؤون البيئة لدراسة وضع المنشآت الصناعية بيئياً واقتراح اسماء المنشآت الملوثة التي يتعين عليها تنفيذ محطة معالجة، ووضع برنامج زمني لتنفيذ المحطة ودراسة مشروع المواصفات المعدلة المقدمة من هيئة المواصفات والمقاييس ومواصفات المياه المنصرفة، الاجتماعات اخذت شهوراً من النقاش توصلت في نهايتها اللجنة الى عدد من الاقتراحات كان اهمها تلك المتعلقة بأن تلتزم جميع المنشآت القائمة والمستمرة بأن تقوم بالتحاليل اللازمة في المخابر المعتمدة ومن وزارة الادارة المحلية والبيئة لمعرفة فيما اذا كانت المخلفات الناتجة عن هذه المنشآت (الغازية والسائلة والصلبة- الضجيج) مطابقة للمواصفات السورية المعتمدة وتجري المنشآت المخالفة مراجعة بيئية عن طرق المكاتب الاستشارية المعتمدة لدى وزارة الادارة المحلية والبيئة خلال مهلة اربعة اشهر يحدد خلالها البرنامج الزمني للالتزام بالمعايير البيئية ضمن مدة سنة للمياه كحد اقصى وسنتين لبقية المعايير اما المنشآت التي تقام حديثاً او التي تقدمت بدراسات تقييم اثر بيئي فيطبق عليها الاشتراطات البيئية بشكل كامل غير منقوص اعتباراً من تاريخ البدء بالاستثمار.
ويتوقع ثائر ضيف مدير البيئة في ريف دمشق ان يؤدي الالتزام بهذه المقترحات الى تخفيض نسب التلوث ومحاصرته بحيث يتم السيطرة على المشكلة قبل ان تستفحل (حاولنا ان نركز على المشكلتين التي سببتا تلوث المياه فقد وقعنا عقداً مع اتحاد الشركات الماليزية لتنفيذ 23 محطة معالجة لمياه الصرف الصحي في ريف دمشق، ستنتهي خلال 3 سنوات ونتابع مشكلة الصرف الصناعي وهناك 15 بئراً سيوضع لها برنامج زمني وتجهز بالمعدات اللازمة لاعادة تأهيلها بحيث تصبح صالحة لمياه الشرب من جديد).
خطوات جدية بدأت للحفاظ على ما تبقى لدينا من مياه صالحة للشرب فهل ينتبه المستهلكون لهذه الثروة، التي قاربت ان تصبح نادرة ويضبطون الكثير من مظاهر الهدر غير المبرر في حياتنا اليومية، ام اننا لن نصحو الا عندما نكتوي بنار العطش؟.
سهام طلب
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد