البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية: التهديد الصحي المقبل
يبدو أن موسوعة الأدوية العالمية لا تعمل جيداً، كما أن سوقها في حالة شلل، عندما يتعلق الأمر بعقاقير المضادات الحيوية.
فعندما تبدأ الجراثيم، التي كان الدواء يقتلها عادة في غضون أيام، بالهجوم مجدداً، والفوز على الأرجح، علينا الاعتراف أن النظام الطبي بأكمله، والناس الذين يبقيهم على قيد الحياة، في ورطة حقيقية.
ويعتبر مرض السل مثالاً واضحاً على الخطر الصحي الذي يداهم العالم. لقد ظهرت أشكال مقاومة شرسة من المرض في الهند منذ بضعة أعوام، واليوم يتم رصدها في مختلف أنحاء العالم. أما مَن يصاب بالنوع الخطير من المرض في مستشفيات أفريقيا، فيتم إرسالهم إلى المنازل ليواجهوا قدرهم!
ربما يكون هذا المثال نبذة صغيرة عما وصفته كبيرة الموظفين الطبيين في بريطانيا سالي دايفيز بــ«السيناريو الكارثي» لحقبة ما بعد المضادات الحيوية، والتي حذرت منظمة الصحة العالمية من أنه «سيكون علينا مواجهته خلال القرن الحالي، ما لم يحصل شيء كبير لمواجهته».
ولكن لمواجهة هذا السيناريو، تتجه الحكومات والمنظمات الصحية إلى تحييده. هكذا، يتم وضع المشكلة في إطار علمي بحت، بالرغم من أنها في الحقيقة مسألة اقتصاد وأمن قومي.
قد تبدو الأزمة عصية على المعالجة، لكن الإدارة الناجحة لأمراض فتاكة، مثل «الإيدز» مثلاً، أو تطعيم ملايين الأطفال في العالم النامي، أو توزيع الجوائز على الاكتشافات الدوائية لأمراض جينية نادرة، تؤكد أنه يمكن حل «مشكلة عدم فعالية المضادات الحيوية».
وتحول الجدال حول الموضوع إلى مرحلة جديدة الأسبوع الماضي عندما أطلق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حملة مراجعة عالمية شاملة للأزمة، مؤمناً الدعم من الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في خطوة تعتبر مكملة لاعتراف منظمة الصحة العالمية من جنيف، في أيار الماضي، بـ«الحاجة الملحة للعالم للتحرك لمكافحة مقاومة الجراثيم والميكروبات وقوتها».
وبنظر الخبراء، ما يحتاجه العالم حقيقة في هذا الشأن هو «نوع جديد من التجارة التي تكافئ شركات الأدوية على اختراع واكتشاف أدوية جديدة لمقاومة البكتيريا، حتى وإن قل استخدامها».
المسألة، بنظر هؤلاء الخبراء، «هي تجارية، بمعنى أن شركات الأدوية غير مستعدة لصرف مليارات الدولارات على أدوية المضادات الحيوية، غير المربحة، مقارنة مع أدوية أخرى كأدوية أمراض السرطان، التي تعتبر منجم ذهب بالنسبة إليها».
«إنها ليست قضية علم»، تقول دايفيز، معتبرة أنها «قضية اقتصاد، سيعجز الباحثون والعلماء عن حلها».
من جهته، يضع رئيس منظمة «ويكام تراست» الطبية غير الربحية جيريمي فارار الموضوع في خانة بسيطة: «على الحكومات أن تعامل قطاع الأدوية المضادة للجراثيم كوزارة الدفاع، وأن تضخ أموالها فيه، تماماً كما تدفع الملايين لشراء المعدات العسكرية..فالمسألة هنا، هي أيضاً مسألة حياة أو موت».
(رويترز)
إضافة تعليق جديد