البوعزيزي يحترق في شوارع تونس مرة أخرى وحكومة العريض تنتظر «ثقة مضمونة» اليوم

13-03-2013

البوعزيزي يحترق في شوارع تونس مرة أخرى وحكومة العريض تنتظر «ثقة مضمونة» اليوم

لم يكن من باب المصادفة تزامن إقدام أحد الشبان التونسيين العاطلين عن العمل على إحراق نفسه يأساً، في اليوم نفسه لمثول الحكومة أمام المجلس التأسيسي لأجل نيل الثقة. ولم يكن مفاجئاً تركيز برنامج العمل الذي طرحه رئيس الوزراء علي العريض على «محاربة غلاء المعيشة» و«النهوض بالاقتصاد والتشغيل»، بالإضافة إلى التحضير للانتخابات، فالأزمة السياسية في تونس لا يفوقها اليوم خطورة سوى الواقع الاقتصادي الخانق. الخذري بعد إضرام النار في نفسه في شارع الحبيب بو رقيبة، في تونس، أمس (أ ف ب)
لم تنل الحكومة الثقة بالأمس، فقد تمّ تأجيل مداولات منحها إياها إلى اليوم، لكن المراقبين يرون أن العريض الذي يتولى مركزا قيادياً في حركة «النهضة» الحاكمة «يضع الثقة في جيبه». فائتلاف «الترويكا» الحاكم، «النهضة» و«التكتل» و«المؤتمر»، يحظى بكتلة مريحة في التأسيسي تسمح له بضمان مرور الحكومة.
وفي انتظار الحصول على الثقة، شغلت آليات احتواء الأزمة الاقتصادية حيّزاً مهماً في برنامج عمل الحكومة المطروح أمام «التأسيسي»، وإن كانت الضمانات بتطبيق هذه الآليات أو بقدرة الحكومة على الالتزام تثير قلق الشارع التونسي، الذي بات يائساً من قدرة النظام الحاكم على التغيير.
برنامج الحكومة يقوم، بحسب العريض، على تحقيق «أربع أولويات» هي «توضيح الرؤية السياسية وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات العامة في أفضل الظروف وأسرع الأوقات، وبسط الأمن ومقاومة الجريمة والانحراف والعنف مهما كان نوعه ولونه، ومواصلة النهوض بالاقتصاد والتشغيل ومواصلة مقاومة ارتفاع الأسعار ومواصلة الإصلاح». ويستهدف البرنامج «إحداث 90 ألف فرصة عمل جديدة بينها 23 ألفا في القطاع العام، خلال ما تبقى من العام 2013».
عمر الحكومة سيكون قصيراً، أمامها تسعة أشهر «يلتزم خلالها الأعضاء بخدمة أهداف الثورة»، بحسب العريض الذي استغل المناسبة للتذكير بأن وزارات السيادة في حكومته، الدفاع والداخلية والعدل والخارجية، أسندت إلى شخصيات محايدة ومستقلة.
كما ذكر بأن بلاده تواجه «مخاطر أمنية سواء من داخلها أو من خارجها»، لافتاً إلى أن «بسط الأمن والاستقرار شرط أساسي لحماية الحقوق والحريات ودعم مناخات الاستثمار». ثم قال «سنجتهد لفرض القانون وفرض هيبة الدولة ضد كل الانتهاكات مهما كان لونها» وفي «ملاحقة مرتكبي كل أشكال العنف المادي واللفظي».
في المقابل، وفي مشهد أعاد استحضار واقعة محمد البوعزيزي قبل عامين، أضرم الشاب التونسي العاطل عن العمل عادل الخذري النار في نفسه أمام مقرّ المسرح البلدي في شارع الحبيب بو رقيبة، في حادثة هي الأولى من نوعها في الشارع الذي يُعتبر رمز الثورة التونسية.
وروى شهود عيان أن الشاب صرخ بصوت عالٍ قبل أن يضرم النار قائلاً «هذا هو الشاب الذي يبيع السجائر، هذا ما تفعله البطالة... الله أكبر».
وبحسب الناطق الرسمي باسم جهاز الحماية المدنية منجي القاضي، فإن «الشاب أصيب بحروق من الدرجة الثالثة على مستوى الظهر وخلف الرأس.. ولا خطر في الوقت الحالي على حياته، لكنه سيبقى تحت المراقبة الطبية في المستشفى».
وأوضح القاضي أن الشاب كان يعاني من الإحباط بسبب وفاة والده منذ أربع سنوات والحالة المادية «المتعبة» لعائلته، المكوّنة من أمه وأشقائه الثلاثة.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن شهود أفادوا أنه «تمت مضايقته في المدة الأخيرة من قبل أعوان الشرطة الذين يقومون بحملة ضد الباعة المتجولين وباعة السجائر». ويطالب نحو 500 بائع متجول السلطات بتخصيص سوق منظم لهم وسط العاصمة تونس.
الحكومة التونسية تنتظر الثقة اليوم.. لكنها ثقة تبقى منقوصة لو نالتها. ففيما يصادق البرلمان على جدارتها بتولي المرحلة، ما زالت المخاوف تحوم حول قدرتها، كما حول استقلاليتها، لا سيما في ما يتعلّق بوزرائها السياديين الذين تسربت معلومات شككت بحقيقة استقلالية بعضهم.. ويبقى الشارع التونسي مشرعاً على نيران متعددة المصادر والأشكال تهدّد ما حققته الثورة من مكتسبات.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...