الإرهاب يضرب في سيناء: تفجيرات تقتل 17 عسكرياً ومدنياً
إرهاب مستمر، وقتلى بشكل شبه يومي، ووضع أمني معقد وغير واضح. تلك هي الأوضاع في شبه جزيرة سيناء، التي شهدت يوم امس تصعيداً ميدانياً خطيراً تمثل في مقتل 17 عسكرياً ومدنياً في سلسلة هجمات استهدفت مراكز للقوات المسلحة. ويأتي هذا التصعيد، في وقت يشارك الجيش المصري في الحرب التي تشنها السعودية بمشاركة عدد من الدول على الحوثيين في اليمن، ليقاتل بذلك على جبهة جديدة، تضاف إلى جبهات الصراع الممتدة من سيناء شرقاً الى الحدود مع ليبيا، علاوة على الجبهة الداخلية.
وتثير مشاركة مصر في الحرب على اليمن، وتصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف مراكز قوات الجيش في سيناء، مخاوف يبديها كثيرون إزاء احتمال استنزاف الجيش المصري، والتأثير سلباً على معركته ضد الجماعات التكفيرية، خصوصاً اذا ما اضطر إلى المشاركة بقوات برية لقتال الحوثيين.
ولعل ما يعزز تلك المخاوف، الحصار الإعلامي الأمني، المفروض على تغطية الاحداث الجارية في سيناء، بما يجعل من المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، المصدر الوحيد للأخبار الآتية من شبه الجزيرة المصرية، برغم بعض الروايات التي ينقلها الصحافيون من هذه المنطقة، التي اعلنها تنظيم «داعش» «ولاية» تابعة لـ «دولة الخلافة»، سواء عبر المحادثات الهاتفية، او ما يكتبونه عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن التصريحات الصادرة عن «المصادر الامنية»، التي تعزز الحالة الضبابية، التي بلغت ذروتها يوم امس في التضارب الكبير في أعداد قتلى تفجيرات سيناء، وطبيعة انتماءاتهم، وهويتهم.
وبحسب المصادر المتقاطعة، فقد شهدت سيناء يوم امس هجمات إرهابية استهدفت خمسة حواجز أمنية.
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد محمد سمير إن قوات الجيش الثاني الميداني نجحت في صد هجوم إرهابي عنيف من جانب المجموعات التكفيرية الناشطة في أجزاء من المدن الساحلية في شمال سيناء، مشيراً الى ان يقظة القوات وجاهزيتها أنقذتا منطقة جنوب الشيخ زويد من كارثة محققة، حيث تم إحباط المخططات الإجرامية التي وضعها الإرهابيون.
واضاف ان اشتباكات وقعت فجر أمس، بين مجموعات من العناصر الإرهابية وبعض الكمائن الأمنية في مدينتي العريش والشيخ زويد في توقيت متزامن، ما أسفر عن مصرع 15 عنصرا إرهابياً وإصابة آخرين، فضلا عن استشهاد خمسة من عناصر التأمين، وإصابة عدد آخر. وتابع انه جرى تنفيذ أعمال التمشيط والمطاردة لتصفية باقي العناصر الإرهابية.
لكن مصادر طبية في شمال سيناء أكدت، في تصريحات صحافية، مقتل 13 من قوات الامن، في الهجمات، ومن بينهم ضابط وشرطي، مشيرة الى ان عدد المصابين بلغ 17 مجنداً، في حين قتل 3 مدنيين واصيب 19 آخرون.
واكدت مصادر امنية مقتل 17 شخصاً، بينهم 15 من أفراد الجيش المصري، واثنان من المدنيين، وإصابة 20 آخرين، من بينهم طفلان.
واضافت المصادر ان النقاط الامنية في مناطق الخروبة وقبر عمير والشيخ زويد ورفح، على مسار الطريق الدولي العريش - رفح، تعرضت لهجمات متزامنة نفذها مسلحون بأسلحة ثقيلة وقذائف صاروخية.
وتحدثت المصادر الامنية عن وقوع اشتباكات بين الطرفين، استمرت لنحو ثلاث ساعات، تبادل الجانبان خلالها النيران. وأشارت المصادر إلى أن عناصر الجيش الثاني الميداني قادت عمليات واسعة في شمال سيناء مساء أمس، وذلك في إطار الرد على الهجمات الإرهابية، حيث قامت طوافات من طراز «أباتشي» بقصف مواقع عدة في الشيخ زويد وقتلت 24 من منفذي الهجمات الارهابية.
من جهته، قال مدير الامن في شمال سيناء اللواء علي العزازي إنه تم رفع درجات الاستعداد في كافة المواقع، ونشر تعزيزات أمنية حول المواقع الحيوية، وتسيير دوريات شرطية تقيم كمائن ثابتة ومتحركة، في إطار أعمال المعاونة لرجال القوات المسلحة، والتكاتف لصد الهجمات الإرهابية.
بدوره، قال محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور انه تم صرف مبلغ خمسة آلاف جنيه لأهالي الشهداء المدنيين، وثلاثة آلاف للمصابين الذين سقطوا جراء الهجمات.
وفي تعليقه على الهجمات الاخيرة، قال الخبير العسكري اللواء محمود زاهر ان «الأحداث التي وقعت تعتبر محاولة من جانب الجماعات الإرهابية للتشويش على النجاحات التي حققتها قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء خلال الفترة الماضية، وذلك بعدما خسر الارهابيون الجزء الأكبر من قياداتهم ومخازن الأسلحة والذخائر وأدوات الدعم التي كانت بحوزتهم».
واضاف أن «نجاح العمليات الإرهابية في سيناء يقوم على المصادفة، وليس على التخطيط والتنفيذ الصائبين، وذلك بالنظر الى سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل محكم على عدد من المناطق في سيناء، وبعدما اكتسبت قوات الشرطة خبرات كبيرة بعد قيامها بعدد من العمليات النوعية داخل سيناء، وأصبحت على مستوى رفيع في التعامل مع العناصر الإرهابية». وحول قدرة الجيش على مواجهة الأحداث في سيناء في ظل مشاركته في عمليات أخرى كحرب اليمن، أشار زاهر إلى ان «المشاركة في حرب اليمن كانت ضرورية للحفاظ على الأمن القومي المصري».
واضاف ان «المشاركة في الحرب اليمنية قد تؤثر سلباً على الجبهات الاخرى في حال تم التدخل بقوات برية، وهذا لن يتم على الإطلاق».
بدوره، قال رئيس «الحزب الاشتراكي المصري» أحمد بهاء الدين شعبان إن الأحداث التي وقعت كانت متوقعة، خاصة بعد نجاح المؤتمر الاقتصادي والقمة العربية»، مشيراً إلى ان الإرهاب «ما زال موجوداً في سيناء بقوة، ومواجهته ستستلزم وقتا طويلا».
وأضاف شعبان ان «الدولة لم تستخدم سوى الحل الأمني فقط لمواجهة الإرهاب في سيناء، في حين ان هذه المواجهة تتطلب أكثر من ذلك، اذ كان يجب البدء في مشروع تنمية شاملة على كافة المستويات في هذه المنطقة، بالتوازي مع الحل الأمني».
واشار شعبان الى ان «الجيش المصري تقع عليه أعباء كبيرة في الوقت الحالي، وبالتحديد بعد مشاركته في (عاصفة الحزم) التي تشنها السعودية على اليمن، وفي حال تورط في حرب برية هناك، فإن مشاركته في هذه الحرب ستشكل استنزافاً لطاقته»، معتبراً انه «كان يجب على الجيش المصري التركيز على مواجهة الإرهاب في سيناء وعدم فتح اي جبهات أخرى إلا بعد الانتهاء من التهديدات القائمة».
أحمد علام
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد