الأم المستهترة والابن العاق
لا أحد يعلم على وجه التحديد كنه العلاقة الغريبة التي تجمع محافظة دمشق بحي الـ 86، فهي تنظر اليه على أنه ابن عاق يصعب تشذيب طباعه، وهو يرمقها بنظرة عتب على أنها أم مستهترة تهمله وتستبعده من أولوياتها .
هو يستمر في المشاكسة الى حد التمادي، وهي تتأرجح بين رفع العصا والرفق به لتأمين احتياجاته الضرورية.
منذ نشأته المبكرة بدأ حياته فقيراً مهملاً، ولم يفكر أحد في تشذيبه وتنظيفه أو جعله أكثر لطفاً وأناقة، ولتبديد حالة القلق التي تنتابه حول مصيره لذلك ربما لا يحق لنا أن نعتب عليه حين يصبح عنيداً وصعب المراس.. فهنا لاتسري القوانين بسهولة كما في كل بقاع الأرض، والناس هنا يتفاخرون بالقول بأنها حالة فريدة لاتتكرر.. يقولونها باستخفاف أحياناً وبتهكم مر أحياناً اخرى.
التجربة أثبتت أن طبعه المشاكس لم تنفع معه الشدة ولم يجدِ فيه اللين، فعندما صدر قانون يمنع البناء المخالف نشطت حركة الاعمار وتهريب مواد البناء الى الحي المخالف وكأنه كان صافرة لانطلاق سباق في إشادة المزيد من الأبنية المخالفة بين يوم وليلة.
حتى التعليمات البسيطة لتوحيد اتجاه السير وتشذيب أخلاقه المرورية باءت بالفشل وبقي الناس هناك يسيرون على هواهم رغم اشارات المنع ومباغتتهم بعناصر شرطة المرور بين الحين والآخر لضبط المخالفات.
المهتمون بقضايا علم النفس التربوي يرون في ذلك طريقة للفت انتباه أمه اليه كأي طفل مهمل يحتاج الى الكثير من الرعاية والاهتمام ليستعيد الثقة بوعودها التي لاتصدق..فلا الملكيات ثُبتت ولا الخدمات تحسنت بل على العكس لاتزال محافظة دمشق تتشبث بقرارها بعدم تصديق عقود الايجار في الـ 86 وتحمل المسؤولية لكل من يتجرأ و يصدق رغم تأكيدات وزارة الادارة المحلية الجهة المصدرة للقرار بأن هدفها من وراء ذلك تنظيم العلاقة فقط وتوثيقها بأوراق رسمية.
آخر الوعود أن محافظة دمشق وضعت في رأسها أن تزفت الشارع الرئيسي في حي الـ 86 مدرسة صحيح أن الآليات توقفت بعد تمهيد الشوارع وتململت.. وترددت وصحيح أنها لاتزال على مدخل الحي دون سبب واضح، لكن العزم معقود على المضي في التنفيذ ومعلوماتنا تشير الى أن أمطار السماء وأشياء أخرى هي التي تدخلت هذه المرة وليس موجة جفاء جديدة.. وأن الحي الذي طالما عاب عليه الناس وعلى رأسهم سائقو التكسي سوء شوارعه وتناثر المطبات والحفر عن اليمين والشمال سيغدو خلال الاسبوع القادم من أصحاب الشوارع المزفتة التي لاتتأفف السيارات من السير عليه، وربما تكون هذه إشارة ود لبدء صفحة جديدة بين الأم المستهترة والابن العاق.
سهام طلب
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد